حديث الأربعاء

البصراوي الدكتور علاء جاسب أُعدّ صداقته واحدة من نعم الإنترنت. أحببت روح الحسجة التي فيه. يجسدها بأسئلة بسيطة، شأنه شأن أي اكاديمي مقتدر. لا يجيب بل يترك الجواب للقارئ. ذات مرة نشر صورة تكسر القلب لفقراء تحيطهم أزبال ينبشونها وسط مياه آسنة. لم يقل شيئا سوى انه سأل: البصرة شكد ميزانيتها؟
يوم الأربعاء الفائت نشر: "في الثمانينات كان ليوم الأربعاء طعم مميز عند العراقيين بسبب برنامج العلم للجميع للدكتور كامل الدباغ ... وهسه؟". لم أحتج، أنا أو غيري، إلى كثير من الفطنة لنعرف انه صار يكره الأربعاء. وهل يخفى السبب؟!
ارتبط يوم الأربعاء عندي، كغيره من الأيام، بذكريات مرة وحلوة. أحلاها أمسيات اتحاد الأدباء في السبعينات. ومثل دكتور علاء كنت أتابع فيه برنامج "العلم للجميع" الذي اشتركت في واحدة من حلقاته حين صنعت جهازا ينبهني ان السماء قد مطرت وأنا في فراشي. الجهاز يتكون من: كلوب يشتغل على الباتري، ووايرات، وكلاص لبن فارغ، وشوية ملح. اختراع تصورته، في آنها، انه سيقلب الدنيا بوحي من أحلام طفولتي البريئة. ثم أحببته في المنفى لأنه كان نصف نهار عمل ببريطانيا. العراقي يحب الراحة حتى وان كانت كسلا.
أما الآن، فصرت اشعر بأن يوم الأربعاء صار ثقيلا لا بل وصرت أكرهه. يقول العراقي عن الذي يكدّر حياته انه "كرّهني بيومي". وعساها برقبة من فعل ذلك:
"وحوبتنه بركبته الوش علينا"
نعم إنها برقبة الذي علّمه ان يختار الأربعاء وكأننا كنا ناقصين همّ وكدر. هسه انت محزوز ملزوز يا أخي؟ ما الذي كنت ستخسره لو انك تحليت بالصبر والسكوت ليلتها؟
سألوا حكيما عن سر ان يتحمل الإنسان كيسا ثقيلا لعدة ساعات، لكنه لا يطيق رؤية الثقيل لدقائق، فأجاب: لأن حمل الكيس يقع على الجسد، بينما يجثم الشخص الثقيل على الروح". ربما من هنا قال شاعرنا أبو سرحان: والروح ما تحمل ثكل ترفة.