سحر كرسي ألحكم

بالتأكيد أن كرسي الحكم في البلاد العربية والأفريقية المتخلفة له سحر يأسر ألجالس عليه ولا يجعله يفكر بتركه حتى لو كان هذا ألترك مؤقتا ،ولكنه يتركه مضطرا في حالتين، أما محمولا على النعش، أو مزاحا بعملية انقلابيه، بينما الحاكم في الدول المتحضرة والديمقراطية فعلا يغادر الحكم بعد انتهاء ألمده المحددة لحكمه في الدستوراذا كان نظام الحكم رئاسيا، أو الفشل في الانتخابات في النظام البرلماني وخير برهان على هذا السحر الرهيب هو انتخاب بوتفليقه لولاية جديدة وهو مقعد على الكرسي، وكأن مدة العشرين سنه الماضية من حكمه المستمر فيها لم تشبع حاجته للحكم. ان التأريخ سجل لبوتفليقه مواقف نضالية من اجل شعبه الجزائري ، إذ كان من المناضلين في جبهة التحرير الجزائرية، وكان دبلوماسيا ناجحا عندما تولى حقيبة وزارة الخارجية لفترة طويلة ، وكان يومها أصغر وزير يتولى حقيبة الخارجية ومن ثم تولى رئاسة الجمهورية و قاد الشعب الجزائري إلى بر الأمان وحقق الاستقرار السياسي في البلد حينما أرادت قوى الظلام والتكفير المتشددة جر الجزائر إلى حرب أهليه مقيتة، ومثل هذا الرجل وبهذا التأريخ وبهذا العمر وبهذه الصحة المعتلة ،كان عليه أن يختم مسيرته ألنضالية بالاعتذار للشعب ألجزائري عن ترشيح نفسه للانتخابات الرئاسية ويفسح المجال للجيل الجديد بقيادة البلد و من غير المعقول أن الشعب الجزائري وجبهة التحرير قد خليا من شخص يحمل مؤهلات قيادة شعبه خلفا لبوتفليقه. لقد كان منظره مؤلما حينما شاهدته في التلفاز يجلس على كرسي مدولب ويتوجه إلى مركز انتخابي ليدلي بصوته، كما انه عجز عن الحضور في أي مهرجان يخص دعايته الانتخابية ليعلن للشعب مايريد تحقيقه في المرحلة القادمة، فليس من المعقول أن يكون مثل هذا الشخص قادر على إدارة البلد وهو يفتقر إلى مقومات الصحة واللياقة البدنية فواجبات رئيس الجمهورية جسيمه سيما وهو على رأس هرم السلطة لكون النظام رئاسي ، والذي اعتقده أن هناك تكتل داخل جبهة التحرير يحول دون ترشيح غيره للرئاسة وخاصة الضباط الكبار في القوات المسلحة كي لا يقف أمام مصالحها و هي التي تمارس السلطة من وراء الستار الذي يجلس إمامه بو تفليقه كواجهة سياسيه، وإلا ليس من المعقول أن ينتخب الشعب الجزائري هذا الشخص رغم وطنيته وإخلاصه وحرصه على شعبه وهو عاجز عن السير، فكيف لمريض أن يتخذ قرارات سليمة تخص أمن وسيادة بلد ويحقق المكاسب السياسية والاقتصادية لشعبه ،ولكن هذا هو حال الرؤساء العرب وبعض ألدول ألإفريقيه، فإنهم ملتصقين بكرسي الحكم ولا يغادروه أبدا، فهذا يعدل الدستور ليمدد فترة الرئاسة ،وهذا يدع زبانيته يروجون أن يكون رئيسا لمدى الحياة ،وهذا يمهد لابنه ويحول النظام الجمهوري الى ما يشبه النظام الملكي الذي يمتاز بالتوريث. أتمنى على كل رئيس مماثل لبوتفليقه أن يفكر بصحته ويقول لنفسه آن أوان راحة الجسم والبال لأني واثق أن كل رئيس عربي لا يستطيع أن يخلد للنوم إلا بمعجزه ويتصور أن صوت انفجار إطار سيارة في الشارع هو صوت القذيفة الأولى للانقلابين، فهل نشهد شخص في وطننا العربي مماثل لنلسون مانديلا ذلك الرمز الخالد للإنسانيه الذي عفى عن سجانه وأجلسه الى جواره واكتفى بدوره انتخابيه واحده ولم يرشح للحكم رغم مطالبات الشعب له وهي مطالبات حقيقية لا تصنعها كواليس السلطان أم أن ما نديلا لايعرف كيف يحكم شعبه فهرب من المسؤولية؟ ربما يقول بعض حكامنا العرب ذلك!