بغداد الأسوأ عالميا ... مرة أخرى

بغداد – رغم تاريخها الموغل بالقدم والحضارة والأزدهار، تربعت عاصمة الخير، مرة أخرى على عرش أسوأ مدن العالم للمعيشة، والتي تقدم كواحدة من أنجازات حكومة حزب الدعوة التي عاثت في المدينة وباقي المحافظات العراقية تدميرا وتبشيعا.

واعاد مؤشر ميرسر، اختياره للعاصمة العراقية بغداد اسوأ مدن العالم للمعيشة، في الوقت الذي تصدرت العاصمة النمساوية فيينا قائمة ميرسر باعتبارها افضل مدن العالم للمعيشة. واضاف المؤشر أن "المدن الاوروبية سيطرت اعلى ثمانية مراكز من أصل أفضل عشرة مدن للمعيشة حول العالم، والتي قدمها مؤشر "ميرسر" لجودة الحياة والمعيشة للعام 2012، بالرغم من أن العديد من الخبراء توقعوا انخفاض الترتيب العام لعدد من المدن الأوروبية، على خلفية الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تطغى على الجو العام في أوروبا".

وتابع أنه "جاء في المركز الثاني على القائمة مدينة زيورخ السويسرية، ثم أوكلاند النيوزلندية، تلتها ميونخ الألمانية، وجاءت مدينة فانكوفر الكندية في المركز الخامس".

يذكر ان منظمة ميرسر كانت قد صنفت في تقريرها لعام 2011 العاصمة العراقية بغداد من اسوأ مدن العالم في مستوى المعيشة. وتعمل المنظمة على إعداد هذه التصنيفات لمساعدة الحكومات والشركات متعددة الجنسيات في تقدير الرواتب والتعويضات المناسبة للموظفين عند إسناد مهام دولية لهم. ولضمان حصول المغتربين على تعويض صعوبة المعيشة المناسب والكافي ضمن حزمة التعويضات المقدمة لهم، تسعى الشركات إلى الحصول على صورة واضحة عن جودة مستويات المعيشة في تلك المدن.

وتقول المهندسة والناشطة المدنية شروق العبايجي، مديرة مركز عراقيات للدراسات والتنمية: بغداد اختيرت، ولأكثر من مرة على التوالي، باعتبارها أسوأ مدينة للعيش في العالم، من خلال هذه المنظمة، التي تختار معايير حيادية، 16 معيارًا إنسانيًا وخدميًا وأمنيًا، وكل ما يتعلق بتوفير أساسيات العيش الكريم في مدينة، وخصوصًا عاصمة مثل بغداد، بكل هذه المقاييس والمعايير تخرج بغداد الأسوأ للعيش، وهذا يدلل على أننا فعلاً لا نزال متخلفين جدًا عن الوصول إلى مستوى من المعيشة، يوفر أبسط المقومات للإنسان البغدادي، فكيف في المناطق الريفية وغيرها.

وأضافت إن بغداد كمدينة لا تستحق أن تكون أسوأ مدينة في العالم، بغداد عمرها ألف سنة، بغداد مدينة مرت عليها حضارات عديدة، وهي عاصمة لدولة نفطية، ومعروف أن البغداديين يفتخرون ويعتزون بانتمائهم اليها، فلماذا هذا الإهمال، لماذا يتم فعلاً ترسيخ الصورة عن بغداد بأنها أسوأ مدينة في العالم؟ أعتقد أن المسؤولية مسؤولية الدولة العراقية، وتحديدًا أمانة بغداد.

ورأت الأستاذة الجامعية نهلة الندواي، إن بغداد بكل تأكيد اليوم هي الأسوأ، حينما تنزل من المطار في أي مدينة من مدن العالم يصيبك الذهول حين تشاهد الخضرة وجمال شوارعها وسعتها، ولكن حين تدخل إلى بغداد لا ينتابك غير الكآبة، حيث الملامح الداكنة واللون الرصاصي، الذي يصبغ الأبنية ولا تعرف لماذا، والقاذورات التي على الطريق، وبغداد أيضًا أصبحت كئيبة بناسها، أنا كل يوم حين أذهب إلى الجامعة وأنا اقود السيارة تصادفك الزحامات الشديدة التي تجعلك تتأمل طويلاً في الوجوه، فأحاول أن أحسب من منطقة (الوزيرية) إلى الجادرية عدد السيارات المارة، واحاول أن احسب عدد الوجوه المبتسمة، ومن الصعب أن تجد في اليوم الواحد من ثلاثة إلى اربعة مبتسمين من مئات وآلاف الناس، بغداد كالحة بشوارعها وبشرها.

وأضافت وأنا أسمع أن بغداد هي الأسوأ أتساءل هل لك أن تتخيل مشاعر شخص عنده أب يحبه ويعشقه، وأم يحبها ويعشقها، ويلاحظ عليهما ملامح المرض والعجز، ولا اقول الكهولة.

ويقول الكاتب والصحافي شمخي جبر، بغداد تاريخ وحضارة وتنوع حضاري ومحط انظار العالم، محط انظار الباحثين، فأي عالم من علماء الدنيا لا تصبح شهادته صحيحة إلا حين تختم من بغداد أو يزور بغداد أو يأخذ العلم من بغداد، ولكن ان تصل بغداد الى هذا المستوى من الإهمال فهذا ما يحزننا، هناك آثار مهمة في بغداد تهدم وتخرب، وشوارع مهمة وتراثية منها تهمل، ومراكز ثقافية مهملة، لهذا بغداد وصلت الى هذا المستوى من الإهمال، الذي يشير إلى شيوع ثقافة انحطاط، وضياع ثقافة التنوع، الثقافة العراقية الحقيقية للعراق الموجودة في بغداد.