ارض النكبات

صرخات  استغاثة المسيحيين النازحين من نينوى ومحافظات اخرى، سمعتها منظمات دولية ، فأصدرت على الفور بيانات التنديد والاستنكار ، وحثت الدول "الفايخة " بمعنى المانحة لتقديم المساعدات المالية والعينية للنازحين ، وبدورها  أعربت وزارة حقوق الانسان  عن قلقها ومخاوفها من استمرار جريمة التهجير   ، مناشدة  المجتمع الدولي دعمها  بالخيم  والادوية والمواد الغذائية   لإقامة مخيمات  لإيواء  المهجرين قسرا بالتنسيق مع وزارة الهجرة والمهجرين .
" وامصيبتاه" ،  تنظيم داعش يتمدد ، والإعلام  الرسمي يشير الى تحقيق منجزات عسكرية في قواطع العمليات ،  وتصريحات كبار المسؤولين  حول "نكبة المسيحيين في العراق الجديد "  عبرت عن الارتياح  بفضح أكاذيب ثوار العشائر ، وإثبات ارتباطهم بالتنظيمات الارهابية والتصريحات تناولت بلغة خجولة الاوضاع  المأساوية للنازحين ، مع اطلاق وعود بدعمهم ماديا ومعنويا وفي اقرب وقت ممكن ، بعد إقرار الموازنة ، وتأمين الطريق من بغداد الى الموصل .
التاريخ العربي الحديث وبجهود الزعماء والحكام السابقين واللاحقين،  سجل اكثر من نكبة دفعت  ثمنها الشعوب العربية ، والنكبات في العراق ذات طابع خاص ، وهي بقدر ما تخلف من اضرار ومصائب وكوارث ،  يواجهها اصحاب القرار بالتجاهل ، وفي بعض الاحيان بالتسويف ، عبر البيانات ومناشدة المجتمع الدولي ، والدعوة الى عقد  مؤتمر لبحث  المشكلة  لدراستها وتشخيص اسبابها ثم اتخاذ التوصيات اللازمة لمعالجتها ، وهنا تكمن النكبة الاكبر .
في زمن الاحتلال العثماني للعراق ، كان احد عناصر حماية الوالي يرصد حركة شابة بغدادية اعتادت جلب الماء من نهر دجلة  ، وبلغة "عربية مكسرة "  حاول  الاقتراب منها  لاعتقاده بانها ستوافق على طلبه في قضاء خلوة معها ، في مكان بعيد عن الانظار ، لكنها رفضت ، وضربت الرجل بجرتها ، واثناء عودتها الى منزلها اخبرت والدتها بالحادث .
في المساء جمع الاب رجال الحي ، وحدثهم  عن محاولة الاعتداء على ابنته ، وخرج القوم بقرار موحد يقضي  بتشكيل وفد  يضم كبار الشخصيات والتوجه في الصباح الباكر الى اكبر مسؤول عثماني ، لاتخاذ القرار المناسب ، وفي حال عدم الاستجابة لمطالبهم ، ستكون العواقب وخيمة ، لان  العراقيين المعروف عنهم بانهم اصحاب دماء حارة ، لا يصبرون على ضيم ، واي اعتداء  ينال من كرامتهم  ويمس اعراضهم بسوء ،  في اليوم التالي  حصل اللقاء وخرج الوفد بحصوله على  تعهد المسؤول العثماني  بعدم تكرار مثل هذه  الحوادث مع قسم بالشوارب بان المعتدي سينال العقاب المناسب  ليكون عبرة  لغيره .
نكبة المسيحيين تتطلب وقفة شجاعة وجادة من جميع العراقيين ، ليس بتوفير الطعام والخام وانما بموقف موحد يضغط على الجهات الرسمية  لإيقاف الجريمة ، بالطرق والأساليب المتاحة ، ومن المناسب الاستعانة بجهود قوى عراقية لطالما وصفت نفسها بانها  طردت المحتل الأميركي ، بشن صولة على داعش ، تلغي من التاريخ العراقي نكبة المسيحيين.