العبادي والترحيب الكبير.. هاج الجن وتكالبت الشياطين

ما إن تم الإعلان عن تكليف العبادي حتى تعالت التعليقات واتخذت أشكالاً عدة ، وأجد من المفيد رصد طبيعة هذه التعليقات والوقوف على مغازيها.

 

أول ذلك الترحيب الغربي والعربي الواسع بالعبادي والتهنئة التي أرسلتها له الولايات المتحدة وأوربا والسعودية ودول عربية أخرى ، وهذه كلها أرادت أن تقول له لم نكن راضين عن المالكي وسياساته والآن نعطيك فرصة وسنسعى لتسويقك لا باعتبارك مناضل قديم في حزب إسلامي أصولي أصبح طائفيا في ممارساته الأخيرة وظهر بأحدّ صورها عبر المالكي وسياساته ، ولكن سنسوقك باعتبارك ابن عائلة عراقية برجوازية مثقفة حصل على شهاداته العليا من جامعات بريطانية مرموقة وعاش أكثر من ثلاثين عاما في دولة من أرقى الدول في ممارساتها الديمقراطية وانه رضع هذه الثقافة وشكلت فكره ولا باس من وجوده في حزبه القديم فذلك عنصر قوة له ... فهل العبادي فعلا كذلك؟ 

 

لا يمكن الاقتناع بهذه الصورة التي رسمها الإعلام الغربي ولكن أمريكا بترويجها لهذا لا يعنيها مدى صدق الصورة بقدر ما يعنيها الرسالة التي تريد إرسالها له انك أمام احد اختيارين إما أن تبقى دعوجي أصولي فيصيبك ما أصاب سلفك وإما أن تنهج نهجا جديدا وأيدينا مفتوحة لك وقد أوعزنا لأتباعنا في الخليج أن يفتحوا أبوابهم لك

 

أنا متأكد أن العبادي سيفكر في هذه الرسالة ملياً ولكنه سيتداول سراً مع حلفاءه الحقيقيين في إيران : كيف نستفيد ونخدع الأمريكان وعرب الخليج لنحوز على دعمهم ونخدع الشركاء الآخرين من كرد وسنة أن اصبروا علينا ودعونا نرتب الأوراق ولا تخشون شيئا فأمريكا هي الكفيل

 

ذهب آخرون للحديث عن شخصية المالكي ابن القرية الذي تربى على يد مخابرات إيران والأسد والفقير الذي كان يستجدي المال في أيام غربته وكيف صنعت هذه السنوات شخصيته المعقدة ويقارنها بسيرة العبادي ليتعالى تفاؤله في التغيير القادم وفاته إن التغيير يرتبط بعوامل أعلاها الصفات الشخصية للرئيس الجديد .

 

أما إعلام السنة فقط وجد في بعض ما كتبه الغربيون من تحليل ومهمات قادمة واشتراطات الإسناد الأمريكي فرصة لكي يطلقوا لأحلامهم الخيال فصاروا يدبجون المقالات ويسطرون المطالب التي على العبادي القيام بها وهم يرتكبون هنا خطأين

 

الأول : افترضوا إن ما حصل هو انقلاب ضد المؤسسة الشيعية الحاكمة وان هناك تغيير جذري سيتحقق بدعم أمريكي

 

الثاني : إنهم جعلوا سقف الطموحات السنية عاليا وهذا سيؤدي إلى أخطاء سيقع فيها المفاوض السني في عملية تشكيل الحكومة وسيعطي فرصة لتقدم العناصر المصلحية على حساب العناصر المبدئية.

 

وسيقع المواطن السني بخطأ الوعد الحكومية ومن ثم سيتعرض للإحباط الذي يدعوه لرفض العملية السياسية وان يذهب إلى التطرف وسيكون قاسيا على من سيعتبرهم خدعوا بوعود لن تتحقق !!

 

ما الحل إذن ؟؟!! 

 

الحل هو في الإدراك إن هناك صراع طويل الأمد لكي يتحقق للعراقيين ما يريدونه من امن واستقرار وعدالة ورخاء ويقتضي صبرا كبيرا من السياسيين والمواطنين على حد سواء ، وليس بإمكان احد أن يصنع المعجزات في بلد هاج فيه الجن وتكالبت عليه الشياطين ...