السر في استمرار المذبحة

 

 

 

 

 

 

المذابح العشوائية اليومية مستمرة في العراق ، المذابح تجري بنمط ثابت فتقابلها القوات الأمنية بردود فعل متشابهة متكررة ، الموت الجماعي يتكرر كل يوم فيتكرر معه الفشل الدفاعي كل يوم ايضا ، الارهابيون في موضع الهجوم والحكومة في موضع المدافع داخل بلدها وارضها ! الاساليب الفاشلة في مواجهة الأزمة الأمنية تستهلك اموالا وجهودا وارواحا ولا تعود الا بمزيد من التراجع ، كثير من الخبراء والمراقبين ومسؤولي البلد الكبار والصغار يعرفون حقيقة ما يجري ويعرفون اين الخلل وما هو البديل لكنهم يفضلون الصمت ، المعركة مع الارهاب تحتاج الى خطة والخطة تحتاج الى ترتيب اولويات ، ولا تحتاج معرفة الاولويات الى خبرة كبيرة ، فقد اصبح المواطن العراقي من كل الاوساط والمستويات يعرف ما هو المطلوب ، قبل كل شيء يجب عدم السماح للارهابيين بأن يتحولوا الى قوة عسكرية مقاتلة تتقاسم مع اهل البلد المستهدف الارض والموارد ، وهذا لا يتم الا بتطبيق ما يسمونه في الدعاية (تجفيف منابع الارهاب) وهو عنوان عام وعند التفصيل يكون الشيطان كامنا في التفاصيل ، أصبح معروفا ان أهم منابع الارهاب في العراق هي :
1. دول في المنطقة تتولى تدريب وتمويل الارهاب في العراق ، ويعد ذلك اعلان حرب عليه ولكن العراق لا يقابل تلك الدول بأي اجراء رادع مع انه قادر على ذلك .
2. الحدود المفتوحة التي يتدفق منها الارهابيون الى الداخل ، ولم يعد العراق قادرا على حماية حدوده وهو ما لم يحدث في اي بلد آخر .
3. وجود وزراء ونواب ورؤساء احزاب يتولون بشكل علني دعم الارهاب بالمال والسلاح والتخطيط والتنفيذ والتغطية الاعلامية والتعبئة والتحريض ، وتتوفر ادلة واوامر قضائية برفع الحصانة عنهم لكنهم يستمرون في شغل مناصبهم في الدولة بدون اي حساب ، هم مسؤولون عن تلك الجرائم شرعا وقانونا ويشاركهم الجريمة من يعلم بهم ويلوذ بالصمت .
4. وجود حواضن محلية شبه علنية للارهاب ، وقد احتلت العصابات المسلحة بعض المناطق في شمال العراق ووسطه وغربه ، واتخذوها اوكارا لهم واتخذوا اهلها اسرى . 
5. تعد السجون احد منابع الارهاب وفيها يمارس المجرمون ادارة العمليات الارهابية من داخل السجن وتتوفر لديهم الاتصالات ، ويقومون بتنظيم الشبكات الارهابية داخل السجن ، ويتم تأجيل تنفيذ الاحكام بالمجرمين ثم يتم تهريبهم من السجن .
هذه اولويات تقع ضمن صلاحيات الدولة العراقية وهي مقدور عليها ، ولا يمكن القضاء على الارهاب الا بتنفيذ هذه الاولويات ، اما اهمال تلك الاولويات فانه سوف يؤدي الى هيمنة المعسكر الارهابي على البلد تدريجيا . والسؤال الشائع هو : لماذا لا تعمل الدولة العراقية على اساس هذه الاولويات في مواجهة الارهاب ؟ والجواب الحقيقي هو ان العراق لا يستطيع العمل ببعض هذه الاولويات لانها حسب زعم المعنيين تؤدي الى الأسوأ ! وفي الحقيقة لا يوجد اسوأ من الوضع الحالي ، لكنه قد لا يكون الاسوأ لدى المستفيدين من هذه المأساة ، الحقيقة المسكوت عنها ان مصالح بعض القوى الدولية والاقليمية تتطلب ان يبقى العراق ساحة للابادة ، وما على مسؤولي هذا البلد الا الاستجابة لتلك الرغبات ، مصالح الدول الكبرى اهم من حياة الشعب العراق ، وهذا وجه واحد من وجوه الأزمة ولا يوجد اي مبرر آخر لحالة التهاون والفشل وتجاهل هذه الاولويات التي اصبحت على كل لسان .