الحسين مثل حي للحاضر

قرأنا مرارا كيف ان الامام الحسين عليه السلام وهو يقود حركته النهضوية الاصلاحية جرب اسلوب الحديث والحوار أولا مع من كان يمثل الطرف المقابل على امل ان يعيده الى صوابه ويكف عن انحرافه وفساده ولكن بالنتيجة فان ذلك لم يجدي نفعا، فانتقل سلام الله عليه من صفحة الحوار والمحاججه الكلامية الى صفحة المواجهة العسكرية للتغيير، وهذا بحد ذاته أحد الدروس المستخلصة من حركة الامام الحسين عليه السلام الاصلاحية.

بعد عشرات وربما المئات من السنين التي انقضت مرت القضية الحسينية بمسار يكاد وحيدا هو المسار الإحتفائي الشعائري، حيث الإطار العاطفي لها هو السائد، وذلك بحد ذاته يعتبر غبناً وإجحافا ً بحق الفكر الحسيني، هذا من جانب ومن جانب آخر فان قراءتنا المراسمية الاحتفائية والشعائرية هذه بات واضحا انها غير مجدية في عملية الاصلاح على الصعيد الواقعي والعملي بالنسبة لنا، وليست ذات تأثير فعال وعميق في فكر الآخرين من غير العرب والمسلمين بل من غير شيعة آهل البيت عليهم السلام.

ولا نعلم لماذا بقي الحال كما هو عليه رغم مرور هذه السنوات الطوال التي نخشى منها على فكرنا من الجمود والبلادة   وعلى نظرتنا ومعايشتنا للنهضة الحسينية من الهشاشة مما قد يجعل منها فكرا فاقدا لفاعليته وطاقته الابداعية التطورية، فهل نعاني يا ترى من أزمة مفكرين، او نظم تفكير، ام الاثنان معا ...؟

لذلك نجد ان مسؤولية تقع على عاتقنا كعراقيين لتقديم انموذجا حسينياً واقعيا للعالم أجمع، عليه نجد انه قد آن الآوان لنقل خط ومنهج ومفاهيم الامام الحسين عليه السلام من طور القراءة النظرية والعاطفية والشعائرية الى طور التطبيق العملي الواعي، وتجريدها من أطر الانحياز الى إطار عدم الانحياز، اي الإطار الانساني الاعم والاشمل باعتباره مشروعا اصلاحيا نهضويا وحضارياً كبيرا وفي كافة مجالات الحياة.

أعتقد نحن أحوج ما يكون في الوقت الراهن لرؤى جديدة للقضية الحسينية تمكننا من الارتقاء بفكرنا وممارساتنا للمستوى الذي أراده منّا الامام الحسين عليه السلام.

ستبقى الشعائر الحسينية منقوصة رغم اهميتها وضرورتها لبقاء شعلة الحسين عليه السلام متّقدة الا ان الأهم كيفية الاستفادة من اضاءاتها لتنعكس على مجمل حياتنا بغية تحسين أوضاعنا واصلاح واقعنا نحو الافضل بما ينسجم ويتسق مع المفاهيم والاهداف التي ثار من أجلها أبا عبد الله الحسين عليه السلام.