المسيحيون .. حمامات سلام العراق

أغلبنا، نحن العراقيين، يحمل صورة نمطية إيجابية تجاه المسيحيين. وهذه، باعتقادي، هي التي أججت غضبنا، وتعاطفنا بشكل مختلف معهم حين استفردت بهم داعش وشردتهم من ديارهم. اسمحوا لي ان افصح عن صورة المسيحي الذي بداخلي:
القرب منه أمان:
عندما سأل والدي، عمي الذي اشترى بيتا في بغداد الجديدة عن حاله في سكنه الجديد، أجاب: الحمد لله شيخنا، جيراني منا ومنا مسيحيين.
انه لا يغش:
من يشتري منا حاجة مستعملة من السيارة الى التلفزيون يشتريها باطمئنان ان كان صاحبها مسيحيا.
في مزاد للسيارات قرب ساحة الطيران قبالة مستشفى الجملة العصبية، على ما أتذكر، سمعت منادي المزاد يعرض سيارة وكان يمتدحها لان صاحبها مسيحي. انها ميزة ترفع السعر.
حمائم سلام:
منذ أيام الابتدائية كنا نرى المعلمة المسيحية مؤدبة وودودة تحبنا ولا تضربنا مهما قصرنا او شاغبنا. كانت فرّاشة المدرسة أم خضير تقول عن ست منيرة المسيحية: جنها احميمة. وام احد الطلبة تقول عنها: جنها علوية!
المسيحي نظيف:
كنت ذات يوم ازور بيت أختي التي كانت تسكن "كمب الأرمن" ببغداد وكان معي شاعر شعبي. في الطريق، شاهدنا عائلة مسيحية، من اب وام وطفلة واحدة، تنقل أغراضها لبيت او ربما لغرفة في بيت آخر. السكن بالإيجار من هذا النوع يسميه البغاددة "نِزِل". يبدو ان العائلة فقيرة لأن عربة دفع يدوية كانت كافية لنقل جميع أغراضها. قال لي صاحبي: شوف المسيحيين شكد يحبون النظافة. شلون؟ انظر انها عربة صغيرة واغراض العائلة تعد بالأصابع لكن المسيحي مهما كان فقيرا لا بد وان يشتري ثلاّجة.
يحب حتى أعداءه:
البارحة هاتفت صديقا مسيحيا ملتزما دينيا تعرفت عليه في أيام الدراسة العليا ببريطانيا.  كنت اواسيه على ما حل بقوم عيسى وسمرائهم التي غرس محبتها في قلوبنا ناظم الغزالي. رغم حزنه، لم المس منه حرفا واحدا يشي برغبة للانتقام ممن شرّد اهله بكل خسة. كنتم اشتمهم وهو لا يشتم. سألته: أبعد كل الذي حصل ما زلتم تحبون أعداءكم؟ رد علي: هكذا علمنا الرب يا هاشم. استحلفك بالمسيح أجبني: أمن كل قلبك تقول هذا؟ وكيف لا يكون كذلك والله، الساكن في قلبي، محبة. هنيالك.
قد لا يعجب البعض كلامي هذا. وليكن. شفيعي اني لست مسيحيا أولا، ثم اني اقرأ واقعا اجتماعيا لو كان فيه إهانة لأحد لما قالته الناس. انها ثقافة اجتماعية عراقية وحس شعبي سائد. والحس الشعبي، كما الحدس الشعبي، تبنيه التجارب وليس النظريات.