هل احرجت داعش المعارضة العراقية |
بصرف النظر عن كل الآراء الشخصية ونظرتها او موقفها من المعارضة العراقية في الداخل او تلك التي اتخذت من فلل ومنتجعات وشواطئ البلدان العربية المتعاطفة معها وبلدان العالم الاخرى منطلقا لفعالياتها السياسية ضد نظام الحكم الحالي . فإن هذه الجماعات اخفقت خلال الاحد عشر عاما الماضية بالتأثير على العملية السياسية وكذلك على النظام السياسي الذي اسست له احداث 2003 بعد زوال النظام الشمولي .ورغم الدعم المالي واللوجستي الذي قدمته بعض الاطراف التي تتربص بالنظام الجديد بالعراق لعقد الاجتماعات والمؤتمرات هنا وهناك الاّ انها ظلّت عاجزة عن زحزحة النظام الجديد ، لكن ذلك لايعني ان هذا سلوك هذه الجماعات لم يحرك ساكناً ، على العكس من ذلك فقد اقلق تحرك المعارضة واتصالها ببعض مؤيديها في الداخل ببناء الكثير من الخلايا التي تسببت في ارباك الوضع الامني العام واثرت تأثيرا مباشراً في عمليات التنمية الاقتصادية وعرقلة المشاريع او حتى وصل تأثيرها الى مفاصل اعمق داخل الدولة العراقية عن طريق استخدام بعض الوزراء والنواب والشيوخ وبعض ذوي النفوذ الذين تأثرت مصالحهم بزوال النظام السابق بالعمل على تعطيل العملية السياسية بطريقة او بأخرى ، لكن جهود المعارضة لم تنجح في تحقيق اهداف يعول عليها في زحزحة النظام رغم الاصطفافات المذهبية والسياسية والكتلوية واللجوء الى قوى خارجية لتحقيق ولو جزء من تلك الاهداف برغم التسهيلات والمساعدات التي تتلقاها المعارضة من قبل تلك القوى ، بل انها كانت احيانا تتسبب في نشوب خلافات على كيفية توزيع تلك الصدقات والاعطيات ، مما تسبب في الكثير من الانقسامات من اجل العمل كل لحسابه الخاص ، لكن النجاح الواضح خلال السنين العشرة المنصرمة للمعارضة في ايجاد حواضن لبعض الجماعات المسلحة في المناطق التي كان يعتمد عليها النظام السابق بوجوده لأكثر من ثلاث عقود ،أكد غباءها خاصة وانها كانت تعول على بعض التافهين من اعضائها في إحداث تجمع هنا وتجمع هناك او صناعة تكتلات مذهبية ذات خلايا متخفية تعتمد على اثارة الفزع بين الناس عن طريق الخطف والتفجير ومحاولات التهجير وهذه الافعال ادت الى ردود فعل عكسية اثرت على المناطق والتجمعات السكنية التي يقطنها اهلهم . ولهذا بدأت باللعب على ورقة تنظيم ساحات الاعتصام من خلال عمل التجمعات والوقفات الاحتجاجية وما سمي بساحات العزة والكرامة في بعض المناطق والتي كان يقودها بعض المتحمسين العاملين لحساب اجندات خارجية للدعوة لأسقاط الحكومة والتهديد بإبادة الشريحة التي تمثلها دون ان تعلم بأنها غافلة او مغفّلة ، ولم تدرك بأن هناك من يستثمر صراخها ويعمل بهدوء وسلاسة لقطف ثمار جهودها بشكل حقيقي . ولا يُعرف ان كانت تعلم او ربما تكون قد تفاجأت بما حصل في الموصل في التاسع على العاشر من حزيران الماضي من اجتياح مخطط له ومدروس بحبكة خبروية عالية الدقة من كل الجوانب بالتعاون مع مفاصل مؤثرة جدا في المشهد السياسي والامني في المحافظة . ومع ذلك فإن وجهها – المعارضة- كما يتضح قد تهلل ورقصت فرحاً بإعتبار ان ( عدو عدوي صديقي ) حتى لو لم يكن هناك اتفاق مسبق على هذا الاجتياح مع انها كانت تعلم جيداً ان داعش كانت تفرض امرا واقعا في بعض مناطق الموصل عن طريق الاغتيالات وفرض الاتاوات التي فشلت الحكومة من وضع حد لها بسبب تعاون او خضوع عدد كبير من كبار المسؤولين من مدنيين وعسكريين لهذا الابتزاز ولا تعفى المحافظة او قيادة قوات نينوى من هذا الاتهام الخطير . لكن الرياح كما يبدو كانت تجري بما لاتشتهي سفينة المعارضة خاصة عندما اعلن شيخهم ابراهيم دولته الاسلامية وطالب الجميع بالخضوع له عن طريق ماسماها بالمبايعة او البيعة ووضع السيف حداً بينه وبين من لايبايعه كخليفة لمسلمي طائفة محددة من مسلمي الموصل . |