الديمقراطية: من المنبر الحسيني الى بريطانيا

 

(الهايد بارك -Hyde Park)، هي واحدة من أكبر الحدائق الموجودة في العاصمة البريطانية، وتشتهر بوجود ما يسمى محلياً (سبيكرز كورنر -Speakers Corner) والتي تعني زاوية المتحدثين، المكان الذي يجتمع فيه المتحدثون كل يوم أحد، لإلقاء كلمة أو محاورة حول موضوع ما بكل حرية، حتى وأن كان ضد الملكة أو الحكومة من أعلى مسؤول فيها حتى أصغرهم، ولم يخشى أحد من الاعتقال أو التنكيل أو الاضطهاد، فقد هضم الشعب والحكومة البريطانية، من قبلها معنى الديمقراطية الحقيقية.

وهنا أستشهد بقصة ظريفة، حين أقترب أحد رجال الشرطة البريطانية، من إحدى السيارات التي ركنها مستمع جالس فيها، بالقرب من منصة الخطيب، الذي أخذ يسب ويشتم الحكومة بأسلوب جارح، وطالبه بإطفاء محركها، كي يستمع المجتمعين الى خطبة بوضوح.

هذه هي الحرية والديمقراطية التي نطمح أن نراها اليوم في العراق، ولست أشير الى الأساليب الرخيصة في السباب والشتم والانتقاص من الاخر، او تسقيط أي طرف لا تتوافق رؤياه مع الأسلوب الذي تتبعه الحكومة.

وهي ليست بالمطلب الصعب، لكل من أدلى بدلوه برأي أو قرار سياسي، فالمشتركات والقضية واحدة، فليس هناك خلاف فيما أعتقد، على مطالب الشعب العراقي بكافة طوائفه وفئاته، ببناء عراق موحد ديمقراطي، خال من الإرهاب أمن للجميع من ناحية، وتطور شامل بكل ما تحمل هذه الجملة من تفاصيل، تكتمل برؤية العراق في مقدمة الدول المتطورة أو على الأقل بمصاف دول لها جزء بسيط، من تاريخ وثروات طبيعية التي أنعم الباري بها على العراق.

مطلب بسيط أن هضم سياسينا ومن هم على رأس السلطة مفهوم الديمقراطية والاستماع لصوت العقل والمنطق، ولا يغيب عن بال أي سياسي أن معظم الشعب العراقي يستمع الى أراء مرجعيته بشكل أسبوعي على الأقل، من على المنابر وفي خطب الجمعة، والتي تمثل ساحة التعبير الحر عن الواقع البائس الذي يعيشه الشعب العراقي اليوم، لذا طالبتهم بالتغيير، عن طريق المشاركة في الانتخابات واختيار الاصلح، مطلب لا غبار عليه.

 لكن المواطن البسيط يفاجأ، بالتسقيط السياسي والتشويش الفكري الذي أزدت حدته قبيل القرار الحاسم بالتغيير، من قبل الساسة من مدعي الحرية والديمقراطية، ولا أعلم هل أن مفهوم الديمقراطية في بلدي أختلف عن البلاد الأخرى، أم أن ساستنا أصبحوا بائعي شعارات فاشلين؟