عزيزي . . . الناخب العراقي


تعتبر المستندات والوثائق الرسمية الشخصية من أهم الممتلكات التي يحافظ عليها وعلى سلامتها اي إنسان خاصة اولئك الذين تعرضوا للتهجير أو الذين أضطرتهم الظروف السياسية للهجرة خارج وطنهم. كثيرٌ منا أحتفظ بمستندات شخصية عديدة على الرغم من عدم حاجتنا لها خاصة بعد حصولنا على جنسيات جديدة وإستقرارنا وعوائلنا في بلداننا الثانية التي وفرت لنا مساحة واسعة من حرية العيش بسلام وبإحترام وتقدير متميزين. احتفظنا بهذه المستندات والوثائق ربما بسبب ماتحلمه لنا من ذكريات عن الوطن الأم ايا كانت تلك الذكريات وتأثيراتها النفسية علينا. أو ربما إحتفظنا بها بإعتبارها شهادات تثبت إنتماءاتنا الوطنية السابقة ، نستذكرها في ساعات الحنين للوطن ، أو لكي يطلع عليها أبناؤنا وأحفادنا ! 
لديّ حقيبة مصنوعة من الجلد الأسود الفاخر مطبوع عليها بالخط الأبيض العريض وبالعربية والإنكليزية أسم (الخطوط الجوية العراقية) فيها عدد من الجيوب ، أهديت لي في إحدى سفراتي على متن تلك الخطوط يوم كانت بمصاف أرقى شركات الطيران، احتفظت بداخلها بكل مستنداتي ومستندات عائلتي . . جوازات سفر قديمة وجديدة ، هويات أحوال مدنية، دفاتر نفوس ، هويات حكومية صادرة من دوائر الدولة التي عملت فيها، إجازات سوق عراقية وأجنبية ، هويات نقابية وعضوية في جمعيات مهنية وإجتماعية مختلفة ، دفاتر حسابات بنكية مغلقة ، دفتر خدمتي العسكرية وبداخله نسخة من وصل دفع البدل النقدي وغيرها الكثير. 
سترافقي حقيبة الذكريات يوم الأحد 27 نيسان 2014 عند ممارستي حقي الإنتخابي.
-;--;--;--;-
علمتني أستراليا ان لصوتي الإنتخابي قيمة لاتقدر بمال بل بالشعور الذاتي والإرتباط الوطني بالأرض والوطن. تعلمت أيضا ، أن لصوتي الإنتخابي قيمة عليَّ المحافظة عليها من السراق، فالأصوات تسرق كما هو الحال مع الأموال والمقتنيات الثمينة. ما دام صوتي قابلاً للسرقة ، إذن ، هو شئ ذو تأثير وله قيمة. لذلك أنا حريص على عدم التفريط بصوتي الإنتخابي وسأستخدمه تعبيرا عن رأيي وعن قناعاتي على أمل أن يتبع الآخرون هذه المفاهيم لكي نتمكن من إحداث التغيير الذي ننشد. 
والتغيير المنشود ليس فقط من أجل تغيير الأشكال أو الشخصيات إنما من أجل تجاوز سلبيات المرحلة الحالية وتحقيق تغييرٍ أفضل يؤمن تحقيق المبادئ التي نؤمن بها على الأقل لمستقبل البلاد والشعب والأجيال القادمة. 
هذا التغيير لن يتم مالم نمارس حقوقنا وفق السياقات القانونية والتنظيمية وبطرق أقل مايقال عنها أنها ديمقراطية! 
لذلك يجب أن يتم التغيير وفق دراسة ميدانية تشمل فترة الحكم الحالي بإعتبارها فترة للإختبار ، نقارن ماحدث خلالها مع فترات سابقة أو مع ما نؤمن بأنه كان يجب أن يحدث ، ووفق موازنة عادلة يتم فيها إحتساب الأرباح والخسائر وبالتالي أختيار من نعتقد أنهم سيكونون الأفضل للفترة القادمة. 
ان شفافية الممارسة وحسن أختيار المرشح المبني على أسس وقناعات مدروسة والإبتعاد عن المزاجية الشخصية في الإختيار وعدم تقبل ضغوط الآخرين من أجل التصويت لجهة ما تلبية لرغبات لا تعتمد المعايير الوطنية الخالصة ، الإبتعاد عن الإختيار على أسس طائفية وعنصرية ، كلها أمور تصب لمصلحة النتائج الأفضل لمستقبل الوطن ككل. 
-;--;--;--;-
عانينا من نظام البعث لعدة عقود وكان أملنا أن يسقط النظام – الديكتاتوري – لكي نتمتع بديمقراطية ما تنقلنا من نظام ديكتاتوري إلى نظام تسوده الحرية والمساواة والعدالة. مررنا بمراحل حياتية متنوعة ، هربنا من وطننا طوعاً وإجباراً ، انتشرنا في كل بقاع الأرض ، عبرنا الحدود والبحار ، تعرضنا للسجن والإعتقال والتوقيف والكثير من الأمور الأخرى التي لايسمح الوقت هنا بذكرها. ثم سقط النظام الديكتاتوري فأستبشر الناس خيرا بسقوط الصنم ونظامه الديكتاتوري المقيت. كانت تجربة مقيتة كلفتنا الكثير من المال والممتلكات والأرواح. 
أكثر من إحدى عشرة سنة مرت ولازلنا نعيش عدم الإستقرار . لازلنا نئن من الضربات الإرهابية على أنواعها وأشكالها حتى بات الإرهاب سمة من سمات الحياة اليومية في الوطن. مازال أطفالنا يدرسون في الأكواخ بدون اية وسائل تعليمية حديثة أسوة بأطفال أفقر دولة في العالم اليوم ، ولازلنا نعاني من البطالة والتسيب ، نعاني التهميش والتفرقة العنصرية والطائفية ، دولتنا غير قادرة على المصادقة على ميزانيتها للسنة الجديدة ، وكثير من المحافظات ستضطر لإعلان إفلاسها ! 
كلنا سمع ومازال يسمع بالولاية الثانية والثالثة وربما ستستمر المعادلة المتتالية لكي نعود إلى نقطة البداية من جديد لنبحث عمن يخلصنا من النظام الديكتاتوري لكي نتمتع – بعد عمر طويل – بالديمقراطية والحرية. 
أنا واثق من أن الحكومة الحالية تعمل جاهدة لتجاوز الكثير من نقاط الضعف لكنها لم تتمكن من القضاء على أغلبها أو تجاوزها بعد مرور كل هذه السنوات منذ السقوط ولحد الآن. أن الحديث عن ولاية ثالثة للحكومة الحالية مع إستمرار سوء الحالة الأمنية والإقتصادية والإجتماعية والتعليمية والصحية فيه تجاوز على حرية المواطن ومستقبل اولاده ووطنه. نحن بحاجة للتغيير ، من أجل أن نمنح الآخرين فرصة للعمل من أجل تجاوز هذه المعوقات والإنتقال من الحالة المزرية التي يعيشها الشعب إلى وضع أفضل يجعل العراق بمصاف الدول التي تتشابه معه من ناحية الثروات على أقل تقدير. 
هي دعوة صريحة للناخب العراقي لتجاوز المرحلة الحالية ومنح صوته لمن يعتقد أنه سيعمل من أجل عراق جديد خال من الإرهاب ، يوفر مساحة كاملة من الحرية ويعتمد المساواة والعدالة بين الناس ويحكم وفق قانون مدني عادل بعيدا عن المحاصصة الطائفية والأثنية وكل انواع الديكتاتوريات والشخصنة.