أبو غريب.. تودعكم!!

 

لم اكن مستعجلا في الكتابة عن ما حدث في سجني ابو غريب والتاجي , وانتظرت لمدة تزيد عن العشرين يوما لا لصدمتي من الحادث , بل لقناعتي ان الانتظار يكشف كثير من الغبش عن الحقائق التي يحاول البعض تطميسها , او ادراجها في مكاتبهم تحت عنوان سري وخاص. الهجوم الذي تعرض له اكبر معتقلين عراقيين , جاء بمثابة اعلان تفوق القوى المهاجمة على القوى المدافعة , والتي مع شديد الاسف لم تصمد طويلا , حيث استسلمت لارادة المهاجمين وتم لهم ما ارادوه بنجاح , ولعل سجن بغداد المركزي , الذي يشكل اكبر معتقل في العراق ويضم بين المعتقلين , ما وصفوه باخطر امراء القاعدة , هو المستهدف الحقيقي في الهجوم الذي اطلق بموجبه سراح اكثر من ثمانمئة معتقل , جلهم من تنظيم القاعدة ومدانين بجرائم ارهابية بشعة , وما هجوم سجن التاجي الا للتمويه ومشاغلة القوات الامنية . طريقة الهجوم وامكانية المهاجمين تشير الى ان العملية مخطط لها مسبقا , بيد اننا كثيرا ما سمعنا عن مطالبة لتنظيم القاعدة باطلاق سراح معتقليها " الاسرى " وكانت لديهم تهديدات صريحة وواضحة بما يخص هذا الامر , هذا ايضا ما تؤكده الوثائق التي نشرت وتنص على وجود مثل هكذا معلومات وصلت الى الاجهزة الامنية التي تعاملت مع الموضوع ببرودة اعصاب , ما ركز في ذاكرتنا من تحليلات منطقية لعملية الهروب هذه تبين ان الالية التي تمت بها كثيرة ومتشعبة , فبينما اشرنا وجود اعداد سابق للقوى المهاجمة وامكانية جيدة لنوعية الهجوم , سجلنا كذلك عمل لتنظيم القاعدة على اختراق صفوف الاجهزة الامنية ابتداءاً من احداث تنقلات في صفوف الضباط والمسؤولين عن المعتقل , انتهاءاً بشراء الذمم في داخل هذه السجون وهي من سهلت المهمة. نجاح تنظيم القاعدة في غزوة ابو غريب وفشلها في التاجي , جاءت كنتيجة طبيعية , فالقاعدة هي من ارادت لهذه النجاح ولتلك الفشل , فالمقصود كان هناك , والدليل ان عملية سجن التاجي بدأت قبل ابو غريب بساعة , بلحاظ ما موجود من نوعية المعتقلين الفارين . الحديث عن اسباب ونتائج الهروب يطول كثيرا , والمهم ان يعي السادة المسؤولين , انهم هم من وفروا الارض الصالحة لعملية الهروب هذه , وعليهم ان لا يتهموا من ارادوا اتهامه.