التفاؤل في مستقبل أفضل للعراق تجارة خاسرة

هل أصبح التفاؤل في مستقبلٍ أفضل للعراق محض الخيال؟ وهو البلد الذي يعد بلدا شاباً، قياسا الى البلدان العربية؛ إذ أن نسبة الشباب الى مجموع عدد السكان الذين يبلغ تعدادهم حوالي 36 مليون نسمة، هو بحدود 45%، ويجري بين أراضيه نهران عظيمان هما دجلة والفرات، وكان يسمى في السابق أرض السواد، لخصوبة أراضيه الزراعية، لكنه اليوم يعتمد وبصورة كلية على الواردات من دول الجوار، خاصة إيران وتركيا؛ إذ تبلغ واردات العراق من هاتين الدولتين أكثر من عشرة مليارات دولار سنويا.

إن التفاؤل هنا مرتبط إرتباطا وثيقا بالمواطن، فهو الذي يحدد مسار حاضره ومستقبله من خلال الإنتخابات التي إنتهت أمس، وذلك عندما ينتخب من هو الأصلح والأجدر بتحقيق طموحات الشعب في النمو والرفاه.

لا نريد العودة الى الوراء في كتاباتنا، برسم واقع رمادي أمام المواطن، بل نحاول أن نرسم خارطة طريق جديدة لما ستؤول عنه الإنتخابات، وكذلك شكل التحالفات الجديدة بين الكتل النيابية الفائزة، والتي ستشكل الأغلبية السياسية لتتنافس على تشكيل الحكومة القادمة، والتي نأمل جميعا أن تكون بعيدة كل البعد عما شهدناه في الحكومتين السابقتين.

هل ستكون الحكومة القادمة، حكومة شراكة وطنية؟ أم حكومة وحدة وطنية؟ وهل ستكون بنفس الوجوه القديمة؟ أم ستجدد نفسها بدماء جديدة شابة؟ الإجابة عن هذه الأسئلة لا تخلو من تقدير للأمور، ذلك أن النتائج لم تعلن عنها المفوضية العليا للإنتخابات، بالتالي فإن كل الذي يرشح من هنا وهناك مجرد تخمينات، معتمدين في ذلك على مراقبي الكيانات والمنظمات المستقلة، ومع هذا وذاك، فإننا نأمل أن تكون هناك حكومة شراكة حقيقية من قبل الجميع، وهذا لا يعني أنه بالضرورة أن يشارك الجميع في الحكومة

في نظرة سريعة على العالم الذي نحن جزء منه؛ نرى أنه من غير المعقول أن تكون جميع الكتل السياسية ممثلة بالحكومة، كونه سيلغي دور الرقيب الحقيقي، فالمفروض أن تكون هناك معارضة للحكومة داخل مجلس النواب، لكي يكون بالإمكان فعلا مراقبة الحكومة ومحاسبتها عن أفعالها التي لا تتسق مع القوانين المرعية والنافذة.

عدم وجود المعارضة، أدى الى فشل عمل مجلس النواب والحكومة معا، ذلك لأن الجميع مشارك في الحكومة، من ثم فإن أي أخطاء ترتكبها السلطة التنفيذية، سيتم التغاظي عنها؛ والسبب في ذلك أن الجميع له تمثيل في الحكومة، الأمر الذي أضعف الدور الرقابي للسلطة التشريعية، وهو ما إنسحب على بقية السلطات، وأدى بالتالي الى إستشراء حالات الفساد المالي والإداري في هيكل الدولة العراقية، وأتمنى حقا من السلطتين التنفيذية والتشريعية أن تكونا صادقتين مع جمهورهما، وتقولا بأننا جميعا مخطئون، ذلك لأن الإعتراف بالخطأ فضيلة، هذا أولا؛ وثانيا لتحديد مكامن الخلل في عملهما؛ وأخيرا تحديد أساليب عمل جديدة لتصحيح مسار عمل هاتين المؤسستين المهمتين.