إنه منطق الدکتاتور بحق و حقيقة

 

تحذير رئيس الوزراء العراقي نوري المالکي من إنهيار اقتصاد بلاده و نظامها المالي في حال عدم الاتفاق على موازنة البلاد العامة و إنهاء الخلافات حولها، وتوقعه بأن تشهد الموازنة عجزا مقداره 35 مليار دولار، يرسم منحنى سلبي و بالغ الخطورة للاوضاع الاقتصادية في العراق و التي شهدت و تشهد تراجعا ملفتا للنظر طوال الاعوام الثمانية من ولايتين غير موفقتين للمالکي.
إطلاق التحذيرات أمر قد يکون سهلا بالنسبة للمالکي او لکل مسؤول في ظل نظام سياسي شمولي يستخدم الديمقراطية کمجرد برقع او ستار، لکننا نتسائل؛ هل بإمکان أي رئيس وزراء يحکم في ظل نظام ديمقراطي إنتخابي أن يطلق تحذيرا بتوقع إنهيار إقتصاد بلاده و بعدها يبقى في الحکم؟ خصوصا عندما يطلق توقعا کارثيا بأن تشهد موازنة العراق عجزا مقداره 35 مليار دولار، أي نفس إحتياطي العراق عندما دخل الحرب مع إيران عام 1980، من المؤکد انه ليس بإمکان أي مسؤول في أية دولة يحکمها نظام ديمقراطي أن يقدم هکذا تحذير من دون أن يعلن على أثر ذلك إستقالته إعترافا بالفشل و المسؤولية، هذا إذا لم يکن هذا المسؤول معرضا للمسائلة و المحاسبة لعبثه و تلاعبه بالمقدرات المالية للشعب.
الاوضاع الاقتصادية السلبية و تراجع اداء العجلة الاقتصادية العراقية في مختلف المجالات، لايمکن أبدا للمالکي أن يقدم تبريرات مقنعة لها مهما کانت، لأنه يترأس السلطة التنفيذية في البلاد والتي تتحکم بمثل هذه الامور و تحدد مساراتها، وان التراجع المريع جدا للإقتصاد العراقي و إحتمال إعلان إفلاس العراق الذي للأسف البالغ صار أمرا واردا أکثر من أي وقت آخر، انما هو إثبات و دليل عملي على إخفاق المالکي و فشله الذريع ليس في المجال الاقتصادي الحساس جدا وانما في المجالات السياسية و الامنية و الاجتماعية أيضا، حيث اننا نجد في کل واحدة کل المؤشرات و الادلة التي تدين المالکي و حکومته لعدم تحقيقها النجاح المطلوب.
المالکي الذي أشعل فتيل فتنة الانبار، وقبلها أحرج موقف العراق الدولي من النواحي الانسانية على أثر الهجمات غير المبررة و الوحشية على المعارضين الايرانيين في العراق، يجد نفسه اليوم في موقف صعب و معقد جدا و يحاول جاهدا الخروج سالما من هذا الموقف، لکن من الواضح أن تراکم الاوضاع و تداخلها مع بعضها يولد حالات و اوضاع من الصعب بل و المستحيل التحکم بها کما هو الحال في الاوضاع الاقتصادية للعراق و التي هي حاصل تحصيل سياسات إقتصادية فاشلة خضعت لحسابات التبعية و المماشاة مع مصالح و أجندة دول أخرى و خصوصا النظام الايراني الذي قد جعل من العراق"ببرکة رموز خاصة له" مجرد إقطاعية تابعة له، وان التصريحات التي بات المالکي يطلقها بين الفترة و الاخرى و التي يحاول من خلالها التنصل من المسؤولية و إلقاء تبعة وخامة الاوضاع و سيرها بإتجاه الهاوية على عاتق غيره، في حين انه المسؤول المباشر عنها، هذا المنطق الغريب الذي يتعامل به المالکي،  هو منطق الدکتاتور بحق و حقيقة!