الميّت ميتي واعرفه اشلون محروك صفحهْ


يحكى ان سبعة من العميان المتسولين قد امعنوا في اذى الناس، وقاموا بسرقة اموالهم، فتطوع احد المسروقين ليخلص الناس منهم، فدعاهم الى اربعينية وهمية، وسقاهم السم ووضع واحدا منهم في باب الدار، اما الستة فكانوا بداخل البيت، واتفق مع حمال فقير ان يذهب بالجثة امام ربية، فالقاها الحمال في احدى الكنائس وعاد، الا ان صاحبنا اخرج جثة اخرى قبل عودة الحمال، فتعجب الحمال وقال الرجل لقد عاد محروك الصفحة، خذه مرة اخرى وعند عودتك سازيد اجرك، وهكذا تكررت القضية مع ستة من العميان، وفي المرة السابعة قال الحمال: ولك ماراح اشمرك بالكنيسة راح آخذك لمقابر المسلمين، وفعلا وضعه على دكة الغسل، فانزلقت الجثة وصادف ان المغسل كان يسبح في الحوض، وحين رأى جثة قد سقطت عليه هرب، فتناول الحمال ( طابوقة) وانهال على رأس المغسل، وهو يصيح: ولك موتتني محروك الصفحة من الصبح الهسه، وتركه وعاد لتسلم اجره، فاعطاه الرجل اجره وشكره، فقال الحمال : عمي تره بعد هذا ميرجع، تره عذبني وهالمرة نزع الجفن وطلع يركض، واني ماكلت باطل نبتت طابوكه براسه، فضحك صاحبنا وهو يقول : اتعلمني بيه يمعود الميّت ميتي واعرفه اشلون محروك صفحهْ، وهذا المثل يضرب للرجل يعرف امرا بشكل جيد ولايحتاج ان يدله عليه الاخرون، وكما في حالتنا نحن، فلقد عرفنا البرلمان، وعرفنا ايضا لماذا يرشح المرشحون، لاننا في بلد صارت السرقة به رسمية، واللص قد غيّر اسمه، فصار اللص نائبا ومديرا عاما ووزيرا، ولم يبق ذلك الحرامي المسكين الذي يدخل البيوت ليلا، فيظفر ببطانية او لحاف، او في احسن الحالات ملابس متهرئة، لقد تطور المصطلح، حتى غدا اللص محترما يشار اليه بالبنان، فهو محترم لدى العشيرة، ومحترم لدى منطقته، وتراه حين يتكلم، يتكلم بمكارم الاخلاق، ويحفظ من القرآن الكثير الكثير، ومن الاحاديث النبوية الشريفة.
المجتمع قديما كان ينزل عقوباته باللصوص، وكذلك باصحاب المهن المنحطة، ففي زمن ما كانت شهادة المطيرجي لاتقبل، وكذلك اللص، ولا احد يزوّجه ابنته، ولايتزوج منه، ويعيش منبوذا منفردا مهانا، فكانت عقوبة المجتمع اكثر وقعا عليه من ردع القانون، ولذا كان الانسان يأنف من اعمال السرقة واللصوصية، ويخجل حين يتهم بامر كهذا، فكان يغير داره، او يجلي كما يقولون، لانه يخجل مع هذه التهمة ان يقابل الناس، اما الآن فانه يتبختر كالطاووس خلف مقود سيارته الحديثة وداره التي تحوي 24 غرفة، وابناءه المنعمين والفاشلين دراسيا بنفس الوقت، لقد تغير حال اللص من حال الى حال، واللصوص يكثرون ويرشحون فينتخبون، وكلهم قد (حدّ) اسنانه ولاندري ماسيكون في المرحلة المقبلة، اما نوابنا الاشاوس القدامى فهم يجهدون وبكل الوسائل ان يتركوا عاهة في الوطن، بعد ان ضربوه بكل الاسلحة، والان يتفقون فتتسرب الاحاديث ان الجيش العراقي اول ضحايا المرحلة المقبلة، لانه جيش طائفي وليس عقائديا، وبعض الكتل تتفق لما بعد مرحلة الانتخابات المقبلة، لانها اول انتخابات ستجرى بعد رحيل الاميركان، والهرج والمرج امر وارد فيها، خصوصا وان الحكومة ستكون حكومة تصريف اعمال وانها لاتمتلك جميع الصلاحيات، هذا الكلام يصدر من البعض ويتداوله الشعب، لان الشعب يعرف الميت جيدا، ويعرفه شلون محروك صفحة، وفي بداية ازمة الانبار صرخنا وصرخ معنا الكثيرون، دع الانبار والفلوجة، فانها مصيدة للعراق بكامله، لكن الرجل ركب رأسه وكانه جديد على هذا الميت، وهاهي النتيجة فوضى في جميع انحاء العراق تزامنت مع الانتخابات، وستكون قاصمة الظهر كما يقولون، وها نحن نصرخ ويصرخ معنا الكثيرون: الميّت ميتي واعرفه شلون محروك صفحة.