Editor in Chief: Ismael  Alwaely

Editorial secretary: Samer  Al-Saedi

Journalist: Makram   Salih

Journalist: Saif  Alwaely

Journalist: Ibnyan   Azeezalqassab

Editor: Aboalhassan   Alwaely

Reporter: Abdulhameed   Alismaeel

مقالات وأبحاث
الاثنين, أيار 1, 2023
الثلاثاء, نيسان 25, 2023
الأربعاء, نيسان 19, 2023
السبت, نيسان 15, 2023
الجمعة, نيسان 1, 2022
الأحد, آذار 13, 2022
الأربعاء, شباط 16, 2022
الثلاثاء, شباط 15, 2022
السبت, حزيران 3, 2017
السبت, أيار 20, 2017
السبت, أيار 13, 2017
الجمعة, أيار 12, 2017
الاثنين, أيار 1, 2017
1
2
3
4
5
6
   
الطائفية في العراق.. منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة ولحد الان
الثلاثاء, أيلول 16, 2014
يوسف ثامر الربيعي

لايختلف اثنان في ان الخلاف الديني بين المذاهب والمدارس الاسلامية المختلفة موجود منذ الف واربعمئة سنة ..وهذه حقيقة لايمكن انكارها وتؤكدها كل كتب التاريخ..لكن استغلال هذا الخلاف له جذور هوالاخر بدأت منذ وصول الامويين للحكم حيث استغلوعامل العصبية القبلية في اثارة وديمومة الخلافات لأشغال الناس عن معارضتهم لهم خصوصاً بعد انحرافهم عن مسيرة الاسلام !!.. وفي التاريخ الحديث استغل العثمانيون هذا الشيء استغلالاً بشعاً تجسد في التعامل بعنصرية وتفرقة واضحتين مع الناس على اساس انتماءهم المذهبي..فاستغلت الدول الاستعمارية هذا الشيء في القضاء على الدولة العثمانية،من خلال اظهار التعاطف مع الطوائف المهمشة والمحاربة من قبل العثمانيين ..ونجحو في ذلك حتى سيطروعلى تركتهم المتمثلة بالدول العربية والاسلامية...وبعد ان تم لهم ما ارادو،اتبع الإنكليز في تعاملهم مع الشعوب المستعمرة سياستهم المشهورة (فرق تسد). وكانواً يعتمدون على الأقلية في أي بلد تحت سيطرتهم، وذلك من أجل خلق فجوة عميقة بين هذه الأقلية وبقية الشعب. فمن جهة، تؤدي هذه السياسة الى تفتيت الوحدة الوطنية وتجعل الشعب مفككاً وضعيفاً ولايقوى على المطالبة بحقوقه او النضال من اجلها . كذلك تجعل هذه الأقلية ضعيفة إزاء الأغلبية، ومن أجل استمرارها في السلطة، تضطر أن تعتمد على الدعم الخارجي (المستعمر) واضطهاد الأغلبية في الداخل. وبذلك تسهل سيطرة المستعمر على ذلك الشعب بربط ديمومة حكم النخبة مع مصالح المستعمرين.. وما زاد في اصرار بريطانيا على هذا التوجه في العراق ، هومالاقته على ايدي الاكثرية الشيعية التي ثارت عليهم بتوجيه من المرجعية في ذلك الوقت..فكانت ثورة العشرين التي انطلقت شرارتها من الجنوب ..حيث لقنتهم درساً قاسياً واذلت كبريائهم بل ودقت لديهم ناقوس الخطر من الشيعة كفكر وقوة يُخشى منها .. فبدأ تخطيطهم بمحاربة هذا الفكر من خلال استغلال جهل وعدم معرفة اكثرية اهل المحافظات السنية الغربية بالتاريخ ، من خلال تكريس مبدأ العروبة واعتباره اهم من الاسلام!! وهكذا جاءت فكرة اعتبار كل شيعي غير عربي..وظهرت اول مقولة بحقهم مع ولادة الدولة العراقية وهي (الشيعة عجم)!!، حيث ينقل الكاتب (حسن العلوي)في كتابه (الشيعة والدولة القومية) مقولة(كل شيعي هو إيراني) .. هذا القانون العام الذي استحدث لأول مرة على لسان السيد مزاحم الباججي( الذي تقلد عدة مناصب في العهد الملكي ابرزها رئاسة الوزراء ، ووالد وزير الخارجية الاسبق عدنان الباججي) ، في خطابه الذي ودع فيه الكولونيل ولسن -وكيل المندوب السامي البريطاني- بعد أن أجهز عسكرياً على ثورة العشرين ، رغم ان الباججي من جذور تركية !! اي غير عربي .. 
وقد بقيت تهمة التبعية الإيرانية سيفاً مسلطاً على رقاب الأغلبية العربية في نزع العروبة والمواطنة العراقية عنهم وتهجيرهم إلى إيران في أية لحظة ومتى ما شاءت السلطة، ابتداءً من حكومة (عبد المحسن السعدون) في العشرينيات ،التي نفت الشيخ (مهدي الخالصي)أحد قادة الجهاد ضد الإحتلال الإنكليزي وثورة العشرين إلى إيران بتهمة التبعية الإيرانية بالرغم من كونه من عشيرة بني أسد العربية، وانتهاءً بحكومة البعث التي نفت مئات الألوف من العراقيين الشيعة العرب والكرد الفيليين إلى إيران في السبعينات والثمانينات تكملة لذلك النهج الطائفي المتعسف.. ومنذ تاسيس اول حكومة وطنية برئاسة (عبد الرحمن النقيب) كانت الطائفية موجودة وبشكل واضح ، حيث لم تضم حكومته ولا وزير شيعي بينما ضمت وزيرا مسيحيا واخر يهوديا ! ، وحينما سُئِل (النقيب) عن ذلك ، قال ان الشيعة ليسو مسلمين ! مع العلم ان اصوله ترجع الى الشيخ الصوفي (عبد القادر الكيلاني) الفارسي الاصل!!.. ولذلك نستحضر هنا مقولة الامام علي بن ابي طالب (ع) (ماتعصب الا دخيل)!!.. فدائماً مايكون المتعصب في قضية ما دخيلاً عليها وليس له علاقة بها ...وفي قضيتنا هذه ترى كل دعاة الطائفية وخصوصاً ممن يتعصبون ضد الشيعة من اصول غير عربية بدأَ ب(ساطع الحصري) الذي رفض تعيين الشاعر الكبير (الجواهري) على ملاك وزارته ، عندما كان معاوناً لوزير المعارف(التربية) في عهد الملك فيصل الاول والسبب ..لأنه شيعي!!! رغم ان الملك قد اوصى به الا انه لم ينفذ الامر !! و(عبد المحسن السعدون) اللذان ماكانا يجيدا اللغة العربية بشكل جيد، وكانت لغتهم الاصلية التركية ، ومروراً ب(مزاحم الباججي)ذو الجذور التركية، و(طه الهاشمي) ذوالاصول القوقازية ، وانتهاءً بميشيل عفلق ذو الاصول اليهودية من البلقان !!!!..وبعد ثورة 14 تموز عام 1958 ، كان موقف الضباط القوميين والذين ينتمي غالبيتهم الى المحافظات الغربية معادياً للزعيم (عبد الكريم قاسم) ، رغم انه يعود في اصله الى اهل الغربية (اي انه ينحدر من عائلة سنية ، رغم حرصه على عدم رؤيته اثناء اداء فروضه الدينية، ومات ولم يره احد اثناء اداءالصلاة) ..لكنه بسبب تعاطفه مع اهل الجنوب(الشيعة) وبناءه المساكن لهم في مدينة الثورة ،وحرصه على اعطاءهم حقوقهم المشروعة كأكثرية من خلال دعوته لأجراء انتخابات ديمقراطية ، اتهم بأنه تشيع بسبب والدته (الشيعية) !!..وكان هذا هو السبب الرئيسي ، او(الجريمة)،الذي دعاهم للتحرك ضده ، مستترين بغطاءالشعارت القومية لخداع الشارع .. فدفع الرجل حياته ثمناً لتعاطفه مع الشيعة ، الى درجة رمي جثته بالنهر وعدم دفنها ..لكي يكون عبرة لكل من يفكر باعادة الحق الى اهله اما (عبد السلام عارف) الذي عرف بطائفيته المقيتة ، فكان هو الآخر يسمي الشيعة عجماً ! وجعل مبدأ النقاء العرقي والطائفي أساساً للتقرب إلى السلطة والمناصب الحكومية..حيث كان عارف رائد الحق العرقي والعزل المذهبي في العمل السياسي.. ولأول مرة يجري العمل بالهوية العرقية والطائفية علناً...بل اشتهر في عهده التقسيم الطائفي لاهل الجنوب المسمى (الشينات الثلاثة) (وهي الحروف الاولى لكلمات شيعي ،شيوعي ،شروكَي) لتمييزهم في التعيينات في الدوائر،وفي الامور الاخرى ايظاً..فأي شخص يحمل هذه الشينات الثلاثة ، فهومغضوب عليه   

وحتى حزب البعث عندما فكر بالوصول لسلطة عام1968، ابتعد عن التوجه القومي واعتمد الطائفية في عمله .. حيث اعاد هيكلته بالتخلص من كل شيعي فيه ، فكان التخلص من(فؤاد الركابي وعلي صالح السعدي وحازم جواد وهاني الفكيكي ومحسن الشيخ راضي) وغيرهم ..ومن خلال شهادة احد المشاركين في انقلاب 1968، وهو (ناصر الحاني) الذي كان وزير الخارجية بعد الانقلاب..حيث يذكر في كتابه (مذكرات ناصر الحاني -الوهم والحقيقة في إنقلاب 17 تموز، أن (احمد حسن البكر) قام بالإتصال ب(رجب عبد المجيد)(احد الضباط الاحرار) عن طريق الدكتور عزت مصطفى (وزير الصحة الاسبق) والإثنان من مدينة عانة ، حيث عرض عليه المشاركة معهم في الانقلاب ، إلا أن (رجب) إشترط مشاركة زميله (ناجي طالب)(احد الضباط الاحرار ورئيس وزراء سابق) معه على أن يكون نائباً لرئيس الجمهورية ، أي نائباً للبكر.! وقد أثار هذا الإقتراح حفيظة (البكر) الذي رد على (رجب) بأنه لا يعترض على دخول ناجي طالب ضمن المجموعة الوزارية إلا أنه يرفض إقتراح تعيينه نائباً للرئيس،لأن هذا سيشكل(سابقة) في أن يكون نائب الرئيس شيعياً وهذاغير مقبول!!... كما أشار الدكتور (جواد هاشم) وزير التخطيط بعد انقلاب 1968، في كتابه (مذكرات وزير في عهد البكر وصدام) إلى الكثير من الممارسات الطائفية في قيادة حزب البعث فيقول أنه كان يعتقد بأن لا وجود لأية ممارسة طائفية في العراق، سرية كانت أم علنية ويستنتج قائلاً: كنت مخطئاً ، بعد ان اكتشفت ان النعرة الطائفية موجودة، متخفيّة أحياناً وجلية أحياناً أخرى، تنمو وتترعرع متسترة بمختلف البراقع والأساليب، لتأخذ مجراها في الحياة العملية. ولديه الكثير من الشواهد على ذلك..منها ، أنه دعيِ مرة للقاء الرئيس البكر، فدخل أولاً مكتب (حامد الجبوري)، وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية، فوجد وزيرين آخرين هما(الدكتور احمد عبدالستار الجواري) وزير التربية ،و(الفريق حماد شهاب التكريتي)، وزير الدفاع وعضو مجلس قيادة الثورة ويبدو أنهما كانا في حديث عن محافظات العراق..حيث قال (حماد شهاب) ل(الجواري) أن جميع سكان المنطقة التي تقع بين المحمودية وجنوب العراق هم (عجم)!!، ولا بد من التخلص منهم لتنقية الدم العربي العراقي!. واستغرب الدكتور(جواد) من هذا الكلام فوجه كلامه الى (حماد شهاب) قائلاً : فريق حماد، أنا من مدينة (عين التمر) التابعة ل(كربلاء)، و(حامد الجبوري) من (الحلة)، فهل يعني أننا عجميان؟!، أم أنك تقصد شيئاً آخر؟ فتردد (شهاب)في الإجابة،وتدخل (الجواري) محاولاً تصحيح ما تفوَّه به شهاب ولكن الدكتور(جواد هاشم) انزعج إلى حد أنه التقط ورقة وكتب استقالته ولما قابل الرئيس(البكر)، رآه منزعجاً فسأله عن سبب انزعاجه، فأخبره بما حصل مع (حماد شهاب)، وقدم ورقة الاستقالة، فقرأها الرئيس البكر ثم ابتسم، محاولاً تهدئته وقال ضاحكاً: (حماد حمار!!)، ثم مزق ورقة الاستقالة .. كما يذكر د. (جواد هاشم) في مذكراته ، أن (صالح مهدي عماش) كان أقلهم طائفية، وربما بسبب والدته التي كانت من الطائفة الشيعية، وتربى في منطقة شيعية .. فيذكر المؤلف أن (عماش) والذي كان وزيراً للداخلية آنذاك ، أراد إعادة تصنيف (الأضابير القديمة ذات الخيط الأخضر المتوارثة من العهد العثماني) ، وهي ملفات كبار موظفي الدولة المحفوظة لدى مديرية الأمن العامة.. والغريب هو طريقة ترقيم هذه الملفات، فبعد رقم الملف يوجد خط مائل يعقبه الحرف (س) أو (ش) أو (ص)أو (م). فعرفت ان هذه الرموز هي لتقسيم الناس على اساس طائفي ، حيث أن هذه الحروف ماهي الا الحرف الأول من الكلمة التي تدل على الطائفة يعني "سنياً" والثاني "شيعياً" والثالث "صابئياً" ، أما الحرف الأخير (م) فيشير إلى أن الملف يعود إلى "مسيحي"!!.. وحتى عندما اجهزالبعثيون على الشيوعيين في نهاية السبعينيات ، تعاملومعهم اثناء تعقبهم لهم على اساس طائفي .. فكان اكثر الضحايا الذين تعرضوللتعذيب من اهالي الجنوب ..اما الشيوعيون من المحافظات الغربية فلم يعانو كأقرانهم..واتذكر جيداً عندما كنت اعمل في محافظة الانبار ..ذهبت بنفسي الى بعض الاقضية ، مثل هيت وعانة وراوة ، التي كان بها نسبة من الشيوعيين لكنهم لم يصابو بأي اذى ، ويكفي ان اسماءهم هي الدليل على براءتهم!!، ومنهم قادة الحزب الشيوعي في ذلك الوقت الذين كان جميعم اما من الغربية او اكراداً ينتمون الى السنة !!(امثال عامر عبدالله الراوي ، وثابت حبيب العاني ، والاكراد ..مكرم الطالباني ، وعزيز محمد ، وبهاءالدين نوري ، وفخري كريم ، وغيرهم) لذا خرجوسالمين من العراق وبعلم السلطات ولم يتعرض لهم احد ..لانه ببساطة لم يكن بينهم شيعي!!.. وبالمناسبة فأن الاعلامي الشيوعي الراحل شمران الياسري ، المعروف بأسم(ابوكاطع)وهو من اهالي الناصرية ، كان قد تنبأ وتوقع ماسيحدث من قبل البعثيين بحقهم من خلال مقالاته في صحيفة(طريق الشعب) في منتصف السبعينيات وحذر الشيوعيين من هذا المخطط ، لكنه حورب من قبلهم!! ، وتم ارساله (او نفيه) الى (جيكوسلفاكيا السابقة) ثم قتله والتخلص منه بحادث سيارة فيما بعد !! بعد ان تحقق كل ماتوقعه وانكشف كل شيء.. واتذكر احد الاصدقاء من الشيوعيين ، وهومن اهل الجنوب ، كنى نفسه (ابوعمر) في منتصف السبعينيات كدرع وقاية ، وكأنه كان يعرف ماسيحصل لهم فيما بعد ، فانقذته هذه الكنية من كلاب الامن والمخابرات ولم يلقى القبض عليه ولم يلاحق ابداً ، ليتمكن بعد ذلك من السفر الى خارج العراق بسهولة !!.. وبالمناسبة ، فأن الكاتب (حسن العلوي) في كتابه(الشيعة والدولة القومية) قال ، ان عدد من معتنقي الفكر الشيعي سعو الى تسمية ابناءهم بأسماء رموز اهل السنة ليس حباً او عن قناعة ، بل أتقاءً لشر الحاكم السني المتسلط على رقابهم !!!.. وكدليل اخر على طائفية البعثيين ، ينقل الكاتب (حسن العلوي) وهو بعثي سابق عن أخيه الباحث المرحوم(هادي العلوي) ، الذي كان في العاصمة الصينية(بكين) في الثمانينات ، الحادثة التالية ..
في حديث له مع مندوب منظمة التحرير الفلسطينية (الطيب عبد الرحيم أحمد) اخبره ، انه سأل السفير العراقي في (بكين) الدكتور(عيسى سلمان التكريتي) من هم الأكثر في العراق.. السنة أم الشيعة ؟ فأجاب الدكتور(عيسى): ان العجم أكثر من العرب في العراق!. لكن إذا اجتمع الأكراد والعرب، فسيكونون أكثر من العجم. فسأله هل يعني ان الشيعة في العراق عجم؟ قال السفير: نعم ، فسأله(الطيب عبد الرحيم) قائلاً : لكنهم موجودون في الحزب بكثرة على ما أعلم.. وانتم في حرب مع الإيرانيين، فكيف ينسجم هذا مع ذاك ؟ اجابه الدكتور(عيسى سلمان): ان القيادة تأخذ الإحتياطات اللازمة وتعرف كيف تتصرف مع الشيعة في الحزب والدولة فلا تقلق..ويعلق (حسن العلوي) على ذلك قائلاً : إن ما يقوله الدكتور(عيسى سلمان) وهو من المثقفين المختصين بالآثار والمعروفين بالإعتدال، ليس وجهة نظر شخصية، بل هو تعبير عن تيار عام في المشروع القومي الرسمي يتكرر على لسان المتحدثين في المجالس الخاصة ، ويصدر إلى الصحفيين والدبلوماسيين العرب في اللقاءات الثنائية..  

 

كما لاننسى ماقام به (صدام) من محاولات لتغييرالبناء الديموغرافي للمجتمع من خلال عملية تسفير العوائل الفيلية الشيعية بحجة تبعيتها الايرانية ، ثم قيامه بالحرب مع ايران عام 1980 ، بهدف ارسال الشيعة من اهل الجنوب الى محرقتها ..ولكنه عندما اكتشف بعد نهاية الحرب انها لم تأخذ كثيراً منهم رغم ان الضحايا كانواكثر من مليون قرر خوض حربٍ اخرى من خلال اجتياحه للكويت عام 1990،..وفي الانتفاضة الشعبانية عام 1991، كان الجنوب العراقي يريد إنقاذ العراق من دكتاتورية البعث، ولولا الموقف الأميركي والعربي لانهار النظام منذ ذلك التاريخ، لكن السعودية وغيرها من الحكومات الطائفية العربية أقنعت الرئيس الأميركي بوش الأب بأن سقوط صدام بهذه الانتفاضة يعني حكم الشيعة للعراق وهو أمر مرفوض بشدة ، كما ان المحافظات الغربية فكرت في الانظمام للانتفاضة بتحرك بعض اقضيتها ونواحيها ، ولكنهم تراجعوعن ذلك بعدماعلمو بانتفاضة اهل الجنوب ، فرفعوشعار (عدوعدوي ..صديقي) وقررو الوقوف مع النظام !!!.. وبدأت عملية القمع الوحشي لمناطق الشيعة، حيث اقتحمتها دبابات الجيش وقد كتب عليها عبارة (لا شيعة بعد اليوم)، وكان هذا الشعار يعبر عن التوجه العام للنظام البعثي مدعوماً بتوجه باهل المحافظات الغربية ، وكذلك توجهات الدول العربية...وبعد الانتفاضة اعلن الرئيس المصري المعزول (حسني مبارك)، ان الديمقراطية في العراق تعني حكم الشيعة،وعليه لا بد ان تمنع امريكا ذلك..تلاه بعد فترة وجيزة ملك الأردن،محذراً من الهلال الشيعي..فيما يقبع هو تحت نجمة داوود الاسرائيلية!!..ولكي نعرف مدى الحقد الاسود ضد الشيعة ، اروي هذه حكاية التي سمعتها من شخص تكريتي كان في يوم ما ضابطاً في جهاز الامن الخاص . ولكن بعد ذلك أصبح من المغضوب عليهم ، لكون بن عمه اتهم بالتآمر ضد صدام حسين للاطاحة به فهرب الى خارج العراق ..حيث يقول انهم بعد ان انهو دورة التدريب ،استلمو مهامهم بتعذيب السجناء السياسيين أثناء إلاستجواب . وخصوصاً اولئك الاصلاب منهم والذين لا يتعاونون مع التحقيق ، وكان اغلبهم من الشيعة ، حيث كانو يفهموهم ان هؤلاء الشيعة فئة غير صالحة ، ويريدون تحطيم الدين الإسلامي ويريدون القضاء على اهل السنة من خلال سعيهم لاسقاط الرمز وهو الرئيس صدام حسين ، وهؤلاء لقطاء وملحدون لاايمان لهم، لذا فهم يستحقون التعذيب واكثر من ذلك.. وقد دربوهم على كيفية تعذيبهم في السجن بأقسى الطرق .. وبعد ذلك كان الضباط يأخذوهم كل ليلة إلى بعض الملاهي الليليه في بغداد ، ويجلسوهم للتفرج على النساء اللواتي يكُنَ في حالة سكر وشبه عاريات ويرقصن ويغنين . ويسمحو لهم بممارس الجنس معهن . ويقولوا لهم بأن اولئك المومسات هن زوجات رجال الشيعة المسجونين . وان ازواجهم لا يبالون في ان زوجاتهم يرقصن في الملاهي لان ذلك عند الشيعة حلال ، فهم لا يخجلون ان تعمل نساؤهم راقصات، ويجب علينا الانتقام منهم جميعا!!!..فأي حقارة ونذالة اسوء من هذه!!.. وبعد سقوط النظام عام 2003، وخلال اسابيع قليلة برزت في العراق منطقة (مثلث الموت) حيث كان الشيعة يقتلون على الهوية على يد جماعات من السنة الطائفيين، ويومذاك لم تكن الجماعات الإرهابية قد تشكلت على النحو المنظم المدعوم إقليمياً كما حدث في السنوات التالية .. وبدأت التفجيرات تظهر في مناطق الشيعة، وصار الشيعة هدفاً لبندقية القناص، وتحولت حسينياتهم ومساجدهم وتجمعاتهم الى مقصد لسيارات التكفيريين واحزمتهم الناسفة..وطوال تلك السنوات لم يكن قادة الكتل السنية، يدينون هذا الإجرام الطائفي والتكفيري، بل كانوا يملأون الفضائيات شكوى من التهميش والاقصاء. وهي العبارة التي تعني في حقيقتها عدم توليهم حكم العراق حكماً مطلقاً.. فالتهميش في قاموس تلك الكتل يعني وجود الشيعة في الحكم!!.. وبالوقت الذي تزداد فيه التفجيرات ضد الشيعة ، اصدر رجال الدين من وهابيين وسلفيين، فتاوى بتكفير الشيعة، وانهم أسوأ من اليهود، ومع ذلك لم يكلف اي رجل دين سني نفسه بشجب هذه الفتاوى واستنكارها، لأنها كانت تلقى هوى في نفوسهم.. ثم جاء تنظيم (داعش) الى المشهد السياسي والعسكري في سوريا والعراق، وكان الهدف قتل الشيعة بلا رحمة.. فسيطر على اجزاء من سوريا، ثم اجزاء من العراق، وانضمت اليه عشائر من السنة، فيما كان الدعم الخليجي والتركي يزداد يوماً بعد يوم. فحدثت المجازر والمذابح وعمليات التهجير...ثم كانت فاجعة قاعدة سبايكر(التي كانت القشة التي قصمت ظهر البعير) مثلما يقولون ، حيث أكثر من 1700 شاب شيعي تم قتلهم على يد افراد من عشائر سنية في تكريت وما حولها، وكانت المشاهد من البشاعة بحيث لا يمكن تصورها. ولا يزال مئات من الشباب الشيعة رهائن في تلك المناطق لا يعرف مصيرهم!!... لذا،فليس غريباً ولاشاذاً ان يظهر في زماننا هذا ، ونحن في عام 2014، من يؤكد النظرة الطائفية لأهل المحافظات الغربية السنية ، ويكمل مابدأه اسلافه من سلوك بحق اهل الجنوب الشيعة ... فقد ذكر محافظ نينوى ، والقيادي في ائتلاف متحدون(اثيل النجيفي) شقيق رئيس البرلمان السابق ونائب رئيس الجمهورية حالياً(اسامة النجيفي) في رده على سؤال بخصوص اهل الجنوب قائلاً : لا شي يربطنا مع الجنوب لا لغة ولا دينا ولاثقافة ولا جنسا !!.. فهم فرس وهنود ونحن عرب !!.. وأضاف (النجيفي) في لقاء متلفز قائلاً : انتماءنا الاول هو للسنة وليس للعراق !! ويجب ان ننفصل بكل معاني الكلمة لكن نأخذ مواردنا من الجنوب !!مناشداً السعودية وقطر وتركيا بتقديم الدعم اليه !! اذن ، لنواجه الواقع بكل شجاعة ونبتعد عن طريقة النعامة في غرس الرأس بالتراب ، فالطائفية حقيقة ملموسة وموجودة ..والسنة في العراق وبعد ان كذبوعلى انفسهم وصدقو كذبتهم في انهم العرب الوحيدون في العراق ، يرون ان الوطن بالنسبة لهم هو وجودهم فقط ، ولاشيء غيره ، وماكلام (اثيل النجيفي) حول اولوية انتماءهم الا واحداً من عشرات الادلة التي تؤكد كلامنا ..وعلى مدى قرن تقريباً من تاريخنا الحديث كان الشيعة هم الخاسر،والمتضرر الاكبر دوما َ، رغم انهم لم يطمعو في سلطة ، بل كل ما كان يسعون اليه هو حقوقهم في هذا البلد كمواطنين وكأكثرية..والمشكلة تكمن في ان الطرف الاخر لايريدهم ولايستسيغهم .. فالامور اضحت واضحة وعلى المحك ، وماذكرته من امثلة يؤكد كلامي ، وكل ماحصل على مدار التاريخ الحديث يؤكد ان التعايش بين الطرفين لم يعد ممكناً ، ويجب على الجميع البحث عن حلول ناجعة لهذه المشكلة الازلية المستعصية التي ازهقت ارواح الالاف من الابرياء ، والتي ستستمر وستلطخ مستقبلنا بالمزيد من الدماء ان لم تحل ..فلسنا بحاجة الى وطنٌ يبنى على اشلاء ودماء الابرياء ..فماذا انتم فاعلون يااهل الوسط والجنوب ؟؟ ومتى تنتهي مأساتكم ؟؟ فشركاءكم في الوطن لايريدوكم ويتحينون الفرص للقضاء عليكم !!..فهل ستبقون ملكيين اكثر من الملك؟؟..

 

حقدٌ وكرهٌ متأصلين ..وحقوقٌ مصادرة

 

لايختلف اثنان في ان الخلاف الديني بين المذاهب والمدارس الاسلامية المختلفة موجود منذ الف واربعمئة سنة ..وهذه حقيقة لايمكن انكارها وتؤكدها كل كتب التاريخ..لكن استغلال هذا الخلاف له جذور هوالاخر بدأت منذ وصول الامويين للحكم حيث استغلوعامل العصبية القبلية في اثارة وديمومة الخلافات لأشغال الناس عن معارضتهم لهم خصوصاً بعد انحرافهم عن مسيرة الاسلام !!.. وفي التاريخ الحديث استغل العثمانيون هذا الشيء استغلالاً بشعاً تجسد في التعامل بعنصرية وتفرقة واضحتين مع الناس على اساس انتماءهم المذهبي..فاستغلت الدول الاستعمارية هذا الشيء في القضاء على الدولة العثمانية،من خلال اظهار التعاطف مع الطوائف المهمشة والمحاربة من قبل العثمانيين ..ونجحو في ذلك حتى سيطروعلى تركتهم المتمثلة بالدول العربية والاسلامية...وبعد ان تم لهم ما ارادو،اتبع الإنكليز في تعاملهم مع الشعوب المستعمرة سياستهم المشهورة (فرق تسد). وكانواً يعتمدون على الأقلية في أي بلد تحت سيطرتهم، وذلك من أجل خلق فجوة عميقة بين هذه الأقلية وبقية الشعب. فمن جهة، تؤدي هذه السياسة الى تفتيت الوحدة الوطنية وتجعل الشعب مفككاً وضعيفاً ولايقوى على المطالبة بحقوقه او النضال من اجلها . كذلك تجعل هذه الأقلية ضعيفة إزاء الأغلبية، ومن أجل استمرارها في السلطة، تضطر أن تعتمد على الدعم الخارجي (المستعمر) واضطهاد الأغلبية في الداخل. وبذلك تسهل سيطرة المستعمر على ذلك الشعب بربط ديمومة حكم النخبة مع مصالح المستعمرين.. وما زاد في اصرار بريطانيا على هذا التوجه في العراق ، هومالاقته على ايدي الاكثرية الشيعية التي ثارت عليهم بتوجيه من المرجعية في ذلك الوقت..فكانت ثورة العشرين التي انطلقت شرارتها من الجنوب ..حيث لقنتهم درساً قاسياً واذلت كبريائهم بل ودقت لديهم ناقوس الخطر من الشيعة كفكر وقوة يُخشى منها .. فبدأ تخطيطهم بمحاربة هذا الفكر من خلال استغلال جهل وعدم معرفة اكثرية اهل المحافظات السنية الغربية بالتاريخ ، من خلال تكريس مبدأ العروبة واعتباره اهم من الاسلام!! وهكذا جاءت فكرة اعتبار كل شيعي غير عربي..وظهرت اول مقولة بحقهم مع ولادة الدولة العراقية وهي (الشيعة عجم)!!، حيث ينقل الكاتب (حسن العلوي)في كتابه (الشيعة والدولة القومية) مقولة(كل شيعي هو إيراني) .. هذا القانون العام الذي استحدث لأول مرة على لسان السيد مزاحم الباججي( الذي تقلد عدة مناصب في العهد الملكي ابرزها رئاسة الوزراء ، ووالد وزير الخارجية الاسبق عدنان الباججي) ، في خطابه الذي ودع فيه الكولونيل ولسن -وكيل المندوب السامي البريطاني- بعد أن أجهز عسكرياً على ثورة العشرين ، رغم ان الباججي من جذور تركية !! اي غير عربي .. 
وقد بقيت تهمة التبعية الإيرانية سيفاً مسلطاً على رقاب الأغلبية العربية في نزع العروبة والمواطنة العراقية عنهم وتهجيرهم إلى إيران في أية لحظة ومتى ما شاءت السلطة، ابتداءً من حكومة (عبد المحسن السعدون) في العشرينيات ،التي نفت الشيخ (مهدي الخالصي)أحد قادة الجهاد ضد الإحتلال الإنكليزي وثورة العشرين إلى إيران بتهمة التبعية الإيرانية بالرغم من كونه من عشيرة بني أسد العربية، وانتهاءً بحكومة البعث التي نفت مئات الألوف من العراقيين الشيعة العرب والكرد الفيليين إلى إيران في السبعينات والثمانينات تكملة لذلك النهج الطائفي المتعسف.. ومنذ تاسيس اول حكومة وطنية برئاسة (عبد الرحمن النقيب) كانت الطائفية موجودة وبشكل واضح ، حيث لم تضم حكومته ولا وزير شيعي بينما ضمت وزيرا مسيحيا واخر يهوديا ! ، وحينما سُئِل (النقيب) عن ذلك ، قال ان الشيعة ليسو مسلمين ! مع العلم ان اصوله ترجع الى الشيخ الصوفي (عبد القادر الكيلاني) الفارسي الاصل!!.. ولذلك نستحضر هنا مقولة الامام علي بن ابي طالب (ع) (ماتعصب الا دخيل)!!.. فدائماً مايكون المتعصب في قضية ما دخيلاً عليها وليس له علاقة بها ...وفي قضيتنا هذه ترى كل دعاة الطائفية وخصوصاً ممن يتعصبون ضد الشيعة من اصول غير عربية بدأَ ب(ساطع الحصري) الذي رفض تعيين الشاعر الكبير (الجواهري) على ملاك وزارته ، عندما كان معاوناً لوزير المعارف(التربية) في عهد الملك فيصل الاول والسبب ..لأنه شيعي!!! رغم ان الملك قد اوصى به الا انه لم ينفذ الامر !! و(عبد المحسن السعدون) اللذان ماكانا يجيدا اللغة العربية بشكل جيد، وكانت لغتهم الاصلية التركية ، ومروراً ب(مزاحم الباججي)ذو الجذور التركية، و(طه الهاشمي) ذوالاصول القوقازية ، وانتهاءً بميشيل عفلق ذو الاصول اليهودية من البلقان !!!!..وبعد ثورة 14 تموز عام 1958 ، كان موقف الضباط القوميين والذين ينتمي غالبيتهم الى المحافظات الغربية معادياً للزعيم (عبد الكريم قاسم) ، رغم انه يعود في اصله الى اهل الغربية (اي انه ينحدر من عائلة سنية ، رغم حرصه على عدم رؤيته اثناء اداء فروضه الدينية، ومات ولم يره احد اثناء اداءالصلاة) ..لكنه بسبب تعاطفه مع اهل الجنوب(الشيعة) وبناءه المساكن لهم في مدينة الثورة ،وحرصه على اعطاءهم حقوقهم المشروعة كأكثرية من خلال دعوته لأجراء انتخابات ديمقراطية ، اتهم بأنه تشيع بسبب والدته (الشيعية) !!..وكان هذا هو السبب الرئيسي ، او(الجريمة)،الذي دعاهم للتحرك ضده ، مستترين بغطاءالشعارت القومية لخداع الشارع .. فدفع الرجل حياته ثمناً لتعاطفه مع الشيعة ، الى درجة رمي جثته بالنهر وعدم دفنها ..لكي يكون عبرة لكل من يفكر باعادة الحق الى اهله اما (عبد السلام عارف) الذي عرف بطائفيته المقيتة ، فكان هو الآخر يسمي الشيعة عجماً ! وجعل مبدأ النقاء العرقي والطائفي أساساً للتقرب إلى السلطة والمناصب الحكومية..حيث كان عارف رائد الحق العرقي والعزل المذهبي في العمل السياسي.. ولأول مرة يجري العمل بالهوية العرقية والطائفية علناً...بل اشتهر في عهده التقسيم الطائفي لاهل الجنوب المسمى (الشينات الثلاثة) (وهي الحروف الاولى لكلمات شيعي ،شيوعي ،شروكَي) لتمييزهم في التعيينات في الدوائر،وفي الامور الاخرى ايظاً..فأي شخص يحمل هذه الشينات الثلاثة ، فهومغضوب عليه

 

وحتى حزب البعث عندما فكر بالوصول لسلطة عام1968، ابتعد عن التوجه القومي واعتمد الطائفية في عمله .. حيث اعاد هيكلته بالتخلص من كل شيعي فيه ، فكان التخلص من(فؤاد الركابي وعلي صالح السعدي وحازم جواد وهاني الفكيكي ومحسن الشيخ راضي) وغيرهم ..ومن خلال شهادة احد المشاركين في انقلاب 1968، وهو (ناصر الحاني) الذي كان وزير الخارجية بعد الانقلاب..حيث يذكر في كتابه (مذكرات ناصر الحاني -الوهم والحقيقة في إنقلاب 17 تموز، أن (احمد حسن البكر) قام بالإتصال ب(رجب عبد المجيد)(احد الضباط الاحرار) عن طريق الدكتور عزت مصطفى (وزير الصحة الاسبق) والإثنان من مدينة عانة ، حيث عرض عليه المشاركة معهم في الانقلاب ، إلا أن (رجب) إشترط مشاركة زميله (ناجي طالب)(احد الضباط الاحرار ورئيس وزراء سابق) معه على أن يكون نائباً لرئيس الجمهورية ، أي نائباً للبكر.! وقد أثار هذا الإقتراح حفيظة (البكر) الذي رد على (رجب) بأنه لا يعترض على دخول ناجي طالب ضمن المجموعة الوزارية إلا أنه يرفض إقتراح تعيينه نائباً للرئيس،لأن هذا سيشكل(سابقة) في أن يكون نائب الرئيس شيعياً وهذاغير مقبول!!... كما أشار الدكتور (جواد هاشم) وزير التخطيط بعد انقلاب 1968، في كتابه (مذكرات وزير في عهد البكر وصدام) إلى الكثير من الممارسات الطائفية في قيادة حزب البعث فيقول أنه كان يعتقد بأن لا وجود لأية ممارسة طائفية في العراق، سرية كانت أم علنية ويستنتج قائلاً: كنت مخطئاً ، بعد ان اكتشفت ان النعرة الطائفية موجودة، متخفيّة أحياناً وجلية أحياناً أخرى، تنمو وتترعرع متسترة بمختلف البراقع والأساليب، لتأخذ مجراها في الحياة العملية. ولديه الكثير من الشواهد على ذلك..منها ، أنه دعيِ مرة للقاء الرئيس البكر، فدخل أولاً مكتب (حامد الجبوري)، وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية، فوجد وزيرين آخرين هما(الدكتور احمد عبدالستار الجواري) وزير التربية ،و(الفريق حماد شهاب التكريتي)، وزير الدفاع وعضو مجلس قيادة الثورة ويبدو أنهما كانا في حديث عن محافظات العراق..حيث قال (حماد شهاب) ل(الجواري) أن جميع سكان المنطقة التي تقع بين المحمودية وجنوب العراق هم (عجم)!!، ولا بد من التخلص منهم لتنقية الدم العربي العراقي!. واستغرب الدكتور(جواد) من هذا الكلام فوجه كلامه الى (حماد شهاب) قائلاً : فريق حماد، أنا من مدينة (عين التمر) التابعة ل(كربلاء)، و(حامد الجبوري) من (الحلة)، فهل يعني أننا عجميان؟!، أم أنك تقصد شيئاً آخر؟ فتردد (شهاب)في الإجابة،وتدخل (الجواري) محاولاً تصحيح ما تفوَّه به شهاب ولكن الدكتور(جواد هاشم) انزعج إلى حد أنه التقط ورقة وكتب استقالته ولما قابل الرئيس(البكر)، رآه منزعجاً فسأله عن سبب انزعاجه، فأخبره بما حصل مع (حماد شهاب)، وقدم ورقة الاستقالة، فقرأها الرئيس البكر ثم ابتسم، محاولاً تهدئته وقال ضاحكاً: (حماد حمار!!)، ثم مزق ورقة الاستقالة .. كما يذكر د. (جواد هاشم) في مذكراته ، أن (صالح مهدي عماش) كان أقلهم طائفية، وربما بسبب والدته التي كانت من الطائفة الشيعية، وتربى في منطقة شيعية .. فيذكر المؤلف أن (عماش) والذي كان وزيراً للداخلية آنذاك ، أراد إعادة تصنيف (الأضابير القديمة ذات الخيط الأخضر المتوارثة من العهد العثماني) ، وهي ملفات كبار موظفي الدولة المحفوظة لدى مديرية الأمن العامة.. والغريب هو طريقة ترقيم هذه الملفات، فبعد رقم الملف يوجد خط مائل يعقبه الحرف (س) أو (ش) أو (ص)أو (م). فعرفت ان هذه الرموز هي لتقسيم الناس على اساس طائفي ، حيث أن هذه الحروف ماهي الا الحرف الأول من الكلمة التي تدل على الطائفة يعني "سنياً" والثاني "شيعياً" والثالث "صابئياً" ، أما الحرف الأخير (م) فيشير إلى أن الملف يعود إلى "مسيحي"!!.. وحتى عندما اجهزالبعثيون على الشيوعيين في نهاية السبعينيات ، تعاملومعهم اثناء تعقبهم لهم على اساس طائفي .. فكان اكثر الضحايا الذين تعرضوللتعذيب من اهالي الجنوب ..اما الشيوعيون من المحافظات الغربية فلم يعانو كأقرانهم..واتذكر جيداً عندما كنت اعمل في محافظة الانبار ..ذهبت بنفسي الى بعض الاقضية ، مثل هيت وعانة وراوة ، التي كان بها نسبة من الشيوعيين لكنهم لم يصابو بأي اذى ، ويكفي ان اسماءهم هي الدليل على براءتهم!!، ومنهم قادة الحزب الشيوعي في ذلك الوقت الذين كان جميعم اما من الغربية او اكراداً ينتمون الى السنة !!(امثال عامر عبدالله الراوي ، وثابت حبيب العاني ، والاكراد ..مكرم الطالباني ، وعزيز محمد ، وبهاءالدين نوري ، وفخري كريم ، وغيرهم) لذا خرجوسالمين من العراق وبعلم السلطات ولم يتعرض لهم احد ..لانه ببساطة لم يكن بينهم شيعي!!.. وبالمناسبة فأن الاعلامي الشيوعي الراحل شمران الياسري ، المعروف بأسم(ابوكاطع)وهو من اهالي الناصرية ، كان قد تنبأ وتوقع ماسيحدث من قبل البعثيين بحقهم من خلال مقالاته في صحيفة(طريق الشعب) في منتصف السبعينيات وحذر الشيوعيين من هذا المخطط ، لكنه حورب من قبلهم!! ، وتم ارساله (او نفيه) الى (جيكوسلفاكيا السابقة) ثم قتله والتخلص منه بحادث سيارة فيما بعد !! بعد ان تحقق كل ماتوقعه وانكشف كل شيء.. واتذكر احد الاصدقاء من الشيوعيين ، وهومن اهل الجنوب ، كنى نفسه (ابوعمر) في منتصف السبعينيات كدرع وقاية ، وكأنه كان يعرف ماسيحصل لهم فيما بعد ، فانقذته هذه الكنية من كلاب الامن والمخابرات ولم يلقى القبض عليه ولم يلاحق ابداً ، ليتمكن بعد ذلك من السفر الى خارج العراق بسهولة !!.. وبالمناسبة ، فأن الكاتب (حسن العلوي) في كتابه(الشيعة والدولة القومية) قال ، ان عدد من معتنقي الفكر الشيعي سعو الى تسمية ابناءهم بأسماء رموز اهل السنة ليس حباً او عن قناعة ، بل أتقاءً لشر الحاكم السني المتسلط على رقابهم !!!.. وكدليل اخر على طائفية البعثيين ، ينقل الكاتب (حسن العلوي) وهو بعثي سابق عن أخيه الباحث المرحوم(هادي العلوي) ، الذي كان في العاصمة الصينية(بكين) في الثمانينات ، الحادثة التالية ..
في حديث له مع مندوب منظمة التحرير الفلسطينية (الطيب عبد الرحيم أحمد) اخبره ، انه سأل السفير العراقي في (بكين) الدكتور(عيسى سلمان التكريتي) من هم الأكثر في العراق.. السنة أم الشيعة ؟ فأجاب الدكتور(عيسى): ان العجم أكثر من العرب في العراق!. لكن إذا اجتمع الأكراد والعرب، فسيكونون أكثر من العجم. فسأله هل يعني ان الشيعة في العراق عجم؟ قال السفير: نعم ، فسأله(الطيب عبد الرحيم) قائلاً : لكنهم موجودون في الحزب بكثرة على ما أعلم.. وانتم في حرب مع الإيرانيين، فكيف ينسجم هذا مع ذاك ؟ اجابه الدكتور(عيسى سلمان): ان القيادة تأخذ الإحتياطات اللازمة وتعرف كيف تتصرف مع الشيعة في الحزب والدولة فلا تقلق..ويعلق (حسن العلوي) على ذلك قائلاً : إن ما يقوله الدكتور(عيسى سلمان) وهو من المثقفين المختصين بالآثار والمعروفين بالإعتدال، ليس وجهة نظر شخصية، بل هو تعبير عن تيار عام في المشروع القومي الرسمي يتكرر على لسان المتحدثين في المجالس الخاصة ، ويصدر إلى الصحفيين والدبلوماسيين العرب في اللقاءات الثنائية..  

 

كما لاننسى ماقام به (صدام) من محاولات لتغييرالبناء الديموغرافي للمجتمع من خلال عملية تسفير العوائل الفيلية الشيعية بحجة تبعيتها الايرانية ، ثم قيامه بالحرب مع ايران عام 1980 ، بهدف ارسال الشيعة من اهل الجنوب الى محرقتها ..ولكنه عندما اكتشف بعد نهاية الحرب انها لم تأخذ كثيراً منهم رغم ان الضحايا كانواكثر من مليون قرر خوض حربٍ اخرى من خلال اجتياحه للكويت عام 1990،..وفي الانتفاضة الشعبانية عام 1991، كان الجنوب العراقي يريد إنقاذ العراق من دكتاتورية البعث، ولولا الموقف الأميركي والعربي لانهار النظام منذ ذلك التاريخ، لكن السعودية وغيرها من الحكومات الطائفية العربية أقنعت الرئيس الأميركي بوش الأب بأن سقوط صدام بهذه الانتفاضة يعني حكم الشيعة للعراق وهو أمر مرفوض بشدة ، كما ان المحافظات الغربية فكرت في الانظمام للانتفاضة بتحرك بعض اقضيتها ونواحيها ، ولكنهم تراجعوعن ذلك بعدماعلمو بانتفاضة اهل الجنوب ، فرفعوشعار (عدوعدوي ..صديقي) وقررو الوقوف مع النظام !!!.. وبدأت عملية القمع الوحشي لمناطق الشيعة، حيث اقتحمتها دبابات الجيش وقد كتب عليها عبارة (لا شيعة بعد اليوم)، وكان هذا الشعار يعبر عن التوجه العام للنظام البعثي مدعوماً بتوجه باهل المحافظات الغربية ، وكذلك توجهات الدول العربية...وبعد الانتفاضة اعلن الرئيس المصري المعزول (حسني مبارك)، ان الديمقراطية في العراق تعني حكم الشيعة،وعليه لا بد ان تمنع امريكا ذلك..تلاه بعد فترة وجيزة ملك الأردن،محذراً من الهلال الشيعي..فيما يقبع هو تحت نجمة داوود الاسرائيلية!!..ولكي نعرف مدى الحقد الاسود ضد الشيعة ، اروي هذه حكاية التي سمعتها من شخص تكريتي كان في يوم ما ضابطاً في جهاز الامن الخاص . ولكن بعد ذلك أصبح من المغضوب عليهم ، لكون بن عمه اتهم بالتآمر ضد صدام حسين للاطاحة به فهرب الى خارج العراق ..حيث يقول انهم بعد ان انهو دورة التدريب ،استلمو مهامهم بتعذيب السجناء السياسيين أثناء إلاستجواب . وخصوصاً اولئك الاصلاب منهم والذين لا يتعاونون مع التحقيق ، وكان اغلبهم من الشيعة ، حيث كانو يفهموهم ان هؤلاء الشيعة فئة غير صالحة ، ويريدون تحطيم الدين الإسلامي ويريدون القضاء على اهل السنة من خلال سعيهم لاسقاط الرمز وهو الرئيس صدام حسين ، وهؤلاء لقطاء وملحدون لاايمان لهم، لذا فهم يستحقون التعذيب واكثر من ذلك.. وقد دربوهم على كيفية تعذيبهم في السجن بأقسى الطرق .. وبعد ذلك كان الضباط يأخذوهم كل ليلة إلى بعض الملاهي الليليه في بغداد ، ويجلسوهم للتفرج على النساء اللواتي يكُنَ في حالة سكر وشبه عاريات ويرقصن ويغنين . ويسمحو لهم بممارس الجنس معهن . ويقولوا لهم بأن اولئك المومسات هن زوجات رجال الشيعة المسجونين . وان ازواجهم لا يبالون في ان زوجاتهم يرقصن في الملاهي لان ذلك عند الشيعة حلال ، فهم لا يخجلون ان تعمل نساؤهم راقصات، ويجب علينا الانتقام منهم جميعا!!!..فأي حقارة ونذالة اسوء من هذه!!.. وبعد سقوط النظام عام 2003، وخلال اسابيع قليلة برزت في العراق منطقة (مثلث الموت) حيث كان الشيعة يقتلون على الهوية على يد جماعات من السنة الطائفيين، ويومذاك لم تكن الجماعات الإرهابية قد تشكلت على النحو المنظم المدعوم إقليمياً كما حدث في السنوات التالية .. وبدأت التفجيرات تظهر في مناطق الشيعة، وصار الشيعة هدفاً لبندقية القناص، وتحولت حسينياتهم ومساجدهم وتجمعاتهم الى مقصد لسيارات التكفيريين واحزمتهم الناسفة..وطوال تلك السنوات لم يكن قادة الكتل السنية، يدينون هذا الإجرام الطائفي والتكفيري، بل كانوا يملأون الفضائيات شكوى من التهميش والاقصاء. وهي العبارة التي تعني في حقيقتها عدم توليهم حكم العراق حكماً مطلقاً.. فالتهميش في قاموس تلك الكتل يعني وجود الشيعة في الحكم!!.. وبالوقت الذي تزداد فيه التفجيرات ضد الشيعة ، اصدر رجال الدين من وهابيين وسلفيين، فتاوى بتكفير الشيعة، وانهم أسوأ من اليهود، ومع ذلك لم يكلف اي رجل دين سني نفسه بشجب هذه الفتاوى واستنكارها، لأنها كانت تلقى هوى في نفوسهم.. ثم جاء تنظيم (داعش) الى المشهد السياسي والعسكري في سوريا والعراق، وكان الهدف قتل الشيعة بلا رحمة.. فسيطر على اجزاء من سوريا، ثم اجزاء من العراق، وانضمت اليه عشائر من السنة، فيما كان الدعم الخليجي والتركي يزداد يوماً بعد يوم. فحدثت المجازر والمذابح وعمليات التهجير...ثم كانت فاجعة قاعدة سبايكر(التي كانت القشة التي قصمت ظهر البعير) مثلما يقولون ، حيث أكثر من 1700 شاب شيعي تم قتلهم على يد افراد من عشائر سنية في تكريت وما حولها، وكانت المشاهد من البشاعة بحيث لا يمكن تصورها. ولا يزال مئات من الشباب الشيعة رهائن في تلك المناطق لا يعرف مصيرهم!!... لذا،فليس غريباً ولاشاذاً ان يظهر في زماننا هذا ، ونحن في عام 2014، من يؤكد النظرة الطائفية لأهل المحافظات الغربية السنية ، ويكمل مابدأه اسلافه من سلوك بحق اهل الجنوب الشيعة ... فقد ذكر محافظ نينوى ، والقيادي في ائتلاف متحدون(اثيل النجيفي) شقيق رئيس البرلمان السابق ونائب رئيس الجمهورية حالياً(اسامة النجيفي) في رده على سؤال بخصوص اهل الجنوب قائلاً : لا شي يربطنا مع الجنوب لا لغة ولا دينا ولاثقافة ولا جنسا !!.. فهم فرس وهنود ونحن عرب !!.. وأضاف (النجيفي) في لقاء متلفز قائلاً : انتماءنا الاول هو للسنة وليس للعراق !! ويجب ان ننفصل بكل معاني الكلمة لكن نأخذ مواردنا من الجنوب !!مناشداً السعودية وقطر وتركيا بتقديم الدعم اليه !! اذن ، لنواجه الواقع بكل شجاعة ونبتعد عن طريقة النعامة في غرس الرأس بالتراب ، فالطائفية حقيقة ملموسة وموجودة ..والسنة في العراق وبعد ان كذبوعلى انفسهم وصدقو كذبتهم في انهم العرب الوحيدون في العراق ، يرون ان الوطن بالنسبة لهم هو وجودهم فقط ، ولاشيء غيره ، وماكلام (اثيل النجيفي) حول اولوية انتماءهم الا واحداً من عشرات الادلة التي تؤكد كلامنا ..وعلى مدى قرن تقريباً من تاريخنا الحديث كان الشيعة هم الخاسر،والمتضرر الاكبر دوما َ، رغم انهم لم يطمعو في سلطة ، بل كل ما كان يسعون اليه هو حقوقهم في هذا البلد كمواطنين وكأكثرية..والمشكلة تكمن في ان الطرف الاخر لايريدهم ولايستسيغهم .. فالامور اضحت واضحة وعلى المحك ، وماذكرته من امثلة يؤكد كلامي ، وكل ماحصل على مدار التاريخ الحديث يؤكد ان التعايش بين الطرفين لم يعد ممكناً ، ويجب على الجميع البحث عن حلول ناجعة لهذه المشكلة الازلية المستعصية التي ازهقت ارواح الالاف من الابرياء ، والتي ستستمر وستلطخ مستقبلنا بالمزيد من الدماء ان لم تحل ..فلسنا بحاجة الى وطنٌ يبنى على اشلاء ودماء الابرياء ..فماذا انتم فاعلون يااهل الوسط والجنوب ؟؟ ومتى تنتهي مأساتكم ؟؟ فشركاءكم في الوطن لايريدوكم ويتحينون الفرص للقضاء عليكم !!..فهل ستبقون ملكيين اكثر من الملك؟؟..

 

مقالات اخرى للكاتب

 
أضف تعليق
نطلب من زوارنا اظهار الاحترام, والتقيد بالأدب العام والحس السليم في كتابة التعليقات, بعيداً عن التشدد والطائفية, علماً ان تعليقات الزوار ستخضع للتدقيق قبل نشرها, كما نحيطكم علماً بأننا نمتلك كامل الصلاحية لحذف اي تعليق غير لائق.
الاسم :

عنوان التعليق :

البريد الالكتروني :

نص التعليق :

1500 حرف المتبقية
أدخل الرقم من الصورة . اذا لم تستطع القراءة , تستطيع أن تحدث الصورة.
Page Generation: 0.45342
Total : 101