قراءة في الأنتخابات القادمة ونتائجها

لا تفصلنا عن الأنتخابات التشريعية القادمة سوى 90 يوم ( ستجري الأنتخابات في 30 / 4 وأن عدد الكيانات والأئتلافات السياسيةالتي ستشارك بالأنتخابات هو 107 )، ورغم فقدان العراقيين ثقتهم بغالبية الأحزاب السياسية وقياداتها!! وعدم رغبة الكثير من العراقيين بالمشاركة في الأنتخابات، ألا أنهم ومع ذلك يتشبثون بالأمل في كل أنتخابات! علَهم يجدون ضالتهم عند هذا الأئتلاف أو ذاك الحزب أو التيار لأنقاذهم مما هم فيه!. فالعراق بكل ملله ونحله ومكوناته الأجتماعية والدينية والمذهبية والطائفية والقومية، سيكون على مفترق طريق! فأما أن تستمر حالة الفوضى والضياع وأجترار المشاكل والأزمات التي عاشها العراقيين منذ عشر سنوات ولحد الآن أي (مكانك راوح)!، أو لربما ستكون هذه الأنتخابات نقطة فاصلة في تاريخ العراق والعراقيين! كما يأمل البعض ويعتقد! لأنها ربما ستؤدي الى قيام عراق جديد ينهض من بين أنقاض وخراب ودمار سنوات العشر الجحيم التي مرت! ويكون فعلا كأسطورة طائر (العنقاء)!. من يدري لربما سيحمل شهر نيسان( أبريل) القادم الذي هو موعد الأنتخابات ، كل الأمال (بربيع عراقي جديد) يصنعونه العراقيون هم بأنفسهم و يتنفسون من خلاله هواء نقيا لا يحمل أية ذرة فساد. ( لا مثل كذبة الربيع العربي الذي صنعه الأمريكان وخدعوا به العرب وحولوا حياتهم الى جحيم!!).وهذا ما نأمله ونتمناه ولكن الأماني والتمني شيء والواقع شيء آخر تماما!؟، حيث ان هذه الأنتخابات ستكون الأصعب ليس على الأحزاب السياسية حسب ولكن على كل العراقيين الذين هم من من سيحددون ببطاقاتهم الأنتخابية التي يضعونها في الصناديق صورة وشكل العراق القادم أن أحسنوا الأختيار ورفعوا الغشاوة عن عيونهم ووعوا وأدركوا حقيقة الأمور بعد ما عاشوا الخوف والموت والجوع خلال العشر السنوات التي مرت!. صعوبة الأنتخابات القادمة (لا أقصد في أجرائها) تكمن في الظروف الأمنية المتدهورة والتي تزداد سوء يوما بعد يوم! (أستمرار التفجيرات – الأغتيالات بالعبوات الناسفة وكواتم الصوت – هروب السجناء الذي تحول من ظاهرة عابرة الى عمليات نوعية تنفذ بتخطيط مدروس – الهجوم على دوائر الدولة ومؤوسساتها والذي بات يشكل تهديدا أمنيا وتحديا جديدا على الحكومة – والأخطر من كل ذلك هو أزمة الرمادي بكل تفاصيلها وتداخلاتها والتي أدت في النهاية الى حصول مجرمي (داعش) على موطيء قدم لهم في الفلوجة والأنبار بمساعدة بعض شيوخ العشائرغير الموالين للحكومة ولا للقوات المسلحة ولا حتى لأهل الأنبار!)، أرى أن وضح الحالة العسكرية في الأنبار والفلوجة صارت أشبه (بثغرة الدفرسوار!! التي حدثت بين أسرائيل ومصر في حرب 6 أكتوبر 1973 ! حيث لا غالب ولا مغلوب والتي أدت الى التفاوض!). هذا أضافة الى أستمرار حالة التشنج وعدم الثقة بالتعامل بين أقليم كوردستان وحكومة المركز بسبب عدد من الخلافات المزمنة! اهمها موضوع النفط ورواتب البيشمركة وحصة الأقليم من الموازنة السنوية (الملاحظ أن أقليم كردستان يتعامل مع حكومة المركز كدولة مستقلة! وليس كاقليم تابع للدولة العراقية!!، والغريب في الأمر أنه حتى دول العالم تتعامل مع أقليم كردستان كدولة !!!، من الناحية السياسية والأقتصادية ، بسبب ضعف هيبة الدولة !! مع الأسف)، يضاف الى ذلك أستمرار واقع الفساد الذي تجذربكل دوائر الدولة ومؤوسساتها المدنية والعسكرية ، كل ذلك أدى في النهاية الى تصدع النسيج الأجتماعي العراقي بصورة خطيرة بسبب تغلغل الروح الطائفية التي وصلت الى عقول حتى على من نطلق عليهم بالمثقفين والمتعلمين!!، حيث وصل الأمر: أن طبيبا في أحدى المستشفيات الحكومية المعروفة في بغداد، لا يأبه ولا يحرك ساكنا ولا يقدم أي مساعدة عندما يتم نقل جرحى الى المستشفى بسبب أحد الأعمال الأرهابية لكونهم من المكون (شين)!، ولكنه يستنفرجميع الكادر الطبي والخدمي وينخيهم! لتقديم المعونة والمساعدة، عندما يكون الجرحى من المكون (سين)!! ، وهذا ما حدثني به أحد الأطباء الأصدقاء، الذي قال: وعندما قلت لزميلي الطبيب أن جميع كادر المستشفى لاحظ عليك ذلك!؟ وهذه ليست في صالحك ثم أين قسمنا الأنساني؟! أجاب قائلا: نعم أعلم ذلك جيدا ولكني لا أقدر (مو بيدي)!!!!.).والأهم في صعوبة الأنتخابات التي ستجري، هو فقدان الثقة ليس بين الأحزاب السياسية حسب ولكن بين الشعب وتلك الأحزاب!. أعود للقول: وعليه أرى ان صورة العراق في الأنتخابات القادمة ونتائجها، سوف تبقى كما هي مهما كانت النتائج أن لم تنحدر نحو الأسوء!! وسيبقى العراقيين عائمين وسط الأزمات والمشاكل ان لم يزدادوا غرقا فيها؟!، فالأحزاب السياسية هي نفس الأحزاب القوية التي تصدرت المشهد السياسي من بعد سقوط النظام السابق، والتي لها قاعدتها الجماهيرية الدينية ثم تاتي بعدها الأحزاب المتوسطة القوة والتاثير ومن ثم الأحزاب الضعيفة. فالوجوه السياسية هي نفس الوجوه التي أطلت علينا عبر صورة المشهد السياسي منذ عشر سنوات ولحد الآن والتي لا يأمل منهم العراقيين أية خير! ولا يرون فيهم أي بصيص من أمل مشرق قادم؟!، حتى أن الكثير من العراقيين ملَوا رؤية وجوه هؤلاء السياسيين وكرهوا حتى سماع اصواتهم وخطابهم السياسي المكرور والسمج والمحفوظ من قبل العراقيين على ظهر قلب!!،كما أن وعود الأحزاب السياسية بحال أفضل للعراقيين وبمستقبل واعد للعراق لم تعد تدغدغ ألا مشاعر بعض المغفلين!!، لأن أساس المشكلة التي خلقت كل هذا الخراب والدمار ونشرت الفساد منذ عشر سنوات ولحد الآن لازالت باقية؟! ألا وهي ( التوافقبة الديمقراطية)! وهي تسمية مؤولة!! للمحاصصة الحزبية والطائفية، التي لا زالت الأحزاب السياسية متمسكة بها! عكس ماتدعيه عبروسائل الأعلام من رفضها للمحاصصة؟!، وهنا لابد من الأشارة بأن المحاصصة الطائفية والحزبية صارت القاعدة والأساس!! لألية الحكم في العراق ولأية حكومة قادمة ان كان المالكي رئيسها أم غيره رغم معرفة قادة الأحزاب السياسية بأن هذه التوافقية هي من كانت وراء كل هذا الخراب والدمار والضياع؟!!، ففوز المالكي بدورة ثالثة أو مجيء رئيس حكومة غيره سوف لم يبدل من الأمر شيئا!!، ولربما بقاء المالكي هو أحسن الخيارات السيئة كما يرى أكثرالمتشائمين!!، لأنه لا المالكي ولا أي رئيس غيره يستطيع كسرقيد التوافقات السياسية والحزبية والطائفية، هذا أضافة الى وجود دستور( مثير للجدل)! بفقراته وبنوده القابلة للتفسير والتأويل! يقيد رئيس الحكومة في الكثير من الأمور التي تحتاج الى الحل السريع والحازم؟!.أخيرا أقول: انه لا أمل فيما ستأتي به نتائج الأنتخابات القادمة! فكل سيناريوهات الأحزاب السياسية في الداخل ستبقى كما هي! وكذلك سيناريوهات التدخل الخارجي العربي والأقليمي! وسيبقى الشعب يجتر بألامه وأحزانه ومصائبه!. ويبقى أمر العراق مرهون بيد أمريكا التي لا تزال تحتفظ بكل خيوط اللعبة السياسية بالعراق والمنطقة وبالكثير من الأوراق التي يعرفون متى يطرحونها على طاولة اللعبة السياسية وفق ما تقتضيه مصالحهم.