الولاية الثالثة, ولاية الأهل والأقارب

 

ثمان سنوات وَلّتْ, ولم يبقى إلا أيام معدودة, ليضع العراقيون بصمتهم البنفسجية, لاختيار ممثليهم في مجلس النواب.

طبيعة مجلس النواب القادم, ستحدد شكل الحكومة القادمة, هذه الحكومة التي سَتُكَلَفْ بقيادة العراق لأربع سنوات قادمة, يأمل العراقيون من خلالها, أن تتحسن أوضاع البلد سياسيا وامنيا وخدميا.

شغل السيد نوري المالكي, منصب رئيس الحكومة, والقائد العام للقوات المسلحة, طيلة الثمان سنوات المنصرمة, وكانت الظروف التي تمر بالبلد نفسها, فلم يتحسن الحال ولم يختلف في الدورة الثانية عن الأولى للمالكي.

على العكس كانت الثانية أكثر سوءاً.

فالاختلاف السياسي الذي أوجده المالكي, جعل الهوة كبيره بين الفرقاء السياسيين, واستشرى واستفحل الفساد, في ظل حكومتهالمالكي- وأصبحت للفساد مافيات حزبية, وحكومية تغطي أعمالها من خلال دعم الحكومة.

التخبط والانهيار الأمني, أتى على البلاد والعباد, فدماء الأبرياء أصبحت مستباحة, في الأسواق وفي الطرقات والمتنزهات وعلى الأرصفة.

كانت الدورتان السابقتان بحق, دورتا فشل متكامل, فلا نمو اقتصادي, ولا تحسن امني, ولا تقدم سياسي.

الدورتان تميزتا بإبراز وجه آخر للمالكي, من خلال تمسكه بالحكم, ومن اجل ذلك, تنكر حتى لحلفائه في التحالف الوطني, وصار لا يثق بأي طرف كما إن بقية الأطراف صاروا لا يثقون به.

ففي الدورة الأولى, كان المالكي وحزب الدعوة ضمن الائتلاف الوطني الموحد, ولكن مع انتهاءها, انفرد المالكي بقائمة منفردة, ليعلن تشكيل ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه.

جاءت الدورة الثانية لتؤكد تنكر المالكي لرفاقه, فمع تفكيره بالولاية الثالث, اخذ يستبعد كل من يعترض عليه, ووصلت حدة الخلاف إلى طرد الكثيرين منهم, كعلي الدباغ والشاهبندر وغيرهم, وفي المقابل اخذ بإبراز أسماء مقربين منه للواجهة, وبدأ يظهر صورة ابنه "احمد", على انه بطل وطني, لا يُشَقَ له غبار, وصار يتحدث عنه في الإعلام, دون خجل أو رادع.

واستمر نهج تقريب أقرباءه, من خلال ترشيح بعضهم للبرلمان ومنهم صهره, وكذلك تولي الكثير من أقربائه, مواقع حساسة في مفاصل الدولة كالمخابرات والاستخبارات والأمن الوطني .

ومن مصاديق زواج المصلحة مع أقربائه, أقدم المالكي, على نقل جثمان احد مقربيه, وهو من أزلام النظام السابق, ونقله على نفقة الدولة, وتشييعه بسيارات الدولة, حيث تم نقله من لندن وتشيعه في كربلاء, في تصرف امتعض منه الكثير من أبناء كربلاء.

تأفل الثمان سنوات, والخشية تتفاقم, بزوال فجر الحرية, الذي حصل عليه العراقيون, وتَحَوِّل هذا الفجر إلى ليل حالك الظلام, من دكتاتورية عائلة جديدة.