المناصب الوزارية و"خلالات العبد"


ناشطون، جماعات ضغط وجهات كثيرة تحدثت عن ضرورة التغيير وفسح المجال امام الدماء الجديدة، كما نادت به قبل ذلك المرجعية، واستبسل القادة السياسيون وزعماء الكتل للحديث عن ضرورة تنفيذ ارادة المرجعية، لكن وما ان وصلت الامور الى توزيع المناصب وتقاسم الحصص عادت حليمة الى عادتها القديمة، حيث تركوا توجيهات المرجعية خلف ظهورهم، على طريقة المثل الشعبي "خلالات العبد" عادت الاحزاب الى ذات الوجوه التقليدية، كل حزب قدم رموزه التي لا يبدو انها قد مللت من نظام تبادل المراكز او في الحقيقة تبادل الوزارات، لعبة السياسة في العراق تأثرت كثيرا بأساليب كرة القدم الحديثة، على اللاعب ان يجيد اللعب في جميع المراكز، وها هم وزراؤنا لابد، ان يتبادلوا جميع الوزارات فيما بينهم، كل منهم يجب ان يهيئ نفسه لاستلام اي وزارة تمنح له، ويبادر شخصيا لترشيح نفسه الى اي وزارة شاغرة من اجل سد الفراغ، من المالية الى التخطيط، الى الاسكان الى الامن وهلم جرا! ساستنا يتحدثون كثيرا عن الديمقراطية، ولكنهم اختزلوا جميع مكوناتهم السياسية بوجوه لا تتجاوز اصابع اليدين، لم لا يفسح المجال للتكنوقراط من خارج القوى السياسية؟! وان كانت تلك الامنية مثالية جدا في بلد شرق اوسطي مثل العراق، يمكن الحديث مثلا عن محاصصة بين القوى السياسية نفسها ولكن بوجوه حكومية جديدة، قادرة على تحمّل المسؤولية بحدودها الدنيا على الاقل. ان غياب الكفاءات بين كوادر القوى السياسية مؤشر اخر على فشل الكثير منها في استقطاب الكفاءات، او حتى في تأهيل كوادرها الذاتية كي ترتقي لمستوى المسؤولية.
ان هناك وجوها جربت مرات كثيرة ولسنا بحاجة الى تجريب المجرب، الاولى بالقوى السياسية ان تتفهم ما نحن فيه من كوارث وتتحمل المسؤولية هذه المرة بإنتاج حكومة التحديات، حكومة عليها ان تعمل المستحيل من اجل لملمة الاوضاع، حكومة لا نطالبها بين يوم وليلة ان تقفز بالعراق الى مصاف الدول الناجحة، ولكن على الاقل نطالبها ان تبدا بداية صحيحة، بداية تقلل من حجم الفشل الذريع لمعظم الوزارات السابقة.