اللهم ارفع هذه "الچدمة"

"الچدمة"، هي كتلة أيضا تضم جمعا من الحصى والإسمنت اليابس وقد يضاف لها اشياش او أسياخ حديد. وتختلف "الچدم" عن بعضها من حيث الحجم والشكل والوزن. بعض يمكن التخلص منه بسهولة اذ يمكن إزاحتها بجرة "كرك"، ونوع تحتاج الى "قزمة" لتكسيرها. وقد تأتيك "چدمة" يصعب حتى على "الطخماخ" تفتيتها. واشدها تلك التي تحتاج الى "شفل" يناطحها او الى "كرين" مستورد ليحركها من مكانها. حتى صغار "الچدم" فيها من هي "مشندخة" تدميك حال لمسها وأخرى ناعمة لا تحس بها الا حين تعثر بها.
لم اكره شيئا بحياتي مثلما اكره "الچدمة". لي معها ذكريات مرة منذ الطفولة. اذكر اننا كنا نتسابق في أيام الابتدائية بعد انتهاء الدوام كي نصل بيوتنا بأسرع وقت، وكنت، يومها، ألبس حذاء من نوع "باتا" الأبيض. حظّي التعس أتى بها في طريقي فاصطدمت بها لتمزق الحذاء وتكسر إبهام قدمي لتحولني الى "عروجة تيتي" بين الأطفال. أبچي والجهال تضحك.
ثم كرهتها اكثر واكثر يوم كنت، في أيام طفولتي أيضا، احضر مجلس ملا عباس في عاشوراء. كان يتحدث عن بطولة الإمام العباس وكيف انه فكر بحفر بئر ليستخرج منه الماء ليسقي عيال أخيه الحسين. ما زلت أتذكر الملا ودموعه تمثل أمامي وهو يقول: وبينما كان الإمام يحفر البئر ولم يبق أمامه الا القليل كي يصل الى الماء، طلعتله "چدمة"! لم اسكب دمعا على فقدان ولدي أو ابي أو امي مثل ذلك الذي سكبته بسبب تلك "الچدمة" التي أعاقت أبا الفضل عن أداء مهمته.
بس يا جماعة كلها تهون. لكن ان تأتيك "چدمة" من النوع الثقيل جدا وتجثم على صدرك ثماني سنوات عجاف، وصاحبها يصيح "ما أنطيها"، شلون تهوّنها يبنادم؟ ما يحلها غير الحلاّل.