الانهيار ( من يملك من )

( لقد كان المزارعون جزءاً من السلطة وكانت السلطة ملكاً للمزارعين ، أما الآن فقد صارت الفوضى تعم كل شيء ولم يعد المرء يفهم شيئاً ) الخادم فيرس ( firs ) في مسرحية تشيكوف ( بستان الكرز ) نعم لقد عمت الفوضى ولم نعد نفهم شيء ، لقد ضاع الخيط والعصفور عندنا ، من مُلك من ، نحن مُلك السلطة أم السلطة تملكنا ، بل السلطة تملكنا فنحن سلعه رخيصة في قبضتهم تحركنا متى شاءت وقدرت لانملك خيارنا وليس لدينا فضاء تصدح به حناجرنا فأمامنا جدران سميكة غليظة تصد أصواتنا فترتد علينا لتصم مسامعنا فتولد طنين يفزعنا ، فنحن تائهين في وطننا لانملك بوصلة نهتدي بها ، وليس لدينا وليٌ نثق به ليُفقهنا وعارفٌ يفك عقدتنا وعرافةٌ ترشدنا ، ودليلٌ يُسيرنا ، يالسخريات القدر ، بائع الخضرة يمسكُ الأمن ، وبائعُ الكبة يمسك المال ، وبائعُ الهوى يمسك الاستثمار، وبائعُ الخردة يُنظر ويجتهد ، في أي زمان ومرحلة نعيش ، تُباع الرجال علناً في (علوة الأحزاب ، محتضني السلطه ، أصحاب الجشع الأرعن ) ، يسيرون فينا في طريق الحيرة واليأس ، وتشترى الذمم ، وجماعة تلعن جماعة وفئة تكفر جهة والجار لايسلم من جاره ، أنها حياة أشبه بالكابوس ،وشبابنا يمشون في دروب المجهول والضنك وهم في اشد حالات الضياع ، فقدوا هويتهم وشخصيتهم ، لقد تحولنا إلى رهائن في قبضة حفنة من كبار السراق والمستسلمين الذين يتاجرون بنا في وضح النهار ( دون أن توجد أي سلطة لمحاسبتهم أو ردعهم ) ولسان حالهم يقول (إنكم لن تحصلوا على شيء منا ) فقانون الغاب سيتكفل بالعقاب ، فمتى نكون في مأمن ضد غوائل الفقر والمرض والبطالة ، وسيبقى الناس مهددين بأن تحكمهم نظم تسلطية ، فهل نتأمل يوماً بعودة البهجة أوائل السبعينات حينما ساد الأمن والأمان والرفاه وكانت الدولة حينها تتمتع باستقلالية نسبية تمكنها من تبني السياسات المالية والنقدية التي كانت تضمن تحقيق قدر معقول من العدالة الاجتماعية والاستقرار الاجتماعي .

فلو أعطيت ميزانية 2011 (94مليار $) وميزانية 2012 (117مليار $) وميزانية 2013 (138مليار$) وميزانية 2014 (160مليار $) مجموع ميزانية الاربع سنوات (509 مليار $ ) لعاقل وشريف وغيور واقتصادي ماذا سيكون حال العراق ، ولكنها وضعت بيد بائع الخضرة والكبة والحملدار لقد أصبح البيت لأم طيره وطارت بيه فرد طيره) وهذه هي النتيجة فوضى سياسية ومالية وأمنية ، فتعساً لكم أيها الجلاوزة ماذا يقول الدكتور علي الوردي في حقكم لو كان بيننا بعدما شتم زمن الملوك الذين لايعرفون السرقة ، لوقف يترحم على زمانه ،والتي كانت بيوتهم وشوارعهم النظيفة وكأنها قد رسمت بألوان زاهية تبهر عيون المشاهدين ، أما مدننا اليوم فقد علتها الأتربة المتصاعدة من الشوارع المزدحمة بالمارة وغير المعبدة ، وقد غابت عن عيون أهلنا علائم السعادة والبهجة والأمل والبشرى والحياة الهادئة المريحة ولم تعد هناك أحلام وأماني ,وليس هناك شيء يدعونا للإعجاب والإكبار والمفخرة بكل شيء في أرجاء بلدي .

يعتصرني الألم لما سيحدث للرعية ( الناس ) يقول أبو حامد الغزالي في كتابه أحياء علوم الدين ج2 صفحة 150 (( إنما فسدت الرعية بفساد الملوك وفساد الملوك بفساد العلماء فلولا القضاة السوء والعلماء السوء لقل فساد الملوك خوفاً من إنكارهم )) فيا ويلكم من يوم تشخص به الأبصار، ياءيها القائمين على مغارة علي بابا بفسادكم سوف يفسد الناس لعنة الله عليكم وبسببكم أصبح بلدي ذات أجواء جنائزية مملة ورتيبة وينتاب أهله اليأس والقنوط من الحاضر والمستقبل ، وهم يعيشون في عراق العزلة الموحشه عراق الخوارق والمعجزات من الرشى والقتل والاحتيال والنصب وبيع الضمائر والنفاق السياسي .

فمتى يستفيق الشعب من هذا السبات ( الغيبوبة ) وينتهي زمن الفوضى !! متى ومتى من ( دبش ) طالما هذه الثلة يتربعون على سدة الحكم ، والذي يزيد الطين بله هو أن عراقنا يخضع لضغط تفرزه قوتان متضادتان أنهما أمريكا وإيران ، وانه تحت وصايتهما ، ويا لبؤسنا وتعاستنا .