نبّهت الهجمة الإرهابية الشرسة التي تتعرض لها البلاد، مراكز أبحاث عالمية نشرت دراسات وتقارير مهمة خلال هذه الفترة ، تبحث في أساليب التعبئة الحديثة للمجاميع الإرهابية، في المستویین الإقلیمي والدولي، وبحسب تلك المصادر فان خطورة الوضع الحالي تكمن في آليات عمل تلك المجاميع المنظمة، عبر استخدامها الشبكة العالمية (الانترنت) كوسیلة أساس للترویج والدعوة للفكر المتطرّف، مشيرة إلى حجم استفادتها من التقنيات الإعلامية الحديثة خاصة مواقع الكترونية وشبكات تواصل اجتماعي يصعب تعقبها، معتمدة على سھولة التطبیقات التكنولوجیة للشبكة، وانتشار استخدامها في كل العالم، وسهولة التواصل من خلالها مع أعداد هائلة من المتلقين، ورخص تكلفتها المادية، مقابل غلاء البث الفضائي ووسائل تقليدية يسهل التضييق على عملها ورقابة مصادرها. إن الاهتمام العالمي بدراسة ظاهرة الإعلام الإرهابي ليس جديداً، لكن المستجد في تلك الدراسات إشارتها المعلنة إلى مصادر التموين التي تأتي في الغالب من البلدان العربية، فبحسب صحيفة "تايمز" البريطانية فإن تنظيم "داعش" الإرهابي يعتبر اليوم من أثرى التنظيمات الإرهابية في العالم، إذ يتوفر على فائض مالي يفوق المليار يورو، حصل عليها من مانحي القطاعات الخاصة. وتشخّص الصحيفة حجم المأساة في أن لا تكون هناك تنبيهات من قبل الأوساط الإعلامية والثقافية العربية لخطورة الوضع، إذ تندر الإشارة الجادة إلى الأعمال الإرهابية الوحشية التي يرتكبها هذا التنظيم. وتشير الصحيفة الى تضاد مواقف تلك الأوساط في متابعة الأخبار في العراق تحديداً، وتجد إنه يوازي تضاد مواقف الكثير من البلدان العربية التي تغض الطرف عن التداولات التجارية الإرهابية المشبوهة. تقرير صحيفة "التايمز" سبقه تقرير آخر مهم لصحيفة "الدايلي ميل البريطانية"، كان موجها إلى الجمهور الغربي والرأي العام، والى الحكومات المعنية بمواجهة المدّ الإرهابي المحتمل وصوله بعنف إلى أوروبا، حيث كشف بالأعداد والأسماء مواقع الكترونية وحسابات لمشتركين في بعض مواقع التواصل الاجتماعي مثل "فيس بوك" و "تويتر"، تنشر وبالتفصيل شرحا لآليات صنع قنابل شديدة الانفجار، وعبوات ناسفة. وأكدت الصحيفة أهمية استباق الأحداث والاستعجال بملاحقة المتشددين، الذين تجاوزوا قضية نشر الفكر المتطرف إلى مستوى تبادل المعلومات المتعلقة بتصنيع القنابل. من يطالع التقارير الغربية الحديثة التي تدرس ظاهرة المد الإعلامي الإرهابي، يدرك جدة القلق لدى الأوساط الإعلامية العالمية، بالمقارنة مع حالة التعمية الإعلامية العربية، التي تبدو فيها الكثير من وسائل الإعلام طرفا مساعداً للتنظيمات الإرهابية وهي تغطي أخبارها وتتداول ما تنشره في مواقعها الالكترونية، وتتبنى مواقفها بشكل ضمني أصبح مكشوفا أكثر من أي وقت مضى. ولعلنا بحاجة إلى فضح هذه المواقف وبيان حجم مخاطرها وكشفها أمام الإعلام العالمي الحر، فالخطر الإرهابي لا يستهدف العراق وحده الآن، والسكوت عنه سيوسع من دائرة الخطر من خلال التحشيد والتجييش الإرهابي، وكسب المناصرين والحصول على مزيد من الدعم المالي.
|