Editor in Chief: Ismael  Alwaely

Editorial secretary: Samer  Al-Saedi

Journalist: Makram   Salih

Journalist: Saif  Alwaely

Journalist: Ibnyan   Azeezalqassab

Editor: Aboalhassan   Alwaely

Reporter: Abdulhameed   Alismaeel

مقالات وأبحاث
الاثنين, أيار 1, 2023
الثلاثاء, نيسان 25, 2023
الأربعاء, نيسان 19, 2023
السبت, نيسان 15, 2023
الجمعة, نيسان 1, 2022
الأحد, آذار 13, 2022
الأربعاء, شباط 16, 2022
الثلاثاء, شباط 15, 2022
السبت, حزيران 3, 2017
السبت, أيار 20, 2017
السبت, أيار 13, 2017
الجمعة, أيار 12, 2017
الاثنين, أيار 1, 2017
1
2
3
4
5
6
   
لا لن اكون حيوانا!
الجمعة, نيسان 18, 2014
د. كرار حيدر الموسوي

وثب الضفدع عالياً في الهواء وصاح: محكمة! فوقف الحاضرون جميعاً في قاعة المحكمة الحيوانية وهم لفيف من مختلف أنواع وأشكال الحيوانات ودخل الدب القاضي متثاقلا ً في روبة الأسود يجر قديمه وجلس علی مقعده خلف المنصة وأشار بيده فجلس الحاضرون ثم قال: فُتِحَت الجلسة...نادي أيها الحاجب علی المتهم... فوثب الضفدع في الهواء مرة أخری وقال بصوته المميز...المتهم هو إنسان...إدخلوا المتهم أيها الحراس... ويدخل قاعة المحكمة إنسان محاط بأربعة حراس من الكلاب ويأخذ طريقه إلی قفص الإتهام حيث يدخل القفص ويغلق أحد الحراس الكلاب عليه الباب...ويجلس المتهم الإنسان علی مقعده داخل قفص الإتهام. الدب القاضي: والتدخل هيئة المحلفين (فيفتح باب جانبي ويدخل المحلفون وهم عبارة عن فيل وغزال وصقر وفهد وأرنب وتمساح وزرافة وطاووس وحمل وحمامة ووطواط)...المدعي يتلوا قرار الإتهام ويقول لنا لماذا هذا المتهم هنا الأن؟ ويقف الثعلب المدعي مرتدياً وشاحه ويقول: سيدي القاضي..إن المتهم الواقف أمامكم الأن هو أحد البقايا النادرة لهذا الجنس المسمی بالبشر أو الإنسان...هذا الجنس الذي إنقرض تقريباً أوكاد. وأذكر المحكمة الموقرة هنا بقرار ملكنا الأسد المفدی أطال الله عمره ، وقرار السيد النمر الأكبر رئيس الوزراء المرقم ٦٣٥ لسنة ٢٠٠٥ والذي صدر بخصوص حل مشكلة بقايا هذا الجنس الإنساني المنقرض...وينص هذا القرار كما تعلم المحكمة علی أن كل مخلوق يثبت بالأدلة أنه إنسان كامل الإنسانية أباً وأماً وأن له عقل يفكر ووجدان ومشاعر وأنه من بقايا الإنسانية فيجب القبض عليه فوراً لأنه خطر علی الأمن والنظام العام ، والتحفظ عليه حتی يتم تحويله بالطرق المتبعة إلی حيوان كسائر أفراد المملكة ۔ ولقد نص القرار والقانون علی أن لهذا الإنسان الحق في أن يتحول إلی أي نوع من الحيوان يشاء علی أن يتم ذلك في أسرع وقت ممكن ۔ كما نص القرار علی أنه إذا رفض أو إمتنع ذلك الإنسان من تنفيذ ذلك القرار فإنه يجب أن يقدم للمحاكمة العامة أمامكم يا سيادة القاضي ، وأمام هيئة المحلفين وفقاً لقوانين المملكة الحيوانية خلال ١٥ يوماً وأن تُكفل له محاكمة عادلة لا تزيد في طولها عن يوم واحد وأن يكون له محامي يمثله أمامكم وأن تحكموا عليه إذا ثبت أمام المحلفين أنه مذنب في النهاية طبقاً للقوانين المعمول بها والتي شرعها المجلس الحيواني التشريعي وأقرها مولانا الأسد الأعظم وسيدنا النمر الأكبر حفظهما الله ورعاهما. سيدي القاضي: لقد تم القبض علی هذا الإنسان الماثل أمامكم منذ أسبوع وهو قابعاً مختفياً منغزلا ً في كهف صغير وقد ضبط وهو شارد يفكر وفي يديه كتاب يقرأ فيه...ولقد تم إبلاغ السيد الذئب المحترم رئيس الشرطة وزير الداخلية والنظام فتوجه فوراً مع عدد كبير من الحراس الكلاب وتم محاصرة وضبط هذا الإنسان متلبساً بجريمته في كهفه وإلقاء القبض عليه...وقد إعترف بأنه إنسان كامل الإنسانية من أب وأم بشر وأنه كان مختبأً في هذا الكهف بعيداً عن العيون ۔ تجنباً لمخالطة الحيوانات الأخری وإستعلاءً عليهم وتهرباً من القانون الذي يلزمه بأن يتحول إلی حيوان مثلهم ، وأنه كان يقرأ ويفكر ويتفكر ويتعبد وأن له أحاسيس ووجدان ومبادئ وأخلاقيات وإعترف بأشياء أخری سنقدمها عبر الشهود في حينها...وبعد أن وضع المتهم في السجن...رفض تماماً التعاون مع السلطات في عملية تحويلة إلی حيوان ورفض تنفيذ قرارات وقوانين المملكة الحيوانية وقاوم بشدة وشراسة كافة المحاولات السلمية لإقناعه بالإنصياع للقرار وأصر علی موقفة في أن يظل إنساناً...ولذا كان لزاماً أن نقدمه للمحاكمة أمامكم كما نص القانون لتنظروا في أمره وتحكموا عليه...وإني أطالبكم بتطبيق العقوبة القصرية رقم ٦٤٥ عليه إذاً وجد مذنباً...هذه العقوبة التي تنص علی أنه يتم تحويل هذا الإنسان إلی حيوان قصراً وإكراهاً بأمر القاضي عن طريق لدغة بلدغة سامة من الحية الرقطاء ، وأن يتم هذا أمامكم وبأشرافكم...تلك اللدغة التي ستحوله رغماً عنه ودون إرادته إلی حيوان كسائر الحيوانات وستقضي علی عقله ووجدانه وإنسانيته ، وتكفيناً شره ويعود حيواناً مثلنا يعيش عيشتنا ويسلك منهجنا ، ويحيا مثلنا معشر الحيوانات...وهاكذا يكون عبرة لأي إنسان أخر من بقايا هذا الجنس المتكبر المنقرض الذي يتكبر علينا ويأنف منا ومن عيشتنا ويفاخر بأنه غيرنا لأن له عقل ومشاعر ووجدان ، وأنه يفكر ويتدبر ويقرر. ويريد بناء علی هذا أن يحيا حياة غير حياتنا ويسلك سلوكاً غير سلوكنا وهذا ممنوع تماماً ومحرم في مملكتنا وفيه خطر شديد علينا وعلی وجودنا ولا يجب ولا نستطيع أن نسمح بهذا وإلا فان هذا الإنسان سيتميز ويعلو علينا ويستكبر ويظن أنه فوقنا ونحن لا نقبل أبداً ولا نرضی بهذا ، ولا نرضی إلا بأن يكون مثلنا وأن ينصاع لكافة قوانينا وتشريعاتنا وعاداتنا وتقاليدنا وعرفنا كما تنص كافة القوانين ، ولا يجب أن نسمح له بان يشذ وينفرد عن باقي أفراد المملكة بأي صورة ۔ ولو تركناه وما يريد فسيستفحل أمره ولربما يتوالد وينجب إناساً أخرين ويعلمهم ويسممهم بأفكاره فيتمردوا ويرفضوا الأخرين أن يكونوا حيوانات وهاكذا رويداً رويداً سينهدم النظام وسيدب الفساد ويشيع التمرد في مملكتنا وتضيع إنجازاتنا الحيوانية المادية كلها وسيفسدها بتفكراته ومعنوياته وروحانياته. ولا يجب أن نسمح له بهذا ، وعلينا أن نستأصل هذا التمرد والتعالي في أوله ، ونقطع جذور تلك الإنسانية المغرورة في مهدها قبل أن تشيع ويصعب محوها والسيطرة عليها. وشكراً لكم أيها الدب القاضي وأيها المحلفون الحيوانات. (ويجلس الثعلب المدعي) القاضي الدب: (يلتفت إلی الإنسان الجالس داخل قفص الإتهام) المتهم الإنسان...لقد سمعت قرار الإتهام الموجه إليك من الإدعاء...فهل أنت مذنب...أم غير مذنب؟! الإنسان: (يقف) غير مذنب...ومعترف بأني إنسان كامل الإنسانية وإنني كنت أفكر وأقرأ وأتعبد وأختبئ من عالمكم الحيواني ومن ظلمكم...وأعترف بأنني أرفض تماماً أن أتحول إلی حيوان مثلكم أو أن أصبح واحداً منكم. (يجلس) وترتفع أصوات وهمهمات وإجتجاج من الحيوانات الحضور ومن المحلفين غضباً من إجابة المتهم...فيدق القاضي الدب علی المنصة أمامه بمطرقته طالباً الهدوء والصمت. ويقف السيد البغبغاء المحامي طالباً الكلمة من الدب القاضي فيأذن له. البغبغاء المحامي: (بصوته المميز) أرجو ياسيادة القاضي أن تراعوا الحالة النفسية المتدهوه لموكلي المتهم الإنسان ، وألا تأخذوا ما قاله أُمامكم الأن علی محمل الجد وتحملوه ضده. وكذا أرجوا من السادة الحيوانات المحلفين...فحالة موكلي النفسية والعقلية ليست سليمة ومختلة ، وهذا واضح من حديثه أمامكم...وسأوضح لكم هذا أثناء مرافعتي عندما يأتي دور الدفاع لعرض قضيته...شكراً لكم يا سيادة القاضي...يجلس. المتهم الإنسان (يصيح بحدة من داخل القفص): أنا لم أوكل أي حيوان للدفاع عني فأنا أقدر علی الدفاع عن نفسي ، وهذا البغبغاء لا يمثلني ، وأنا أعقل وأحكم منكم جميعاً. الدب القاضي: (بعصبية) إلزم الصمت والهدوء أيها الإنسان المتهم وإلا أمرت الحراس الكلاب بعضك عقاباً لك علی الإخلال بالنظام. (يسود الصمت) الدب القاضي: الإدعاء يبدء في عرض أدلة الإتهام...فلتنادي علی شاهدك الأول أيها الثعلب المدعي العام. الثعلب المدعي: (يقف) شكراً يا سيادة القاضي...الشاهد الأول السيد الذئب المحترم رئيس الشرطة ووزير الداخلية والنظام. الضفدع الحاجب: (يثب في الهوء ويصيح) السيد الذئب رئيس الشرطة ووزير الداخلية. ويدخل السيد الذئب بملابسة الرسمية ونياشينة مختالا ً ويدق الأرض وعليه أمارات الجدية والعبوس ويعتلي منصة الشهادة بعد أن يؤدي اليمين المطلوبة... الثعلب المدعي: السيد الذئب المحترم أرجو أن تذكر للمحكمة وللسادة المحلفين كيف ومتی تم القبض علی المتهم الإنسان. الذئب رئيس الشرطة: لقد تم القبض عليه منذ أسبوع تماماً بعد أن أن تلقينا عدة مكالمات من حيوانات عديدة تفيد بأن المتهم يختبئ في كهف بعيداً عن العيون ويتجنب الإختلاط بأي حيوان ، وأنه يعكف علی الصلاة والعبادة وأنه يقضي أوقاتاً طويلة يتفكر ويفكر وأوقاتاً أخری يقرأ ويتأمل...ولقد أرسلنا عيوننا والكلاب من جواسيسنا..فتأكد لنا صدق الإدعاءات وفوراً أخطرت سيدنا النمر الأكبر رئيس الوزراء الذي أخطر بدوره مولانا الأسد الأعظم ثم صدر الأمر لي لأتوجه فوراً مع قوة كبيرة من الحراس الكلاب لمحاصرة هذا الإنسان المتهم في كهفه وإلقاء القبض عليه ، وتطبيق القانون الذي وضعه ملكنا الأسد المفدي وسيدنا النمر الأكبر. وفعلا ً قُمت بإعداد قوة كبيرة من الحراس الكلاب وتحت قيادتي شخصياً توجهنا لكهف المتهم وحاصرناه ثم ألقينا القبض عليه وتحفظنا عليه في السجن تحت حراسة مشددة. الثعلب المدعي: وما هی الحالة التي وجدتم عليها المتهم الإنسان حال القبض عليه؟ الذئب رئيس الشرطة: لقد وجدناه وحيداً في كهفه الصغير متوارياً عن الأنظار معتزلا ً ، وقد كان ساجداً قائماً يناجي ربه ودمعه في عيناه الشاردتين وبجواره مجموعة من الكتب والأوراق والأقلام..ولم يقاوم ولكنه وقف أمامنا شامخاً بتحدي وكأنه لا يأبه بوجودنا وعقله مشغول بأفكاره وتأملاته. الثعلب المدعي: وهل إعترف المتهم بأي شئ عندما وجه بتهمته؟ الذئب الشاهد: نعم لقد أدلی بإعترافات كاملة...فقد إعترف في تحقيقاتنا الأولية بأنه إنسان كامل الإنسانية من أب وأم بشر ، وإعترف كذلك بأنه كان مختبأً في ذلك الكهف متوارياً عن الأنظار بقصد التهرب من القانون الذي يلزمه بأن يتحول إلی حيوان مثل سائر شعب المملكة وبقصد الإبتعاد عن مخالطة الحيوانات الأخری والتعامل معهم تكبراً وتعالياً وأنفة ، وقد إعترف بأنه كان يقرأ ويتفكر ويتعبد إلی خالقه ويفكر ، وأن له أحاسيس ووجدان ومشاعر وكرامة ومبادئ ، وأنه يأبی الظلم والضيم والهوان ، وأنه يؤمن بالمعنويات والروحانيات وما وراء الماديات ، وأنه يلتزم بالأخلاقيات ولا يأبه بالماديات ويؤمن بالبعث والحساب بعد الموت..وقد تحدث عن أشياء سخيفة إنقرضت منذ زمن بعيد وقضينا عليها وإسترحنا منها وإستقرت بذلك مملكتنا الحيوانية. الثعلب المدعي: أشياء مثل ماذا يا سيادة الذئب؟ الذئب قائد الشرطة: أشياء سخيفة لا معنی له مثل الرحمة والحياء والتعفف والسمو والعدل بين القوي والضعيف والشرف والنخوة والمرؤة والكرامة والعقل والحكمة والكرم والزهد والمودة والوفاء والعزة والترفع والجرءة في الحق وعدم العدوات وعدم الظلم والمساواة بين الجميع وإرتفاع مقام الإنسانية فوق الحيوانية وهذا الأخير أسوأ ما قاله وإعترف به. الثعلب المدعي: وهل أدلی بتلك الإعترافات المذهلة تحت تأثير أي ضغط أو إرهاب أو تعذيب. الذئب وزير الداخلية: لا بالطبع لقد أدلها بمحض إرادته وبحضور شهود عديدون ووقع علی إعترافاته تلك ولذا لم نكن بحاجة إلی ضغط أو إرهاب ، أو تعذيب أو عض كلاب. وبعد ذلك رفض تماماً التعاون معنا في عملية تحويله إلی حيوان مثلنا سلمياً كما تقضي القوانين ، ورفض بشراسة كل المحاولات التي جرت لإقناعه بهذا ، وأصر علی أن يظل إنساناً رافضاً بهذا تنفيذ القانون. الثعلب المدعي: لا شئ أخر وشكراً يا سيادة الثعلب...لا أسئله أخری يا سيادة القاضي. الدب القاضي: السيد البغبغاء المحامي يريد أن يستجوب الشاهد. البغبغاء المحامي: نعم يا سيادة القاضي...(يقف) البغبغاء المحامي: سيادة الذئب المحترم...هل تم الكشف علی الصحة العقلية لموكلي من قبل أطباء حيوانات إختصاصيون؟ الذئب الشاهد: نعم لقد قام بفصحه كل من الدكتور سيد قشدة رئيس قسم الأمراض النفسية والعصبية بمستشفی الحيوانات المركزي ، والدكتورة بومة أختصائية الصحة النفسية والعقلية بالجامعة الحيوانية. البغبغاء المحامي: وماذا جاء في تقريرها عن نتيجة فحصهما لموكلي؟ الذئب الشاهد: لقد توصلا إلی أن المتهم مصاب بحالة من الأوهام والخيالات والإنفصام وجنون العظمة ، وأنه يتصور ويؤمن بوجود أشياء لا وجود لها حقيقة إلا في خياله وأنه مصاب بحالة إكتئاب نتيجة لذلك وإلی أن ترفعه عن الحيوانات الأخرين ورفضه أن يكون واحد منهم هو بسبب حقده عليهم وعلی إنجازاتهم المادية الرائعة وتطويرهم للحياة بشكل كبير وضخم ، بُسبب عدم قدرته بإنسانيته المزعومة وروحانياته وأخلاقياته المتوهمة علی تحقيق ما حققوه هم بحيوانيتهم الغريزية ، وماديتهم الواقعية. ولذا فهو يشعر بالعجز أمامهم وأمام قدراتهم وعدم القدرة علی مجارتهم نتيجة تمسكه بأوهام وخرافات قديمة لم يعد لها مكان الأن. فالدكتوران في النهاية يقرران بأن المتهم الإنسان هو مجنون ومريض عقلياً ونفسياً بدرجة كبيرة لا تمكنه حتی من الولاية علی نفسه. البغبغاء المحامي: شكراً يا سيادة الذئب لا أسئله أخری...(يجلس) الدب القاضي: شكراً أيها الذئب ويمكنك الإنصراف...نادي علی شاهدك الثاني أيها الثعلب المدعي. الثعلب المدعي: الإدعاء يطلب السيد القرد الشهادة الضفدع المدعي: (يثب في الهواء ويصيح) السيد القرد...يدخل القرد...ويعتلی منصة الشهادة بعد أداء اليمين المطلوبة وهو يضحك وبلوح. الثعلب المدعي: سيد قرد...هل تعرف المتهم القابع في القفص؟ القرد الشاهد: (ينظر إليه بتأمل ويضحك) نعم أعرفه...أعرفه تماماً.. الثعلب المدعي: وكيف عرفته وماذا تعرف عنه؟ القرد الشاهد: إن مسكني بجوار كهفه أي أننا كنا جيران...وعندما كنت أراه كنت أحاول أن أتعرف به وأتقرب منه لأنني كما تری قريب الشبه منه ، ولنا صفات وخصائص مشتركة ، ولكنه كان دائماً يتباعد عني ويتعالی علي ويتهرب من محاولتي للتقرب منه ..وعندما ذكرته بأننا إخوة متشابهون ثار وإنفعل وقال إن له عقل يفكر ويتفكر ، وأن له معنويات وأخلاقيات ومشاعر وأحاسيس وأنني مجرد حيوان عبدٌ لحيوانيتي وشهواتي وماديتي لا عقل لي ولا أعرف شيئاً عن الأخلاق أو المعنويات أو العقل أو الروحانيات وأنه لا يوجد أي تشابه بيننا...وقد كان يعيش وحيداً ومنعزلا ً متباعداً عن كل الحيوانات الأخرين. الثعلب المدعي: وكيف كان يقضي وقته؟ القرد الشاهد: كان يقضي معظم وقته إما في عبادة ربه أو التفكر أو القراءة في الكتب أو الكتابة أو محادثة نفسه. الثعلب: هل سألته يوماً عن سبب عزلته؟ القرد الشاهد: نعم وقد ذكر لي أنه يخشی علی نفسه من قوانين وظلم المملكة الحيوانية ونظامها وحكامها وشعبها ويخشی أن يطالبوه أو يحاولوا أن يجعلوه حيواناً مثلهم وهو يرفض هذا بكل شدة...ولقد قلت له مرة مداعباً "إذا أُمرت أن تصبح حيواناً فأي حيوانٍ ستختار أن تكون...لا شك أنك ستصبح قرداً مثلي لأنك شبهی"...ها ها ها ...ولكنه غضب وإحمر وجهه وقال أنه يفضل الموت وهو علی إنسانيته التي خلقه الله عليها من أن يكون حيواناً شهوانياً بلا عقل ، وأنه سيقاوم هذا بكل ما أوتی من قوة ولن يُجبر عليه أبداً وأن ربه معه وسيعينه علی ذلك. الثعلب المدعي: لا أسئله أخری شكراً يا سيد قرد وشكراً يا سيادة القاضي. الدب القاضي: السيد البغبغاء المحامي هل لديك أية أسئلة للشاهد؟ البغبغاء المحامي: نعم ۔ يا سيادة القاضي...(يقف)...سيد قرد لقد ذكرت لنا منذ قليل أن هذا الإنسان موكلي كان يعيش وحيداً منعزلا ً عن الحيوانات الأخرين فهل يفعل مثل هذا الفعل أي حيوان عاقل؟ القرد الشاهد: لا بالطبع...فنحن لا نعيش بمعزل عن بعضنا ولا نعيش إلا في قطعان وأسراب. البغبغاء المحامي: وذكرت لنا أنه كان يقضي وقته إما في العبادة أو التفكر أو القراءة والكتابة أو في محادثة نفسه...فهل يفعل هذه الأفعال أي حيوان عاقل مثلنا؟ القرد الشاهد: لا بالطبع...فنحن لا نفكر ولا نتعبد ولا نقرأ ولا نحدث أنفسنا ولا نشرد ونسرح بفكرنا...فكل وقتنا هو فقط لإرضاء شهواتنا الحيوانية عن طريق العمل والسعي الدؤوب حتی نتعب وننام ثم نستيقظ لمواصلة نفس الشئ. هذه هی حياتنا المادية الغرائزية الشهواتية الحيوانية الواقعية التي وصلنا من خلالها إلی كل ذلك التقدم التكنولوجي المادي ، تلك المكانة الرفيعة. نعيش لأنفسنا لحيوانيتنا فقط ، لغرائزنا وشهواتنا وراحتنا ولا شئ أخر ، وذلك سر نجاحنا المادي الكبير. وبهذا فنحن العقلاء وأمثال ذلك الإنسان المتكبر المندثر المغرور هم المجانين المتخلفين بغير شك. البغبغاء المحامي: شكراً لا أسئله أخری... الدب القاضي: شكراً يا سيد قرد ويمكنك الإنصراف...القرد ينزل من علی منصة الشهادة ويلوح للإنسان في القفص ويضحك وهو يقول "ستصبح قرداً مثلي عما قليل وستصبح من القرود العقلاء الحكماء فدعك من هذا الجنون" يضحك بقية الحيوانات الأخری علی تعليق القرد وحركاته المضحكة ، والإنسان يصيح من قفصه "أنا أرفض أن أكون قرداً مثلك...ويكرر ذلك.


مقالات اخرى للكاتب

 
أضف تعليق
نطلب من زوارنا اظهار الاحترام, والتقيد بالأدب العام والحس السليم في كتابة التعليقات, بعيداً عن التشدد والطائفية, علماً ان تعليقات الزوار ستخضع للتدقيق قبل نشرها, كما نحيطكم علماً بأننا نمتلك كامل الصلاحية لحذف اي تعليق غير لائق.
الاسم :

عنوان التعليق :

البريد الالكتروني :

نص التعليق :

1500 حرف المتبقية
أدخل الرقم من الصورة . اذا لم تستطع القراءة , تستطيع أن تحدث الصورة.
Page Generation: 0.48613
Total : 101