اخوان ( حليمة ) ..!!

قد يكون أحد فضائل الديمقراطية ( المخضبة بالدماء ) في العراق , هوالصراع الاعلامي للأطراف السياسية الوارثة لـ ( دكة) السلطات بعد سقوط الدكتاتورية , من خلال قنواتها الفضائية المفتوحة بالمال العام المنهوب أو بالمال المدفوع من جهات الاسناد الاقليمية , لتنفيذ الاجندات المعادية للشعب العراقي طوال الأحد عشر عاماً الماضية التي لم تعد نتائجها في الخراب خافية للقاصي والداني , عراقياً كان أم مهتماً من الجنسيات الأخرى .
ولأن الصراع في جانبه المُعلن يعتمد الصورة والمعلومة , فأن الأطراف المتصارعة لازالت تفضح نفسها في أكثر من مناسبة ( ربما دون أن تعي ذلك ) , من خلال تداخل الانشطة التي تروج لها مع الفضائح التي تقوم بها , لتكون الخلطة الاعلامية المقدمة للجمهور في بعض الاحيان , هي دليل ادانة بدلاً من دليل اسناد لبرامج السياسيين وأحزابهم .
لقد تشاركت الاطراف السياسية المتحكمة بالسلطات في العراق , بالدعوة الى التغيير السياسي في برامجها الانتخابية التي تقدمت بها للشعب العراقي , بعد دورتين انتخابيتين لم يجني الشعب منهما الا الخيبات والتضحيات باعز ابنائه وتدمير ممتلكاته وسرقة ثرواته وتبديد أمانيه بالحياة الكريمة التي تحولت الى سراب , وقد تبين أن دعوات التغيير التي تبنتها تلك الأطراف , لم تكن الادعوات تضليل مبرمج لعموم الناخبين من أجل ضمان بقائهم في السلطة , ليس هذا فقط , بل أن هؤلاء المدعين لم يتوانوا في العودة للعمل بنفس الآليات التي اعتمدوها لتثبيت سلطاتهم المقسمة حسب الاتفاقات الضامنة للمكاسب في السنوات الماضية .
ربما تكون الصورة التي نقلتها وسائل الاعلام من داخل مجلس النواب العراقي في جلساته لانتخاب رئيسه ورئيس الجمهورية واحدة من أبلغ الصور على مانقول , فقد جرى كل شيئ وفق مخطط مرسوم من رؤوس سياسية تتحكم بالقرار , لتكون النتائج النهائية تكريساً للمحاصصة الطائفية المقيتة وضرباً لخطابات التغيير التي تضمنتها البرامج الانتخابية عرض الحائط , وصولاً الى نفس الهياكل الحكومية والتشريعية والقضائية المعتمدة خلال العقد الماضي , مع تغييرات بالشخوص لاتتجاوز مساحاتها النسبة التي تسمح بتغيير الاتجاه او الاسلوب .
ماجرى في مجلس النواب العراقي المنتخب خلال جلساته الاولى يمثل استهتاراً علنياً بالدستور العراقي الذي مرره الساسة المتحكمون بالسلطات , رغم المآخذ العديدة على الكثير من مواده , اضافة الى طرق الأداء الهزيل التي كانت عليه الجلسات المنقولة عبر وسائل الاعلام , ليس للعراقيين فقط انما لكل العالم , ناهيك عن السلوك الاستعراضي للنواب امام وسائل الاعلام , الذي لايوحي بانهم يمثلون شعب يعاني من جرائم الارهاب ويتجاوز فيه عدد المشردين والنازحين من مدنهم الملايين , في مشهد فاضح لأداء غيرمهتم وغير مسؤول عن معاناة الشعب , بقدر اهتمامه بمكاسبه السياسية والمادية التي توفرها المناصب .
لقد عبرت الاطراف التي فازت بالانتخابات مرحلتين من مراحل تقاسم السلطة والنفوذ , وهي تستعد لعبور المرحلة الثالثة المتمثلة في اختيار رئيس للوزراء لتكتمل كابينة الحكم الذي تتشارك فيه للمرة الثالثة , بعد دورتين سابقتين كان عنوانهما الاساسي هو الفشل , وسيكون الفشل عنواناً للثالثة حتى لو تغيرت الشخوص , طالما تم تثبيت مناهج المحاصصة الطائفية اساساً لادارة البلاد , ليس لأنها الافضل للاستقرار , بقدر ما هي الضامنة لبقائهم على رؤوس العراقيين المخذولين منهم وممن سبقهم من الدكتاتوريين , لأن تغيير المناهج هو الاساس في تغيير الواقع , وهؤلاء الرافضين للتغيير والمتمسكين بمناهجهم المدمرة للعراق من حق العراقيين تسميتهم ( أخوان حليمة ) طالما هم مصرين على عودتهم الى محاصصاتهم القديمة .