نظام دعاوى العشائر

 

 

 

 

 

 

كان القضاء العشائري قبل الاحتلال البريطاني يقوم على أسس وإحكام خاصة في الدعاوى المدنية والجزائية التي تحدث فيما بينهم وكانت لهم أصول تتبع في كيفية التحقيق المورثة وإتباع أساليب قضائية تتسم بعدم الانحياز مهما كلفهم هذا.
وعندما احتلت القوات البريطانية اغلب مناطق العراق ، تذرعت بحجة ان القانون الذي أصدرته لا يمكن تطبيقه في المناطق العشائرية والتي تؤلف جميع المناطق المحتلة ، وأن الحكام السياسيين كانوا بحاجة الى صلاحيات خاصة يبتون بواسطتها في القضايا الحقوقية في مناطقهم، ولتلافي هذا الوضع اقدم ( هنري دوبس ) على وضع نظام يماثل نظام جرائم الحدود الهندي الذي وضعه ( روبرت ساندمان ) في بلوجستان اطلق عليه اسم ( نظام دعاوى العشائر المدنية والجزائية ) وقد صدر هذا النظام أول مرة باللغة الانكليزية باسم ( The Tribal Criminal and civil Disputes Regulations) .
سنة 1916 م وقد منح هذا النظام صلاحيات للحكام السياسيين بتشكيل مجلس عشائري يحكم بموجب العادات العشائرية في جميع القضايا التي يكون فيها أحد المتنازعين من أبناء القبائل ، وكانت للحاكم السياسي الكلمة النهائية في جميع الأصول التي يحكم فيها ، وبوسعه إعادة النظر في القضايا ويقر على قرارات المجلس العشائري أو أن يهمل هذه القرارات.
يحتوي نظام دعاوى العشائر على سبعة أبواب و اثنان وستون مادة فالباب الاول شمل على تمهيد وثلاث مواد وضحت فيها اسم النظام وتعريف بعض الاصطلاحات ومنها : تعريف المجلس ، تعريف أمر الإحالة ، تعريف القرار وغيرها . أما بقية الأبواب فقد تضمنت على أحكام العقوبات لدى العشائروتناول النظام موضوعين أساسيين الأول الدعاوى العشائرية وكيفية حسمها ، والثاني احكاماً انضباطية ضرورية لتأديب المخلين بالأمن العام ، ويلاحظ على مواد هذا النظام انه لم يحتو على رسوم ولا تبليغات ، و الذي يتحكم في الموضوع من ناحية الحق الشخصي في الدعوى العشائرية هو العرف العشائري ، وقد أحتوى ذلك النظام من الشذوذ والاختلاف عن عادات العشائر وأعرافهم الشيء الكثير وذلك لما كانت تقتضيه مصلحة الاحتلال ولقلة المصادر العرفية المكتوبة 
وقد أقرت بعض القوانين التي نصت على الآخذ بالعرف العشائري ومن هذه القوانين، قانون العقوبات البغدادي وقانون أصول المحاكمات الجزائية البغدادي ، والاهم من كل هذا فقد اقر القانون الأساسي العراقي الصادر سنة 1925م على الأخذ بالعرف العشائري حينما تكلم عن أنواع المحاكم الخصوصية في المادة (88) وهذا دليل واضح على ان الأعراف العشائرية مصدر قانوني ملزم في القضايا المدنية الجزائية .
أما الهدف من وضع هذا النظام فهو إقرار الأمن في المناطق العشائرية ،ولإرضاء العشائر و استخدام رؤساء القبائل في إدارة شؤونها ، حتى لا تقدم المساعدة للعثمانيين في حربهم ضد البريطانيين و فضلاً عن هذا حاجة الحكام السياسيين بعد احتلالهم المناطق العراقية الى سلطات خاصة يبتون بواسطتها في القضايا الحقوقية والجزائية في مناطقهم ، وكانت الإدارة البريطانية تهدف ايضاً في وضعها لهذا النظام تجنب الاصطدام بالعادات والأعراف الخاصة بالعشائر. 
فالهدف الأساس الذي من اجله وضعت الإدارة البريطانية هذا النظام هو هدف سياسي ، وذلك لاستمالة شيوخ العشائر إليهم لضمان تأييدهم ضد العثمانيين ، وقد عمدوا الى توسيع سلطات الشيوخ وحصر السلطة في يد أقل عدد من الشيوخ فأصبح الشيخ يقوم بتنفيذ ما تأمر به سلطات الاحتلال ، وكانت تؤيده لقاء ذلك في قضايا الأراضي ، وتطبيق دعاوى العشائر وفي الإعفاء من الضرائب أو تخفيضها ومساعدته مالياً .

الباحث احمد الشجيري