حق المواطن .. مهدور!!

 

في العهد البائد، كانت هناك دائرة إعلام في كل مؤسسة حكومية، مهمتها الاولى ان ترد على شكاوى المواطنين. وكانت هناك عقوبات لرئيس الدائرة اذا ما تأخر الرد اكثر من ثلاثة ايام.
بالطبع كنا، نحن الصحفيين، نعرف الخطوط الحمراء الممنوع علينا الاقتراب منها، ومن بينها (الحزب الحاكم واقارب الرئيس وعشيرته وغير ذلك) فيما عدا ذلك ننشر شكاوى الناس ونتلقى الردود عليها، وفي احيان كثيرة تحل المشاكل.. وبالطبع ذكر هذه الحقائق ليس مدحاً للنظام البائد، لكن هذا ما كان يحصل. وكنا نستفيد من هذه الفرصة الضيقة لخدمة الناس، مع التأكيد على اننا نبتعد عن المحظورات (الحزب والاجهزة الامنية والجيش والاقارب).
اما اليوم، فالأمر مختلف، حرية مطلقة للنشر، لا رئيس خارج حدودها ولا حزب يمنع الاقتراب منه، اما الاجهزة الامنية فالكتابة عنها امر متاح حقاً وباطلاً.
هذا الاختلاف الشاسع بين الحالتين، لم يحصل المواطن من ورائه على اية فائدة. فأذا كنا في السابق لا نستطيع ان نعري محظوري النشر، ولانكشف الحقائق الا بحدود ضيقة، فأننا اليوم امام محنة هي: ما جدوى الكتابة اذا كان هناك من لا يرد او لا يقرأ ما يكتب في الصحافة!
قبل ايام حدثني الزميل (حاتم حسن) بغضب شديد عن قضية نشرها تتناول شريحة واسعة من منتسبي وزارة الصحة، الا ان الوزارة، لم ترد عليه، ورغم محاولاته الاتصال هاتفياً بالمسؤولين هناك الا انهم اغلقوا هواتفهم دونه، وكـأنه يتكلم مع حجر!
قلت للزميل العزيز: وهل هناك وزارة اخرى او اي مؤسسة في دولتنا (الديمقراطية) ترد على شكاوى الناس المنشورة في الصحف او التي تعرض على الفضائيات العراقية؟ وقلت ايضاً: ان مسؤولي المكاتب الاعلامية (معظمهم) لا يحسدون على ماهم عليه. فهم يعملون مع همج او مستهترين بمصلحة المواطن.. ولا يهمهم غير قضاء يومهم بسعادة مع ومع (...) وغير ذلك لا يعنيهم. مما يضع مسؤول الاعلام النزيه في حرج شديد. وحين يمتنع مسؤوله عن قراءة الشكوى فماذا يستطيع ان يفعل؟
عدم الرد، والاستخفاف بالمواطن هما صفتان ملازمتان للكثير من المسؤولين الحاليين.. وعدم الرد على شكاوى المواطنين معناه بالدرجة الاولى ان المسؤول لا يهمه شيء قدر استمتاعه بيومه مع (...) وكأنه (مهروش وطاح بكروش)!!
ثم هناك مشكلة اخرى هي انه لا احد يخاف من احد.. واذكر هنا ان مسؤولاً كبيراً يملك صلاحيات واسعة قد همش على شكوى مواطن وطلب ممن هو ادنى منه بدرجات اعادة الحق الى نصابه. ولكن، ما ان وصل كتاب من هو اعلى الى من هو ادنى، حتى اهمله الاخير.. وهكذا تجري الامور في العراق (الديمقراطي)!