المالكي.. إنا ومن بعدي الطوفان

 

أتذكرها جيداً، أحلام الطفولة تلك، ببراءتها وغرابتها وصعوبتها، لأنها أحلام فتىً صغير، بجسمه وعقله، كانت جميلة بالنسبة لي، في البداية فتحت عيني على الحرب العراقية - الإيرانية، ولما كانت صور الطائرات أمام عيني، وأصواتها تشق طبلة أذني، قررت أن أصبح طياراً، لكن الحلم تبدد، فوجدت حلم آخر جميل، بعيدا عن الحزب والثورة والولاء والانتماء  لهما، حققته وما زلت أعيشه.

هل أتعبتكم قصة أحلامي؟  اعتذر لكم، إنا متنازل عن حلمي، فهناك ما هو أهم من أحلام فرد واحد، فالدنيا لا تقف على فرد أو جماعة، إذا كان الأمر يعني حياة وطن، وأمة، وحضارة.

أتوسل إليك، أن تتركه، فلا قيمة له، وان كان طاغية العراق، قد تركه مجبراً، بعد 35 عاما، بشكل مذل ومهين، فهل أنت أقوى منه؟ هل حكمت الفترة التي حكمها؟ وهل كان لك سطوة كسطوته؟ لقد غلبهُ هواه، فلا تدع الشيطان يغريك ويوهمك، كما فعل به، جوقة الكذابين وماسحي الأكتاف والأحذية، وجماعة بالروح والدم، سجلوا أرقاماً قياسية على مر العصور، بسرعة الهرب عند ساعة الانهيار الحقيقي.

اعرف أن كلامي ربما يكون غريبا، ولكن لنحسبها معا، فترتان من حكمك، بلا أمان، بلا راحة، بلا سلم أهلي، بلا أعمار، بلا خدمات،بلا...،بلا...، جمعت ثروة لا باس بها تكفيك ما تبقى من حياتك أطال الله عمرك، إضافة إلى التقاعد، أما فيما يتعلق بالملاحقات القانونية، فالمسالة محسومة، رددت القسم؛ الحصانة موجودة في الجيب، وان مددت يدك إلى جيب السترة الداخلي، ستعثر على الجواز الأحمر الدبلوماسي، ومتى ما (حمت الحديدة) فطريق المطار موجود، ولا اعتقد إن الجماعة سيمسكون بك، فقد جاملتهم أكثر من مرة، وتركت جماعتهم يهربون مع وجود أوامر قضائية، ولا داعي لذكر الأسماء.

استحقاقك الانتخابي على العين والرأس كما يقال، ناخبيك، جماهيرك ستقدرك وتحترمك ، ستكون موضع حب وتقدير واحترام الجميع، فما بقي لنا إلا التراب فماذا ستسلم لخلفك بعد التراب؟

الطوفان أتى، وسفينة الوطن تحتاج لقبطان، من أضناه التعب واشتد عليه الإرهاق، ولم يعد قادرا على السيطرة والقيادة، فليسترح، ويترك الأمر لغيره، بدل أن تحل الكارثة، ويُغرق الطوفان السفينة بمن فيها.

صدقاً أقول: لا يستحق العراق وشعبه، أن يوضع تحت الأقدام، أن يصبحا كبش فداء، لأي كان، لسنا ذلك الضعيف الذي يرضى بدور الصخرة يرتقي عليها النرجسيون، يدوسونه لينجوا بأرواحهم، ها إنا عراقي، بعيدا عن أي انتماء أخر، أقولها: دولة الرئيس، بلدنا الذي علم الإنسانية الحياة، لن يغرقه الطوفان، وسيغرق من يحاول إغراقه، حتى وان كان الثمن، أن اغرق إنا وأحلامي ، فأهلا بالطوفان..سلامي.