كما قال كالكامش أهدم بيتك وشيد زوارقا

 

أشارت ملحمة كلكامش إلى انه عندما وقع الطوفان قبل حوالي خمسة آلاف صرخ الملك السومري بأعلى صوته ...أهدم بيت وشيد زورقا .. وكأنه اراد بذلك أن ينقذ الناس من الغرق، لدرجة التضحية ببيوتهم واللجوء للزوارق كمنقذ من الموت، بالرغم من ان البعض يربط ما بين الزورق والجباشة التي انتشرت في أهوار جنوب العراق حتى اليوم . لقد كان الرجل يملك من الجرأة والصراحة ما دفعته للاعتراف امام شعبه بأن الفيضان القادم أكبر من قدرته وإمكاناته وما لديهم مثلها، فالحل في رأيه في تلك المرحلة الحرجة يكمن في صناعة زوارق ( الجبايش ) المكونة من القصب والبردي كي تطوف في الماء لتحمي الصغار والكبار، وما يعينهم على البقاء حتى انجلاء الغمة، ومن تلك الصرخة توجه العراقيون إلى هذه الصناعة حتى اصبحت جزءا من حياتهم فكان ميناء أوروك وتلاه ميناء الآبلة (في منطقة العشار الحالية) الذي اصبح اكبر ميناء في العالم في فترة من الفترات السالفة، وبنيت في زمنه اواصر تجارية مع مملكة وميناء دلمون وغيرها من الموانئ المنقرضة وصولاُ إلى الصين والهند . أن ما دعانا إلى ان نتذكر كلكامش والزورق التهديد الكبير الذي يتعرض له فقراء العراقيين هذه الأيام من نعمة المطر، والتي لا يبالي بها من أمن على نفسه وعياله واخذ يبحث عن التبريرات الواهية، لذر العيون في الرماد والتنصل من المسؤولية، التي كانت بعض الاحزاب تتقاتل من اجل المسك بزمام الوزارات الخدمية على اساس انها ستكون مفتاحاُ سحريا تلج منه هذه الاحزاب إلى قلوب الجماهير، بعد أن عجز من سبقهم والآخرين عن تحقيقه لهم ( الخدمات)، وتبين أن كل ما قيل ويقال لا يتعدى كونه كلام ليل يمحوه النهار، وهذا ما لمسناه جميعا فيما مضى وتلوح في الافق تباشير ستكون نتائجها امر وادهى . كنا ننتظر من الذين عجزت اراداتهم وعقولهم عن تلافي المأساة الاعتذار من الشعب لا التمسك بالأعذار الواهية، وخاصة التبرير الذي قدمته مؤخراُ امانة بغداد وألقت فيه اللوم على الاتربة والقناني الفارغة ( بارتكاب هذه الجريمة ) أي انسداد المجاري، فإذا كانت الامانة قد شخصت العلة، فكيف واجهتها في فصل الصيف الماضي الطويل جداً في العراق ؟؟؟؟؟ وماذا سيحصل للمناطق التي غرقت أذا ما تساقطت أمطار جديدة في قادم الايام ؟؟؟ .