منين ما ملتي غرفتي

الحاج الشيخ لم يضع بيضه في سله واحده , فقد كان من (الشطاره ) بمكان , رصد توجهات اتباعه ولاحظ ان ولاءهم الانتخابي قد توزع بين عدد من المرشحين فعدل الميزان بحيث يستبعد البعض ويُركز على 2 فقط على ان يكون كل واحد من قائمه من القوائم المتنافسه , وحين سألوه عن السبب اجاب : (أضمنلي وأضمن الكم) , ناكده ابن عمه (محسن) قائلا : (حطي ايدج اعله اثنين) , رد الشيخ : ليش ماتكول( منين ما ملتي غرفتي) .
وضع الشيخ في حسابه ان الشخصين المعنين باهتمامه سيكون الغلبه لاحدهما وان المجازفه باختيار شخص واحد غير مضمونة النتائج , اما غلبة احدهما وابتعاد الاخر عن مركز الفعل فقد بناه على اساس الاختلافات التي نشبت بين كتلتيهما خلال فترة الدعايه الانتخابيه , وقد لمس ذلك بنفسه من كثرة المرشحين الذين تقاطروا نحو القريه وكل منهم يشتم الاخر ويطعن بولاءه لل (...) , قرر جنابه الكريم ان هذين الاثنين سيتقاسمان اصوات العشيره وسيضمن من خلال احدهما تبليط الشارع وتعيين مجموعه من ابناءه وأبناء اخوته وخاصته في بعض الوضائف الحكوميه .
كان للرجل ما اراد وجاءت النتيجه من المركز الانتخابي _كما نقل له احد المعنيين_مطابقة لما اراد , فقد حصل الرجلين على اغلب الاصوات مناصفة بينهما عدا نفر قليل اختاروا سواهما بما لايتجاوز اصابع اليدالواحده , ثم جاءت النتيجه الرسميه لتعلن فوزهما فازدادت طمأنينته على تحقيق مراميه , وشد الرحال مع مجموعه من ابناء العشيره وذهب الى السيدين النائبين مُهنئا , عتب عليه أولهما لان غيره نافسه على اصوات العشيره , ومع هذا فقد شكره على حصوله على ما يقارب نصف الاصوات , اما الثاني فقد كان اكثر شعورا بالممنونيه من الاول إذ اكد له ان اصواتهم هي التي رفعت من رصيده بفارق بسيط عن الذي يليه والذي لم يحقق الفوز , وكلاهما اصر على ان الأمور ستكون لصالح كتلته في مسألة تشكيل الحكومه , ولم يبخل الرجل باعلان ولاءه لكليهما مع النيل من الاخر , ومرت الايام واذا برئيسي كتلتي النائبين يلتقيان وكل منهما يُصَرِح يضرورة التعاون من اجل تجاوز الظروف السلبيه الناتجه عن الخلافات وان مابينهما من المشتركات اكثر مما بينهما من عوامل التباعد والفرقه , وقع هذا الخبر على الشيخ وقوع الصاعقه , فاغتم وبدا بلوم نفسه وتعزير الاقربين الذين لم ينصحوه باختيار احدهما دون الاخر , وحين لامه بعضهم على هذا القلق والاضطراب محتجين بان كلا الرجلين قد فاز وفي رقبة كل منهما دين له وللعشيره وان تحالفهما يعني ان جميع الاصوات اصبحت في كفة الفائزين , قال: الجماعه كانوا مفترقين وكل منهما يشعر بجميل لنا , اما اذا اتفقا واصبحت علاقتهما (دهن ودبس) فانهما سينسيان الانتخابات ويذكران ما رافق التهنئه من شتم للاخر وعند ذاك سيتفقان على عدم تنفيذ ما وعدا به , وحين نسأل أي منهما عن السبب سيقول لقد ذكرتني بالسوء حين قدمت التهنئه لصاحبي وعند ذاك سيُصبح في حلٍ مما ألزم به نفسه ولن نحصل على شيئ , وهنا انبرى المناكد (محسن) قائلا : (مو عرفناها كلنالكم هاي عركة بياعه شرايه ) , واضاف: (هسه محفوظ شلونك بعدك على المنين ماملتي غرفتي ؟؟).