Editor in Chief: Ismael  Alwaely

Editorial secretary: Samer  Al-Saedi

Journalist: Makram   Salih

Journalist: Saif  Alwaely

Journalist: Ibnyan   Azeezalqassab

Editor: Aboalhassan   Alwaely

Reporter: Abdulhameed   Alismaeel

مقالات وأبحاث
الاثنين, أيار 1, 2023
الثلاثاء, نيسان 25, 2023
الأربعاء, نيسان 19, 2023
السبت, نيسان 15, 2023
الجمعة, نيسان 1, 2022
الأحد, آذار 13, 2022
الأربعاء, شباط 16, 2022
الثلاثاء, شباط 15, 2022
السبت, حزيران 3, 2017
السبت, أيار 20, 2017
السبت, أيار 13, 2017
الجمعة, أيار 12, 2017
الاثنين, أيار 1, 2017
1
2
3
4
5
6
   
تـلويحــة وداع أخـيرة لشـاكر السماوي .. الإيقــاع المنـفــرد في القصيدة الشعبية العـراقية . محطـّات من سـيرتـه الإبـداعـيـّة . د. خـيـرالله سـعـيــد
الخميس, تشرين الثاني 27, 2014


تتمـيـّز مرحلة السبعينات من القـرن المنصرم، في العـراق، بتسـارع الوعي السياسي والاجتماعي بين كافة طبقات المجتمع العراقي، ولقد لعبت اتجاهات الفكـر الماركسي، وقوى اليسار العراقي الأخرى دوراً ممـيـّزاً في هذا الإيقـاع، بحيث أن هذه المرحلة صارت علامـة ممـيـّزة في كل تاريخ العراق المعاصر، حتى أن الدارسين لمختلف الاختصاصات، يلاحظون شدّة تسارع الوعي السياسي عند كل طبقات المجتمع وقد كان لتقارب القوى السياسية في العراق من بعثـيين وشيوعيين وقوميين، دوراً بارزاً في عملية دفع هذا الاتجاه الى أقصى مديـاتـه، لاسيما بعد اتفاق هذه القوى على تفعيل الوعي في المجتمع من خلال ما عرف بـ" الجبهـة الوطنية والقـومية التقـدمية" عام 1973 م، الأمر الذي سمح لقوى اليسـار العراقي لأن تتمـدّد بشكل سريع ومؤثـّر في كل جغرافية العراق، ممـّا أربك البعثييّن- قادة السلطة في البلد- وانكأفؤا على هـذا الاتفاق، ونفضوا أيـاديهم منه بعد أقل من خمس سنوات، أي في عام 1978م، لأنـّهـم عجـزوا- على صعيد الفكر والإبـداع- من مجاراة بقية القوى السياسية، في هـذا الميدان، وكانت الكارثـة- بعد ذلك- قد حلـّت بالعــــراق.

* في تلك المرحلة، كان الشعر الشعبي يشقّ طريقه بسرعة فائقة الى قلوب الناس، حتى غـدت مجالس الشعر الشعبي تفرض إيقاعاتها على الأعراس والمآتم وجلسات السـَمر، وتحـوّلت "بارات" شـارع أبي نؤاس في بغـداد إلى مجالس شـعر، كان نـادلوهـا يميـّزون مجلس هذا الشاعر عن سـواه، حتى أنّ " رجـال الأمـن العراقي" في سلطة البعث، كانوا يكتبون " تقاريرهـم السريـّة" إلى مراجعهم، من خلال هذه الأماكن فتـمَّ رصـد نشاطات الكثير من الأدباء والشعراء والسياسييّن، ومعرفة ميولهم السياسيـّة من خـلال الشـعر الشعبي.

كان تواجد الشاعر الشعبي المعروف شـاكر السـماوي في " بار سرجون الأكّـدي وبار ليـالي الأنـس" فهما المكانان الأثيران لـديه، وحـول مائـدته يـدور الحـواريـّون وعاشقوا شعره الشعبي ، وكان روّاد هذه المجالس أوّل الداخلين الى تلك البارات وآخر الخارجين منها ليلاً. وكثيراً ما حـدّثني شاكر السماوي عـن هــذه المجالس , وشكل السَهرات فيها، ونوعية تلك الحوارات المبدعة في نقـد الشعر الشعبي .

وما أن ينفض ذلك "المجلس الأدبي "حتى تسمع في اليوم التالي أحــاديث وآراء في شعر شاكر السماوي، وما هو الجديد في شعره، الأمر الذي كان له صـداه عند كل المتعاطين في هذا اللـّون من الشعر" وتطير" أخباره وقصائده الى بقية مدن العراق، ومن ثم يتناول الإعـلام اليسـاري هذا الشعر الجـديد، فيساهم في نشره وانتشاره .

* إستصحبني صديقي الشاعر/ رضا جـونة العـبودي/ ذات مرة الى إحدى سهرات " مجلس الشاعر شاكر السماوي" وأمضينا ليلة جميلة، كان الوعي فيها قد سـاد على كأس النـادل وضجيج الحضور، في تلك الليـلة، قرأ شاكر السماوي قصيدته الشهيرة" نعم أنـا يسـاري" والتي صاغها بمنطق فلسفي أضفى على كل الحاضرين الصمت والإصغاء والمتابعـة، يقول فيها:

 

ما أعرف بالهـيولي وبالسـديم وبـالفـلك كل شيء

ما أعرف بالتلسـكوبات الجـديدة

بالظـلام تشـوف لـو تعشـي ؟

ما أعرف حقائق هـالنجـوم .. ولا قـوانين الجذب والحـث

لا ولا شـلون الضـوه بسـامع سـما يمشـي

لكـن أعرف :

- مثـل أحـلامي اليسـارية- الشمس بكل يوم الغبشـه

تشـگ اجفـون الظلمـة وتطـلع

من عين الكـون إل عاليسـرى

نشـــدوني : - شنهـو اللّي يظل من الزمن ع الـزمن ؟

نشــدوني : - ليش الوكت ارقـامـه ع السـاعـة اثنعش؟

وهـم نشـدوني: - دورات الگـاع اعلى الگـاع

وين اتصير بوجـه السـاعـة؟

گـلتلـهم ما أعرف ليش؟

وشـنهـو؟

و ويــّن؟

ويمتـى؟

وبيــش؟

لكـن أعرف.... مثـل اسنيني اليسـارية -

اميـالات السـاعة اتـدور،

وتبقـى اتـدور لازم ع الجهـة اليسرى

 

* * *

 

يمكن أفـشل من اتحـدّث عن الحـب

يمكـن أغـلط من اتكلـّم عن الـدم ، وعن تركيبه

وعن نبعـه وعن وين ايصـب

يمكـن أجهـل شكل الخـوف بگـلبي, وأنسى طعم الحقـد

وأهـمل عـمـداً لـون الغـيرة

ولا أتـذكـّر ويـن اتــصـيـــر

نـكـهـة كل لحظــة من الحب

لكـن ما أنسـى ولا أجـهـل

- مثـل جـروحي اليساريـــة-

گـلبي انحـط وعـاش ويبقـى

ايـدگ ويـرف... بعشــّه المبني. بين اضلوعي اللّي عاليسرى

* * *

أعـرف:

- بس ما أعرف ليش-

روبسـبير وحـزبه الݘـانوا

بالمجلس .. يحـتلـّـون.. وعـمداً

كـل مقـعــــد ع الجــهـة اليســرى

أعـرف :

- بس مـا أعرف لـيش-

من أعشـگ وتغـازل أسـهـل:

أغـمز للمحبوبـة بـذبلة عيني اليسـرى

أعـرف :

- بـس ما أعرف لـيش-

خطـوة كل جـندي وكل ثـاير

تـبدي بشبلة رجلـه اليسـرى

وأعـرف :

لـكن أعرف ليش:

- مثل افـكاري اليسـارية-

ثـورات ابـنادمـنـا الجــاي

حبـلت بيـها الگــاع اليسـرى .

 

* * *

إتـگـلي... اتـخاف..!!

- يـمكن ويجــوز وقـد يحـصـل

خـوفي يصير أكبر من خوفي اضعاف اضعاف

اتـگـلـّي:

- ما تغضـب بالشـدّه !!

- حصـلت فـعـلاً !

من كتـلوا جـيفارا الصــوره

گــبال عيـوني وجـنت اتـغـــدى

اتـگـلـّي :

- دوم اتـحـب اتـخالف !

- لا ! بس بهـاي اعترضـك .. لا !!

هـاك اسمع دگــات الثـورة.. بگـلبي اتگـلّـك

- إيقـاع الثـورة بإيقـاعي

مثـل اشعاري اليسـارية -

* * *

يصـدح ݘـم اكتــوبر يحــدي

العـصـر اللّي يبني الحــــــب

ويـبنـي بــنـادم مثـــل الـرب

ويـبني ويـبني : جـنـّات بـنادمنـا الجــاي

من عــالم شمس بهـالاتـه...

كــل اكـتــاره انـــدارت يســـرى .

* * *

كنت ألاحـظ - وأنا أصغي إليـه للمـرّة الأولى، أنـّه كان يربط - في هـذه القصيدة- كل خواتم مقاطع قصيدته الشعرية، ذات المضمون الفلسفي في" البـعد اليسـاري" دون أن يقـع في فـخ الأيديولوجيا اليسـارية- من حيث النظـم- لكنـّه يتسـاوق مع محمولها اليساري بمعنى التوظيف الدلالي للمحمول السياسي، وهـو واضح في أغلب المقاطع، وممـّا استرعى انتـباهي، أيضاً، في تلك الليـلة هـو" الشكل الخـاص بـرتــم القصيدة" وشكل الأداء المصاحب لهـذا الرتـم، وترادف هذا الإيقاع الراقـص، والذي يختلف عن بقيـة الشـعراء الشعبيّين المجايلين لـه في تلك المرحلة، لاسيما في بداياته ، حيث انـّه كتب هذه القصيدة في صيف 1972 ،وظـل هـذا الإيقـاع حاضـراً في ذهني وسمعي ، حتى التقـينا سـويـّاً في دروب المنـافي القسرية، وكانت دمشـق أولى محطـاتـه، ولـمدة طويلة، قاربت العـقــد من السـنين، الأمر الذي جعلني أتفـهـّم أكثر تلك الإيقـاعيـة الشعريـة، بشكل أعمق وأصـدق، وأن تعـود بي الذاكرة الى " تلك الليلــة" وتلك السـنوات الخـوالي من أيـّام النضــال.

 

*كنت من المهتمين بالشعر، أكثر من زملائي وأصحابي من جيل السبعينات، وذاكرتي مازالت تحفظ الكثير من الشعر الشعبي والفصيح، لكن سنوات المنفى والتشرّد والعيش بين مختلف الثقافات والبلدان والشعـوب "يشـوّش" على المتابع بعضاً من اهتماماته، بحكم ضرورة العيش والتأقلم مع الظروف الجديدة ، وحين استقـرّ رأيي – وأنا في كـنـدا- بأن أفـتح" سـجلات الشعر الشعبي العراقية، كان شاكر السماوي الحـاضر الأقـوى في الـذاكرة، رغم أني كتبت عن مظفـر النــواب قبله، لكن ذلك كان في دمشق، وكانت مناسبة بلوغه السـتين من العمر، فتناولت قصيدته المشهورة" حݘـّام البريـّـس "كان ذلك عام 1993 م، ثم كتبت أيضاً عن قصيدته" البنفـسج" عام 2009 م، وكان شاكر السماوي حاضراً في البـال وبشكل ضاغط، فرحت أعيد قراءة قصائده الأولى والهامـة التي سيطرت على الشارع العراقي بذائقته الأدبية، إبـّـان فترة السبعينات من القرن المنصرم، فراحت تلك القصائد توغز الذاكرة لتتحسـّس مواطن الجمال في تلك القصائد، ولتظهـر ميزة التفـرّد في الإيقاع العـالي النبرة والممزوجة بشئ من الفحـولة الشعرية والشخصية، في المفردة والمـدلول ومن ثم تمـيـّز قـاموس شـاكر السـماوي الشـعري، فكانت قصيدة" حݘـايـة جـرح" تأخذ حيـّزها في الحضور، وتنفلت من تلافيف الذاكرة، والتي ولـّدت ديوانـه الأول بأسمها ونشرت في عام 1967 م ، وكانت بمثابـة الرافـعة الأولى في كامل بـنيان شاكر السماوي الشعري، والتي علـّمَ بهـا على حضوره القـوي في السـاحة الشعريـة العراقـيـة، يقــول شاكر في هـذه القصيدة:

جـرح يلتم جرح يدّي جـرح ما طــاوع الشــدي

وجرح صبّت جروح الغير بيه وفاض عن حدّي

وتلاشت شواطي الروح ، بين الناس والعـنـدي

وَلآوح بس اريد الگيش. وأصدّ وما نـفع صـدّي

ولَوَن حادي السنين ايريد، بوشالة عُـمر يحدي

فلا هيَّ تـنز روحي ولا تخاف امن القهر تصدي

تتـشايــم لـون نيسان ، عـمّ البــور مـن بعـــدي

تشوف على سما البسمات الف ذكرى الشتل زندي

يتباهــن بنـات اهـروش ، تـــاهــت تيهة البردي

تاهـت والحصد نشوان ، يركض ع الدمع والـدّم

يسعدي:

اهناك ݘالي الروح عالي وما ينوشه الهــم

جرح يلتم

بـعـد موعيب تلگـي السيف مثلوم ابطعن خنجر

لݘـَنّ العار كل العار ،على كل سيف لو زنـّـجـر

الجـرح نيشان ذاك السيف ، ݘــان لحومته يفـتر

نجمة السيف تضوي ابليل من تزرگ تضوّي اكثر

شــرف للنــّـور ما فكر، بالمجــازاة لــو نــــــوّر

يفيض او ماتـلمـّـه اجفــون (حاتم) ع الزمن يكبر

يهــا ينته التحـط ݘلمات ، بشفـاف الفجــر لو طر

أخــبرك لو بســاط الريح ، عافـه الريـح يتگــنطر

ؤلـو ما للبحـــر جرفين ، ݘــا مـا ســندبــاد ابحـر

هـاي وذيݘ سنـّة كـون ، لازم ع الشـــهم تســـدي

يسعدي :

البور ذلـّة گـاع، حرمـــه ابلا نســـــل تصــــــــدي

جرح يـدّي

أبـد لا لا تگـل للهَــم ، رضـيت ابعشـــرة العلگــم

ولا ريـدن جــفـَن بالضيم، يتـنـدّى ابضباب الهـم

ونݘان السهـَم مـَض بيك، عيب اعلى الجرح يندم

هنــيالـه أليشـگ الموت ، يرشـف من حــلاة السِم

هنــيالـه اليكـت بالصيف زخـّه اعلى الهرش يحـلم

يهـــا يلـّي تـشيـل اســنين ، باݘـــر والجـرح مالـم

بــاݘرنـه ابخيــال اليــوم ، عـرّيس وشموعـه الدّم

باݘرنه اعلى جرح الطيف جرح اعلى الجرح بلسـم

دشـد وشوف ذيݘ اجروف فضـّـه وكل فــرس أدهـَم

تخـفـگ فـوگ هام اللـّيل هلهـوله اعلى جنـح الطير

يسعدي: انت وجروح الغير تذكاره اعلى ݘف الخير

جــرح صبـّير .

28/4/1967

 

* * *

 

* الطـابع " الكلاسيكي" للقصيدة في أغلب مقاطعهـا، يرسم لك صوراً رمزية تغيـرُ بكَ نحو تخطـّي مـديات الحـزن، وتــؤشــّر على فـعل مستحضر، يتسـاوق مــع المـرمـوز، من حيث القيمة والاعتبار، كـونه شئ محسوس في وجـدان الشاعـر، يجاهر به أحياناً، وأحياناً يضـمّـره، لشـد المتلقي إليـه، ومن ثم إلـزام هذا المتلقي على المواصلة والتفكير في محمولات القصيدة ومدلولات الـرمـز، في آن معـاَ، وهـذه واحـدة من المفارقات العجيبة عند شاكر السماوي، وهـو يضعها في بداية تـألـقـه الشعري في العـراق، لنتـأمـّل هـذا البيت الجميل من القصيدة :

" وَلآوح بس اريد الگيش...وأصدّ وما نـفع صـدّي " أنظر الفـعل" ألاوح" كم هو جميل باستخدامه ومعناه الذي يشير الى " تأشيرة اليـد" لطلب النـجدة ، و الفعل الآخر" وأصـد" أي أنظر الى كل الجهات، ولا أرى أي بارقــة أمل من فعــل "سياسي" يحتمله التأويل في مضمـّرات البيت، وتلك أدانة لقوى اليسـار الهلامي ، الذي لا يدرك معنى التلويحة والنـداء من كل المبدعــين - وقـتذاك-

أو هـذه الإيحــائيـة المتـماهـيـة مع الطـبيـعـة السـومرية، في تلك الربـوع :

" يتباهــن بنـات اهـروش ، تـــاهــت تيهة البردي " هذا الرمز القوي الممتد الجذور بالأرض ، والذي ترمز إليه مفردة" اهـروش" لتحوم بكَ نحو خلجات الروح التي تتيـه مع هذا الامتداد المائي المخضـّل بقصب البردي، وكأنه جزء من عروقك.

* تـلـــــوح- حـالة من الفحـولـة- في ثنايا القصيدة، والشاعر هنا، يحمل في طـيـّات نــــفسـه، ألـق التحـدّي الثـوري، المشحون بعبـق التـاريخ وأصالة الفولكلور العراقي وامتـداداتـه السـومريـة، ضمن البقـعـة الفـراتيـة : " بـعـد موعيب تلگـي السيف ،مثلوم ابطعن خنجر" أو هـذين البيتين الآخـرين :

" لݘـَن العار كل العار على كل سيف لو زنـجـر "

الجـرح نيشان ذاك السيف ݘـان لحومته يفـتر "

 

ثم يخاطب الإنسـان الذي يـريد والذي يتطـابق مع روحـه الداخلية، ويتمـاثـل معها بالحس والشعور، وكـأنـه يريده على شـاكلته هـو :

يهــا ينته التحـط ݘلمات ، بشفـاف الفجــر لو طر

أخــبرك لو بســاط الريح ، عافـه الريـح يتگـــنطر

وتكـاد تكون كل أبيـات القصيدة تخضع لمنظورات الشاعر الروحية ، ذات المحمول السياسي، الذي هـو يريده وليس ما تريده" الأحزاب التقـليدية" بمعنى أنـّه يريـد " المثـال" لا الـرمـز الأجـوف، لذلك ترى الشحنات المتوترة ترفع روح التحدّي في كل القصيدة، ويعـلـّم على دور الناس في مسألة رفـع وخفض الـرمـز، فيما إذا تخلّوا عنه، والذي استخدم – معادله الموضوعي- بكلمة" بسـاط الريح" كرمز للقـائد والريح كمعادل للناس، وبدون الريح لا وجود للبساط ، ومن هنا شعرنا ،في عام 1967 من أن شاكر السماوي يحفــّز فينا روح الإقـدام والتمـرّد على ما هـو سـائد، ولا ننسَ أنـّه شاعر يسـاري، مشاكس ، بخصوصيـّته اليسـارية لقوى اليسـار المخصي والمتعالي على الواقع، بكل خصوصيـّـاتـه، فتراكم حالة الصراع- في نفس الشاعر، وتأثيرات المجتمع، لا تلبـّي حاجتـه الثورية، لذلك فـكَّ الإرتباط بآصرتــه التنظيمية مع ذلك اليسـار في نهاية الخمسينات، كما أعتقـد، ووفق ما أخبرني هـو بذلك ، وتحديداً في عام 1959 م ، لكنـّه ظلّ على إصراره المتحدّي للـواقع السياسي ولزوغـان اليسـار عن مهمـّتـه اليسـارية الثـورية، لذلك نرى أن " حـݘـايـة جـرح" تبرز من خلال المضمون والتسـمية" للـديوان" وهـو : مـوقف معـلن من قبل شـاكر السـماوي ، للتعــبير عن ذاتـه اليسـاريـة، ضد هذا اليسـار، وضد الواقع السلبي الذي يتحرك به هذ اليسار العراقي، فـ "حجـايـة جـرح" هو ذلك التاريخ المسربل بالآلام والتحديـات لكنه يظل معبود لحظته التاريخية، بـوصفـه حالة التزام ثـوري، يستحق هذا الرثـاء وهـذا الدفاع .

* هـذه القصيدة، هي التي كانت "جـواز السفر الأول" للدخول الى حومة ميدان الشعر الشعبي العراقي، بقـوة واقتدار، ومحايثـه واحتكاك لكل القمم والقـامات الموجودة فيه، لذلك أراد شاكر السماوي أن يقـدّم نفسـه لهـذا الوسط الثقافي- الشعري، بهذه القصيدة،، والتي ولـّدت" الـديوان الأول" باسمها ، فيما بعد، إذ صدر هـذا الديوان عام 1970 م ، وممـّا يلاحظ على القصيدة من بدايات انطلاقاتها كانت تحمل روح التحـدّي الأدبي والسياسي :

ونݘان السهـَم مـَض بيك، عيب اعلى الجرح يندم -1-

هنــيالـه أليشـگ الموت ، يرشـف من حــلاة السم -2-

هنــيالــه اليكـت بالصيف زخـّه اعلى الهرش يحلم -3-

يهـــا يلـّي تـشيـل اســنين ، باݘـــر والجـرح مالــم -4-

بــاݘرنـه ابخيــال اليــوم ، عرّيس وشموعــه الدّم -5-

باݘرنه اعلى جرح الطيف جرح اعلى الجرح بلـسم -6-

 

 

هـذه الأبيات الســتّـة، تحمل بمضمونها كل صور التحدي وبروح فروسية عالية، بل فيها من إصرار على تجــاوز الواقــع، والتسـامي فوق الجـراح، وخـلـق" تعـويــذة الروح المقاومـة" البيت 1 – والإصرار على الإقدام برشف" كأس السم" بوصفـه "مضغـة" لفطم روح الإندحـار- البيت 2- على اعتبار أن حامل سني النضال- البيت4- والناظر نحو الغـد" بـاݘر" هو صورة ذلك " العريـّـس" الذي يعلّم- بوصفه ثوري- أن شموع العرس من الـدم- البيت5- لكن هذا الإصرار للتحـدّي هـو الذي يرسم " الطيف" أو الحلم القادم ، من خلال "تراكم الجروح" على بعضها يولـّد "البـلــسم" الشـافي لهـا – البيت6-

 

* في عـام 1966م ، كان شاكر السماوي قد انتقل الى بغــداد من محافظته الديوانية لإكمال درسته الأكاديمية في " الأدب الإنجليزي "وهذا يعني تراكم وازدياد الخبرة المعرفية في شؤون الثقافة، من خلال دراسته الجامعية في بغداد، والاحتكاك في المجتمع البغـدادي ونخبـه الثقافية ، وكان للشعر فيه النصيب الأوفر، فما من حارة في بغـداد إلاّ وفيها فـنـّان أو شاعر أو مغنـّي أو مسرحي أو أكاديمي، كما هي طبيعتهـا العباسية ، منذ أن أنشأها أبو جعفـر المنصـور عام 144هـ/762م .

إنّ ظهـور ديوان شاكر السماوي الأول" حجـايـة جـرح" عام 1970م ،بطبعـته الأولى، هـو مغامرة قويـّة تحتاج لعـناد المواجهـة الشعرية من جهـة، ومن جهـة ثانية، توكيد ثـبوت اليسـاريـة في الانتماء السياسي، إذ أن هـذه الفترة، سـاد فيها الشعر السياسي على مضامين الجمـال في النظم الشعري، هـذا أولاً، وثانـياً، كان مظفـر النـوّاب قد سيطر على السـاحة الشعريـة في العـراق بأسلوبه الحـديث في نظم القصـيدة الشعبيـّة، بمعنى أن مواجهـات الشعر- في السبعينات- خلقـت أنماطـها الخاصـة، من حيث التلقي والتـّذوّق ورغـبة الجمهـور" السياسي" لسـماع القصيدة السياسية، وتفضيلها على غيرهـا، وهـذه الإشـكاليـة، جـذّرت من أسـاليب القصيدة السياسية في العراق وفرضت إيقـاعها على المشهد الشعري، في القصيدة الشعبية، إن لم نقـل في عموم الأدب العراقي، لكنـّها- بنفس الوقت- أدلجـت" النظـريـة الجمالية" في الرؤيـة والتقيـيّم للنظم الشعري، ممـّا ولـّد نقـداً هـزيـلاً، سـيـّد أحكام الأيديولوجيا على الأدب بعـامة، وعلى الشعر بخاصـة، ومن ثـمّ أبعـد هذا الحـال، الكثير من الشعراء من ساحة المواجهـة الإبـداعية في الشعر، لكـن الفحـول من الشعراء أثـبتوا قدرة فائـقـة على البقـاء والتحـدّي والإبحـار في ظلّ هـذه الموجـة العاتيـة للأدب اليسـاري في العراق، وأسـدل السـتار على بعض" الشعر الكلاسيكي" وخصوصاً في الإعـلام، وبقى هـذا الأدب حبيس المجالس والأخوانيات والشعائر الدينية، وخصوصاً المناسبات الحسـينـيـّة في المحـرّم من كل عام ،بعبارة أوضـح، تسـيـّد الشعر الشعبي الحديث على اللـّوحة الجماهيرية والمشهد الإعـلامي، وانحسـر مـد القصيدة الكلاسيكيـّة .

 

* وشـاكر السـماوي، كان واحـداً من أبرز شعراء العـراق، ممـّن سـاهم في سيادة نمط القصيدة الحديثة في الشعر الشعبي العراقي، بتسـاوق وبمـوازاة الشـاعر مظفـر النـوّاب، وهـذه الحـالة فرضـت عليـه " حـالة تحـدّي" أخرى نظراً لقـامة النـوّاب الشـامخـة، حينما وضـعه النقـّـاد في هذه المنزلة الأدبية الرفيعة، وقد كان أهـلاً لهـا بكل اقتدار وشموخ، ودون تردد، بمعنى آخر، أن شاكر السماوي بـدأ يهجـس لقصـيدته الشعبية وضرورة تمايزهـا عن قصيدة النـواب تحـديداً، لأن النـوّاب هـو المسار الوحـيد الذي يوازيه في سـكـّة الشـعر الشعبي، لذلك بـدأ شاكر السماوي يركـّز على" بـنـيــان" قصيدتـه الخاصة ، بكل ماتعني الخصوصية الشعرية، من حيث البناء والمفردة والتشكيل والرؤية والإيقـاع والموضوعات والفرادة في النظـم، من دافع يـدركـه السـماوي ذاته هـو: أن معـيار القصيدة هـو قـدرتها على البلوغ لفؤاد المتلقي والتأثير فيه، وخلق " ذائقـة خـاصة" عند متلقي شعر السماوي ونقـّـاده، أي أنـّه يريد من الناقـد أن يخضع لذائقـته الحسيـّة المتولدة منه/ أعني شاكر/أي أنـّه يريد أن يكون المعـيار النقـدي للقصيدة يكون الذوق فيه هـو الغالب، من حيث مواطن الجمال في القصيدة والشعور بقـوة الفكرة، من حيث المضمون، أي كما يقول صديقنا الناقـد يوسف سامي اليوسف " إن أوّل واجـب من واجبات القصيدة هو أن تخلق شعورً أصلـيـّاً في وجـدان المتلقي"-أنظر القيمة والمعيارص16 - وشاكر لصيق بهذه الفكرة ويلـحّ عليها، لذلك أن نقـّاده قـلـّة، ويتهـيبون الخوض في مسارات شعره ، إضافة الى وجود " خصوصية" في نظم قصيدته لا تخضع لميزان نقـدي معـيـّن بـل تخضـع لإرادته هـو، ضمن السياق الشعري الذي يرتئيه وضمن ضوابطه وشروطه، لذلك نرى أن نقاد شعره قليلون، بالرغم من سعة انتشاره، وسطوع نجمه العالي ، وبالرغم من أن " نقـّاد الأدب الفصيح قد تناولوه ، لكنهم لم يسبروا غـوره .

 

* كـيف يـنـظـم شـاكـر السـماوي قصـيدتــه ؟

1- الإيقــاع المـتوالي المنفـلـت من هيمنـة التقفـيـة والـوزن:

برزت هـذه النـاحية عند شاكر السماوي منذ قصـائده الأولى، وظهرت حتى في قصائده الكلاسيكية، بمعنى أن " الإيـقــاع" هو الصوت الأعلى في نظم القصيدة السماوية، ففي قصيدة- كلاسيكية- نظمها شاكر في 28-3-1968 م كانت بعـــنوان "همـس الخـواطر" نظمها على شكل( ربـاعيات) يقـول في الرباعية الثانية:

 

غـيمـة نــور اتطـوف بـدمـّي ... وتـمـطـر گـمـره

يغسـل ظيمي وظيـم اظنـوني... بخـمـرة ســــــرّه

واصحـيت من الصحـوه وگـلبي... امحـيـّـر بامـره

شـــاف الـروح بݘــف الدنـيـا... جـمــره بجـمـــره

 

هـذا الإيقـاع الراقـص، هـو الذي سيحـدد مسارات شاكر السماوي الشعرية، في أغلب قصائده الحـديثة ، لاسيما وأن حـريـّة النظـم للشعر الحديث تسـاعـد كثيراً في التخلص من ربقـة القـافيـة والـوزن .

 

2- هيـمـنـة الانفعالات الشعريـة في لحـظـة ولادة القـصـيدة :

يقول شاكر السماوي في أحـد حـواراته: "إن معظم قصائدي، بما فيها متوسطة الطول، كنت أنتهي من كتابتها في جلسـة واحـدة"-

وهـذا يعني أن هيمنة موضوع القصيدة يحرّكه الإنفعال الشخصي، فيما يرسم الإيقاع مسارات هذا الإنفعال في نظم القصيدة، وهـذه الحالة تكاد تتـنـمـذج عند شاكر السماوي في قصائد الستينات من القرن المنصرم، حيث يتفاعل فيها جمال الصورة الساحرة المتساوق مع هذا الإيقـاع، يقـول شاكر في إحـدى مقاطع قصيدتـه" مع الوجـه الثــاني" والتي نظمها بتاريخ 24-2-1968م في بغـــداد :

تـهـت بـالــنور.. يـا بـو النــور

دهــاك العـين.. دخـذهـا اويـاك

دلــّيـهـا اعلى نبــع الـــــنور

بلݘـي العـين من تـنـدل... تـدلـّـيني

هـنا نلمس ونـدرك أن الإيقـاع هـو الذي يقـود الشاعر الى مساراته، والشـاعر يـتيـه بروحـه مع آفـاق الصـورة لتنداح مع مَـديات الخـيال، دون الإلتفـات الى( قانونية النظم الشعري) ضمن ضوابطه الفنية" الخـليليـّة" بمعنى أن – بـذرة الإيقـاع- تنمو بقـوة عند شاكر السماوي وتفرض هيمنتـها على مسارات قصيدته .

سـألتـه يـوماً، من خلال التليفـون: " هـل أنت تقـود القصـيدة أم أن إيقـاع القصـيدة يقـودك!؟ أجـابني: بمجرّد التماع الفكرة في ذهـني، فـإن الإيقـاع يـدفعني للتـمرّد حتى على المرض، كي أنهض وأكتب القصيدة ضمن هذا الإيقاع" والإيقـاع عند شاكر أحياناً طـويل وأحياناً قصير، وموضوع القصيدة عامل مـؤثــّر في شكل الإيقاع، يقول شاكر في إحدى مقاطع قصيدته" الـوداع عـند الفـجر" والتي كتبهـا في 18-2-1969م

مشى بيـنا الوكـت خطـوات

يعـت بيهــا الـدرب وتـعــت

مشـى وشـما مشـى بيـنا... نظـل نمشــيه

يـارفــّـت دليـلي ورجـفـة اجـفــــوني

مـن يحـݘـي الگـلــب ويــّـاك... وآنا أسـكت

لاحــظ هـدوء الإيقـاع يخضع لهــدوء الانفعال، بحكم الصـورة الشعرية لمخاطبة وجـدان المتلقي، وهـو هنا( الحبيب الغـائب) ورمـزيـّـاتـه .

3- بــقـاء الإيقـاع نـاظمـاً حتى عند الانتقال من فـكرة لأخـرى، في كل الصورة الشعرية ، قصر أو طـال هـذا الإيقـاع

يقـول شاكر السماوي، في مقـطع آخر، من نفس القصيدة أعــلاه :

يـبيّ أسـكت.. بعـد واسكـت

واهـدي الشـوگ

لݘـنـّي اشما سكتت واسكـت

ألگــى الشـوگ .. يبـوگ الـروح منـّي

وعـالجـفـون يجـيك... يحـݘـيني

* * *

اشـكـثر واشـگـــد

يـدولـبني الظـنـون ومـا جـزيت الحــــد

اشـكـثر واشـگــد

يبــعدني غـناي

صــدح شـوگــي

على قـيثـارة ضـلوعي

ومـا سمعـني احـّــــــد

اشـكـثر وشـگــد شربني اغـنـاي

ولا خـلـّـيت بيني وبين

جـرحي ســــد .

 

كـم هي جميـلة هـذه النقـلات، بين صورة وأخـرى،، وإلى كم تمـاهى الإيقــاع مع هـذه النقـلات الروحية، رغم أن تكرار بعض المفـردات في الأبيات الشعرية، الاّ أن هـذا التكرار خدم البعـد النفسي في شفـّافيـة الشاعر للتعبير عـمـّا يجوس في داخلـه من مشاعر تريــد التعبير عــن محبوساتها فـي هــذه الإيقاعية الناظمـة لمسارات الصورة الشعرية وتموسـقاتهـا، مع ملاحظة أن شاكر السماوي بـدأ في هـذه المرحلة من الستينات يخلـع معطـف القصيدة الكلاسيكية، وكان الإيقــاع، في قصـائد تلك المرحلة من العـوامل المهـمـّة والقـويـّة في هــذا الخــلـع الفـنـّي .

 

4- جمـاليـة الصــورة في النـظـم تتهـادى والإيقـاع المـمـوسـق عـند شـاكر السماوي .

تؤشّـر- نهاية الستينات- على شعر شاكر السماوي بنوع من النضج المتماسك، في إبراز الصورة المندلعة من طبيعة الأشياء والمصـوّرة شعراً في مخيلة الشاعر، والتي يقتـنصها من الغموض المغلغـل في صميم الكينونـة، حيث يلتقي الـروحي بـالوثـني في معادلة الطبيعـة المعكوسة شعراً في وعي المبدع، إذ تتشكـّل صورة الطبيعـة عند شاكر السماوي بشئ من محمولاتـه الشعبيـّة، كـموروث قـوي الحضور في بديهيـّة الوعي عنده، حينما يعـبـّر عنهـا- جمــاليـّاً- ضمن إيقـاعـه المنفـرد في نظم القصيدة الشعبيـّة ، يقـول السماوي في مقطع من قصيدة" الـوداع عنـد الفجـر" الآنفـة الـذكر:

ويـطفـّـينـه الصـبح.... والطـين

يـبرج زيـبگــه بطـينـه

وتطـفــّيـنه...

وعلى ظلمـة ضـوه الـدنـيا الـدرب رَد نـــــا

رمــاد... ويَ الـرماد الـريح تحـديـنا

و وَدعـنــّـك رفـيف دمـاي

أودعـنـّك واخلـّي لكَ على الثـيـّل

خيـالي طـارش ومكتـوب

ما شـايل عـناويـنـه

يخـبرك..... يـارفيج الـروح

تـراه الشـوگ... عـندي شـوگ

عــذري بـكل نـيــاسـيـنـه

 

أخــّاذة هذه الصـور، وخـارق هـو التوصيف لخلجـات النفس الـداخلية بهـذا الإسـقاط الشعري، وهـذه الحالة المتقـدمـة في النظم عـند شاكر السماوي، هـي التي أهـّـلتـه بامتياز لأن تكون قصيدتـه ، في سـبعـينات القـرن المنصرم فـريـدة في نظـمهـا وشكلهـا، ومضـمونهـا، وجرسـها الخـاص .

 

* شـاكر السـماوي في سـبعـينـات الـقرن العـشرين :

قـلـنـا، أنَّ فترة السبعـينات، من القرن المنصـرم ، في العـراق، هـي أخصـب فتـرات الإبـداع الشـعري، فصيحـاً كان أو عــاميـّاً، إذ بـرزت طـاقـات شعـرية ، لم تتكـرر فيـما بعـد، حتـّى سـقـوط الـديكـتاتوريـة في العـراق عـام 2003م ، وقـد كانت قصيدة شـاكر السـماوي" الـعـشـگ والمــــوت وبـنــــادم" التي كتبهـا في مطلع عـام 1972م ، واحـدة من أشـهــر قصـائـد تـلـك الفـترة ،حتـّى أنـّهـا أصبحـت حـديث الشـارع العـراقي بـرمــّتـه، بـل وانتقـل تأثيرهـا على أوسـاط النقــد الأدبي في بعض الجـامعـات العـراقية، وأحـدثـت هـزّة مضـادة في إعــلام السـلطة البعـثي، حيث أصـدرت رئاسـة الجمهـوريـة/ مـرسـوما / منعت فيـه كل وسائل الإعـلام العـراقية من نشـر" الشعر الشعبي، حفاظـاً على سـلامـة اللـغـة العـربيـّة" كمـا تـدّعي الـدولـة .

ولـهـذه القصـيدة الشـامخـة حـكايـة طريــفــة ، وتـداعـيات سـياسـيـّة وثـقـافيـّة، مـازالـت عـالقـة في الوجــدان العـراقي ، حتـّى هـذه السـاعـة ، تقـول القصيدة:

العـشگ والـمــوت وبــنادم

الـنور غـــافي ،

والشــوارع، ݘـن شـرايين انتهـت بيـهـا العـمـر

والشـعـارات العـتيگـــة...

إتــذب ضــواهــا

إتــــذب حݘـيـهـا

إتـــذب تعـبهـــــا

وتغـفى بعــيون اليُـمــــــر

والحـيـاطين العـتيگــة الݘــودرت فـوگ الصــبر

إتـثــاوبت بيـهـا صورهـا، المنـطقـي بيـهـا الحِــــبر

إتـبسـمرت بـيهــا جـثــثـهـــا

بـــلام لاذت مـــن تـــعـبهـــا

بوحــشـة اِخـيـــال الجـســر

* * *

الـنـــور غــافـي،

والحـياطين الجــديدة إتشرعـبت شـاهــد گـــبر

إتحـنــّـط الصاحي بسـحــر

إتـحـنــّط الغــافي بسـحــــر

إتحـنـّط الدنــيـا بتــعـبــهـا

اِلطــش تعـبهــا بكـل كـــتـر

وآنــا بيـهـــا، ريــّـه تتنفــّـس حݘـيـهـا...

مـن الظــنــون

مـن الـعـــيـون

مـن الشـبـابيـݘ التغـشــّـت بالسـتاير والحـُـصــر

 

* * *

الـنـــور غـــافـي،

والنـدى السـهـران يرسم كل ضوه الدنـيا فجــر

والنـســيم يـمـُـر عـليّ,

اشـراع بايـگ روحـــه من كـل السـفـن

والسـكــوت اليــمشـي بــيّ

گـــمره تسـجنـّـي بضميري

ســـفـرة واحــلام وحـــزن

وآنـــا خـطــوة، حـطـهـا جـدمي بتـالي نـيـتـه

تــراب شـط عــافـه الـنـــبع

وآنـــا خـطـرة ، طشـطشـتـني فـوگ وجـدان العـُـمر

كـــاولـي عـــافــــه السِّـمـع

وآنــا وحـشـــه ...

تكــبر بعـين اليـمـر

تكـبر بـدمي گــــبر

تكــبر بروحي كـفـر

وآنــا بيـهـا ادروب تسـهــر ،

تـنـتـظر جـيـّة غـريـب

يـنـتظر مـا ينـتظــر !!

 

* * *

دمـّي حـكـمـة، تـعـّـبتـهـا وتـعـِّـبتني

وتـعـِّـبـت كل مـن يـمـر

وآنــا واليـعــبر حـبــر

وآنـــا واليعــبـر نشـد

يـلـهـث بكــلّ الحـبـر

 

نـــشــدنـه...[ والنّـشــد إحــنـه ]

نشــدنــه... [ والنـِّـشـد محـنـه ]

نشدنـه الجـدَم والسـݘـّـه والنـيــّه ...

لا نيـّـه الـدرت

لا سـݘـّـه الـدرت

ولا جـدم الدرى اشيـدري !

نشـدنـه من الـوكـت:

هــلـبت ...؟

 

طـلـع ما مش وكــت يـدري

نشــدنـه الصـنـطـه ... ما تدري!

نـشدنـه الݘـلمــــة ... ما تدري !

ونشـدنــه اليـدري ... ما يدري !

وللقصيدة تحليلات قادمة ، تكملة للبحث .

* * *

 

 

 

 

 

اقرأ ايضاً

 
أضف تعليق
نطلب من زوارنا اظهار الاحترام, والتقيد بالأدب العام والحس السليم في كتابة التعليقات, بعيداً عن التشدد والطائفية, علماً ان تعليقات الزوار ستخضع للتدقيق قبل نشرها, كما نحيطكم علماً بأننا نمتلك كامل الصلاحية لحذف اي تعليق غير لائق.
الاسم :

عنوان التعليق :

البريد الالكتروني :

نص التعليق :

1500 حرف المتبقية
أدخل الرقم من الصورة . اذا لم تستطع القراءة , تستطيع أن تحدث الصورة.
Page Generation: 0.37291
Total : 100