وعادت حليمة.. |
كان الله في عون الاحزاب واكتل والكيانات فقد جاهدوا واجتهدوا ورابطوا على مدى شهرين متواصلين بأيامها ولياليها بحلوها ومرها .تركوا كراسيهم فارغة وفارقوا عائلاتهم مرغمين و واخلوا شارع المطار من مواكبهم . تصببوا عرقا وتلوثت احذيتهم الامعة بالتراب وسمحوا لعيونهم الناعسة ان ترى منذ ان وطأت اقدمهم المنطقة الخضراء وما جاورها مشاهد غير مألوفة عندهم ،نساء يسكن الحزن في اجسادهن يوقظه بين الحين والحين ملامح زوج او ابن او اخ او اب قتل غدرا او خطفا او تفجيرا ، قاتل مجهول محاط بعبارات الشجب والاستنكار والتوعد الاجوف بالقصاص .ورجال لأول مرة في تاريخ العراق تنهمر من عيونهم دموع الاسى والكبرياء لقلة الحيلة وشظف العيش . وجيش من الشباب العاطلين الذي كل همهم ينصب على اجتياز حدود العراق الى المجهول. نعم كان الله في عون قادة الدولة وهم يتحسسون من خلال تنقلاتهم بين المحافظات منذ اربع سنين خلت حجم الانهيار في البنى التحتية وانعدام الخدمات الاساسية والمدارس المتهالكة والمستشفيات التي لا تملك إلا اسمائها الكبيرة والعشوائيات التي اصبحت سمة البلد. اكيد احزنتهم هذه المشاهدة البائسة وأطلقت حناجرهم عاليا في المؤتمرات الانتخابية ليرمي كل منهم شريكه في الامتيازات والسلطة والمال وموائد الشيطان والفشل والفساد بالتسبب بذلك ويطالبون بالتغير تغير كل شي وأي شي إلا مناصبهم وامتيازاتهم هذه ثوابت العملية السياسية التي اصبح شعارها ..نحن لا نفشل بل افشلنا الآخرين.. نحن الاصلح ولكن افسدنا ألآخرين.. نحن الاقوى ولكن اضعفنا الاخرين ..نحن يجب ان نبقى وليذهب الاخرين..نحن ان فزنا سنرحب بالشركاء الاخرين !!!. نحن نريد التغير والشعب يريد التغير لا بأس نحن والشعب اهدافنا واحدة سنبقى وسنغير شركاءنا تحالفاتنا سيارتنا مطاراتنا بدلاتنا ربطات عنقنا زوجاتنا اماكن اجتماعاتنا ولكن على الشعب ان يفي بوعده ايضا ويغير عليه ان ينسى غضبه واحتجاجاته واعتصاماته وشكواه المستمرة ، كيف نحكم شعب يشعر بالقهر وعدم الرضا عليه ان يتظاهر بالسعادة والترف والتأييد ليعطينا دافع قوي للتغير. انتهت الثورة البنفسجية والعرس الانتخابي ويوم الزحف انتهت كل هذه الاوصاف الرنانة واقترب المساء وبانت الكراسي في الافق لامعة شامخة ثابتة عالية انيقة رائعة معطرة ، وعلت الوجوه التي ارهقتها المؤتمرات الانتخابية مسحة من الفرح كل يشير الى كرسيه . وعادت حليمة الارملة اليتيمة المفجوعة العاطلة المسكينة الحزينة المتسولة الى عادتها القديمة تقطع اربع سنين يابسات من عمرها ان بقي في العمر ما يحسب تولول وتلطم وتضرب رأسها في القطع الكونكرتية وتصرخ في السيطرات وتطبش في مياه الفيضانات وتتقطع في التفجيرات اليومية وتنام بلا سقوف في العشوائيات وتسمع اغاني المسئولين من قنواتهم الفضائية وهم يتغنون بالحرية والديمقراطية وكرامة الانسان والموازنة الانفجارية وأسعار النفط والحصة التموينية ومشاريع الكهرباء وكسر خشم داعش الى ان تثقل جفونها وتنام لتصبح مبكرة لتفترش اشارات المرور وكل حلمها الانساني ينحصر في ان يقف مسئول ليشتري منها منديل ينظف فيه وجهه او علك يغير من رائحة فمه.
بغداد ....2/5/2014 |