إلى أيتام المالكي و بطانته الفاسده الخبيثه

عندما كنا صغاراً في مطلع الستينيات كانت بيبيتي بهيه رحمها الله و حين كان أحدنا يرتكب حماقه كبيره و تأخذه العزه بالإثم و يظل مصراً على موقفه رغم المحاولات الفاشله لإفهامه و إقناعه بخطأه تُطلق جملتها المعتاده الآمره و التي تُنهي الموضوع (( دعيفوا شيكسر عينه، عينه أكوه - أقوى - من عين فشيكه )) و عندما كبرنا فهمنا إن فشيكه كانت إمرأه سيئة السمعه و يبدو إنها كانت نموذجاً للصلف و " الكُباحه " ولست أدري إن كان هذا المثل حِلاوي خاص أم شائع أيضاً خارج حدود الحله.

في الأسبوع الأول من حزيران 1991 سافرت إلى عمان وهناك صُدِمْت بما شاهدته من إنتشار لصور الطاغيه المجرم صدام في كل مكان، على الجدران و السيارات و حتى على باصات النقل العام الحكوميه في المطاعم و المقاهي فعلاً في كل مكان، لقد كان هوس الأردنيين بالطاغيه المجرم هوساً حقيقياً.

كانت مِحنه حقيقيه لأي عراقي معارض للنظام المقبور إذا ما حاول أن يفتح فمه ليرد بعد أن صَبَرَ طويلاً وهو يستمع مضطراً لسيول و شلالات المديح التي تنهمر شعراً و نثراً من أفواه السُذج المخدوعين الأردنيين في مدح الطاغيه المجرم ما أن يعرفوا إنك عراقي - كان عدد العراقيين قليلاً حيث إني وصلت ثاني يوم فتح السفر يوم 4 أو 5 حزيران 1991- و لهم كل الحق في ذلك فقد كان الأردنيون أكثر الناس إستفادةً من الطاغيه و نظامه المقبور، من النفط المجاني إلى الحي السكني الكامل الذي بناه في منطقة " طبربور " و وزع شققه مجاناً على مرتزقة نظامه من أصحاب دكاكين الصحافه الأردنيه الصفراء إلى سيارات التويوتا السوبر التي وزعها هدايا على الشحاذين من أعضاء مجلسي النواب و الأعيان الأردنيان في الوقت الذي كان غالبية العراقيين يعانون الأمرين لتدبير أمورهم المعيشيه اليوميه يوم بيوم.

و كمحاوله يائسه مني لتوضيح الأمور للبعض منهم ممن يمكن التفاهم معهم كنت أسألهم فيما إذا كانوا على معرفه بالأوضاع المأساويه و السيئه للعراقيين اليوم و الكارثه التي سببها صدام ليس للعراق و العراقيين فقط لا بل لجميع العرب و الخسائر الهائله و التي قدرتها الدائره الإقتصاديه لجامعة الدول العربيه في حينه بأكثر من 700 مليار دولار هذا ناهيك عن عشرات آلاف الشهداء العراقيين و بعد أن أحصل بشق الأنفس على إجابة " النعم " كنت أسألهم سؤال إفتراضي يحمل إجابته بين طياته و هو (( إفترضوا إن الجيش الإسرائيلي كان قد أكمل إحتلال العراق من أقصاه إلى أقصاه يوم 17 تموز 1968 يا ترى هل كانت أوضاع العراق و العراقيين اليوم ممكن أن تكون أسوء مما هي عليه الآن فعلاً )).

ودارت الأيام وها أنا أسأل أيتام المالكي و " لوكيته " (( لو كان الجيش الإسرائيلي كان قد أكمل إحتلال العراق من أقصاه إلى أقصاه في ذلك اليوم المشؤم، 20 أيار 2006 - يوم إختار لنا السفير الأميركي زلماي خليل زاده نوري المالكي رئيساً لمجلس الوزراء - يا ترى هل كانت أحوال العراق و العراقيين ممكن أن تكون أسوء مما هي عليه اليوم )).


حين تم إلقاء القبض على الطاغيه المجرم صدام يوم 14 / 12 / 2003 إتصلت بقريب لي كان يعمل مع الدكتور أحمد الجلبي و طلبت منه أن يوصل رساله إلى الدكتور الجلبي مفادها (( إن الطاغيه يجب أن لا يحاكم إلا على جريمة الخيانه العظمى لتنازله عن نصف شط العرب لشاه إيران في إتفاقية الجزائر لعام 1975 فهذه الجريمه الوحيده التي توحد العراقيين خلفها و لن يجرؤ لا عراقي ولا عربي على الإعتراض على المحاكمه ولا الدفاع عن الطاغيه فيها )) ولكن مع الأسف جرت الأمور كما هو معروف للجميع.

فإذا كانت جريمة التنازل بإتفاقيه عن نصف شط العرب خيانه عظمى فكيف بالتنازل عن ثلث العراق لداعش و بهزيمه مذله شنيعه لربع الجيش العراقي أمام بضع مئات من إرهابي داعش التي غنمت ما لا يعد و لا يحصى من الأموال و الأسلحه و العتاد و المعدات و الآليات و ذبحت الآلاف و إغتصبت الآلاف و شردت أكثر من مليون عراقي و عراقيه و بعد كل هذا تجد مَن هم أسوء مِن فشيكه و يدافعون عن المالكي و يطالبون له بالولايه الثالثه، فإذا كان المالكي قد أعادنا بولايتين لعصر " الخلافه الإسلاميه المجيده !!!!! " فمن المؤكد إنه سيعيدنا في ولايته الثالثه إلى عصر الديناصورات.

هناك من يحاجج بنتائج صندوق الإنتخابات الأخيره وهو كلام حق يراد به باطل لأن ما حصل ليلة 9 على 10 حزيران في الموصل و الهزيمه الشنيعه النكراء للمالكي أمام داعش و في أي أمه تحترم نفسها هذا إذا كنا أمه فعلاً و لسنا مجرد لملوم من البشر و إذا كانت تحترم نفسها ولو قليلاً فإن هذه الهزيمه يجب أن تُلغي مفاعيل أي نصر إنتخابي و خصوصاً إذا كان نصراً باطلاً من نونه إلى رائه، تزويراً و رشوةً و إستغلالاً لأمكانيات الدوله و مواردها بغير وجه حق لمصلحة إئتلاف دولة القانون.


ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم و الحمد له الذي لا يحمد على مكروهٍ سواه.