هل تنوي وكالات الأمم المتحدة توزيع المعونات الإنسانية على النازحين في إقليم كوردستان فقط؟

 تؤكد تقديرات الأمم المتحدة بخصوص الوضع الإنساني الحالي في العراق، أن حوالي "17" مليون عراقي من أصل "31.7" مليون أي حوالي "53.7% من مجموع السكان الإجمالي" قد تضرروا بسبب سيطرة تنظيم داعش على مناطق واسعة من العراق منذ حزيران الماضي.

 واعترفت الأمم المتحدة بأن الديناميات المتغيرة للأزمة جعلت من الصعب مواكبة الوضع. وأوضح برندان ماكدونالد، القائم بأعمال رئيس مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا" في العراق، أن "هذا صراع معقد جداً وعنيف، وحالة طوارئ على درجة عالية جداً من التذبذب وسرعة التغير تختبر قدرات الأمم المتحدة". وأضاف أن "هناك نزوحاً جديداً ونزوحاً للمرة الثانية والثالثة يحدث كل يوم في جميع أنحاء البلاد ... وتقوم الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والشركاء بتعبئة الموارد وتكثيف الجهود، ولكن وتيرة الطوارئ فاقت قدراتنا حتى الآن، على الرغم من بذل قصارى جهدنا".

 وتضيف التقديرات المتغيرة أن "العدد التقديري للمحتاجين للإغاثة الإنسانية هو 1.5 مليون "4.7% من مجموع السكان بما فيهم المجتمعات المضيفة" وعدد النازحين حالياً هو 1.2 مليون "3.8% من مجموع السكان" تستهدف الإغاثة الإنسانية مليون شخصاً "3.2% من مجموع السكان" ولا تتضمن هذه الأرقام عدد الحالات السابقة والتي تبلغ تقريباً مليون شخصاً نزحوا من جراء الصراع السابق في العراق..

 تنقل شبكة الأنباء الإنسانية "إيرين" التابعة لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إنه" في 12 أغسطس، أعلنت الأمم المتحدة أن الوضع في العراق أصبح حالة طوارئ من المستوى الثالث- وهو أعلى تصنيف لحالات الطوارئ. فقد فر أكثر من1.2 مليون شخص من ديارهم منذ يناير الماضي بعد الانتصارات التي حققها متشددون جهاديون يطلقون على أنفسهم الآن اسم الدولة الإسلامية "داعش". وهناك مئات الآلاف من الناس في حاجة ماسة إلى المأوى والغذاء والماء والرعاية الطبية". 

 وأكد الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، السيد نيكولاي ملادينوف على أنه "نظراً لحجم الكارثة الإنسانية الراهنة ومدى تعقيدها، سوف يسهل هذا الإجراء تعبئة موارد إضافية على شكل بضائع وأموال وأصول لضمان استجابة أكثر فعالية للحاجات الإنسانية الخاصة بالمتضررين من جراء عمليات التشريد القسري".

 ويقول محمد دياب، المدير الإقليمي لبرنامج الأغذية العالمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ووسط آسيا وشرق أوروبا إن "حالة الأمن الغذائي في العراق مقلقة، وهي أسوأ ما شهدته البلاد منذ العقوبات في أوائل التسعينيات. وقد أدى انهيار نظام توزيع السلع التموينية في أجزاء عديدة من العراق، وتدمير المنتجات الزراعية ومصادرتها، بالإضافة إلى انعدام الأمن على نطاق واسع والتشريد الجماعي للمدنيين إلى ضائقة كبيرة ومعاناة إنسانية لا توصف. فأغلبية العراقيين إما محاصرون في بيوتهم أو باتوا نازحين في ظروف محفوفة بالمخاطر".

 ويؤكد محمد العساكر المتحدث باسم المفوضة السامية لحقوق الإنسان "إن هناك أكثر من "1200000" نازح عراقي منذ حزيران الماضي" اثر سيطرة تنظيم داعش على مناطق واسعة من محاظفتي نينوى وصلاح الدين، و"ان عدد النازحين في محافظات إقليم كوردستان العراق حوالي"600000" نازح، بينما توزع " 6000000" على مناطق وسط وجنوب العراق.

 وقال ادريان ادواردز المتحدث باسم المفوضية السامية لحقوق الإنسان أيضا: "إن عملية نقل جوى للخيام والسلع الأخرى بدأت الأربعاء 20/ 8/2014 وتستمر أربعة أيام إلى اربيل في العراق من العقبة في الأردن تعقبها قوافل برية قادمة من تركيا والأردن وعملية شحن بحري قادمة من دبي عبر إيران خلال العشرة أيام المقبلة. وقال في إفادة صحفية في جنيف "هذه دفعة إغاثة هامة للغاية وبالقطع من أكبر العمليات التي أذكرها لفترة طويلة من الوقت. هذه أزمة إنسانية كبرى وكارثة، إنها مستمرة في التأثير على أناس كثيرين".

 وقال السيد ملادينوف ممثل الأمم المتحدة في العراق، " لقد حَشّدت الأمم المتحدة مواردها لمساعدة حكومة إقليم كردستان التي أربكها وصول عدد كبير من النازحين". وأثنى المبعوث الأممي على الجهود التي تبذلها حكومة إقليم كردستان لتوفير الاحتياجات الأساسية للنازحين" كما استجابت وكالات الأمم المتحدة مثل برنامج الأغذية العالمي (WFP) ومفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين (UNHCR) صندوق الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) وصندوق الأمم المتحدة للسكان (UNFPA) ومنظمة الصحة العالمية (WHO) .

 وتأتي المساهمة التي تلقاها برنامج الأغذية العالمي كجزء من منحة إجمالية تبرعت بها المملكة العربية السعودية لوكالات الأمم المتحدة في شهر يوليو قيمتها 500 مليون دولار أمريكي بهدف تقديم المساعدات الإنسانية العاجلة لمن يحتاجونها في العراق مضافا إلى المساعدات والتبرعات التي حصلت عليها الأمم المتحدة من الدول الأخرى.

 السؤال هنا هل تنوي وكالات الأمم المتحدة أن توزع المعونات التي حصلت عليها للنازحين العراقيين على النازحين المتواجدين في إقليم كوردستان فقط؟ وماذا عن نصف النازحين الآخرين أو يزيدون المتواجدين في محافظات الوسط والجنوب، هل سيشملون بالمساعدات الدولية، وماذا عن المحافظات التي تستضيفهم؛ هل هي قادرة على تلبية احتياجاتهم دون المعونات الخارجية؟ وما هو دور الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية والمنظمات الدولية في تحقيق العدالة للنازحين جميعا؟

 إن الهلال الأحمر العراقي، وهو أول المنظمات الإنسانية العراقية قام بنقل النازحين من أربيل إلى محافظات الوسط والجنوب كونها مناطق أكثر أمنا.. كان قد أطلق نداءات استغاثة على لسان متحدثه الأمين العام المساعد محمد الخزاعي بضرورة احترام حقوق الإنسان مناشدا في الوقت نفسه المنظمات الدولية والمحلية إلى التدخل لوقف هذه الانتهاكات الخطيرة التي ترتكب بحق المدنيين من نساء وأطفال ورجال عن طريق العصابات المسلحة.. كما قدم مناشدات دولية لمساعدة العوائل المحاصرة في جبل سنجار حيث قامت عدة منظمات دولية بإرسال مزيد من المساعدات الإنسانية إلى تلك العوائل.

 الحكومات المحلية ومجالس محافظاتها في المحافظات الوسطى والجنوبية، كانوا قد طلبوا الحكومة الاتحادية بتقديم مساعدات عاجلة للنازحين كما وجهوا نداءات استغاثة إلى المنظمات الدولية بهدف دعمها للتخفيف من أزمة النازحين. ففي واسط، أوضح عضو مجلس المحافظة حيدر هشام الفيلي لـ"الصباح" أن المجلس وجه دعوة إلى منظمات الإغاثة الدولية التابعة للأمم المتحدة، للقدوم إلى واسط والتنسيق مع الحكومة المحلية لإغاثة العوائل النازحة التي ما زالت تتوافد على المحافظة نتيجة لجرائم داعش الإرهابي. وبين أن عدد هذه العوائل من تلعفر وبرطلة والحمدانية تجاوز الأربعة آلاف عائلة من بينها عوائل تركمانية وشبكية ومسيحية، مضيفا أن المحافظة تأمل من المنظمات الدولية المساعدة بنصب كرفانات وتقديم المواد الاغاثية لها.

 وفي المؤتمر الأول لتأسيس غرفة إدارة الأزمات لمنظمات المجتمع المدني في محافظة النجف المنعقد في 12/ 8/2014 وبحضور المنظمات الدولية، طالب نائب محافظ النجف المنظمات غير الحكومية والمنظمات الدولية بضرورة الإسراع بتشكل "غرفة إدارة الأزمات للمنظمات غير الحكومية والإسراع بتقديم الخدمات والمساعدات للنازحين في محافظة النجف والذي تجاوز عددهم أكثر من " 60000 " إلف نازح .

 وفي المؤتمر الأول لتأسيس غرفة إدارة الأزمات لمنظمات المجتمع المدني في محافظة بابل، المنعقد في 20/8/2014 وبحضور أكثر من 150 مشارك ومشاركة بما فيهم ممثلين عن الحكومة الاتحادية ومجلس النواب والحكومة المحلية، وعددا كبيرا من منظمات المجتمع المدني والناشطين في المحافظة وعدد من المنظمات الدولية منها 1- برنامج العدالة للجميع 2- منظمة الإسكان العالمية chf 3- منظمة الإغاثية الدولية 4- أطباء بلا حدود 5- منظمة الصليب الأحمر الدولية 6 – جمعية الهلال الأحمر العراقية، طالب نائب محافظ النجف بتوحيد جهود العاملين في مجال دعم النازحين، وتوفير قاعدة بيانات كاملة عن النازحين، وتقديم حاجات النازحين، وتوفير كافة أنواع الدعم القانوني والصحي، وتسجيل كافة أنواع الانتهاكات التي تعرض لها النازحون وأيضا التنسيق مع الحكومة الاتحادية والحكومة المحلية.

 كما تحدثت بعض المنظمات المحلية والأجنبية عن الدور الذي يمكن أن تقوم به في مجال دعم النازحين، مثل: توفير العيادات القانونية، والمستلزمات الصحية، والحاجات التعليمية، وتوفير الأرض اللازمة لسكن النازحين ودعم مستلزمات السكن وغيرها..

 وكانت قد ناشدت حكومة كربلاء المحلية الصليب الأحمر الدولي مساعدتها لتوفير متطلبات ألوف النازحين إلى المحافظة خلال الشهرين الماضيين. وقالت ليلى قيس مسؤولة قسم المتابعة في المحافظة "إن آلاف النازحين يعيشون ظروفا سيئة ويحتاجون إلى أدوية ومنظفات وهو ما طلبناه من الصليب الأحمر الدولي". وجاءت مطالب الحكومة المحلية هذه على هامش زيارة قام بها وفد من الصليب الأحمر الدولي إلى كربلاء، للاطلاع على أوضاع النازحين. وقال المندوب الميداني للمكتب الإقليمي للصليب الأحمر إياد الحاج لإذاعة العراق الحر "إن الصليب الأحمر اخذ بنظر الاعتبار احتياجات الحكومة المحلية وسيقوم بدراسة ميدانية لتقييم حاجة النازحين وسيلبيها في ضوء إمكاناته". واشتكى عدد من النازحين ممن التقاهم وفد الصليب الأحمر من ظروف سكنهم وطالبوا بتوفير مساكن مناسبة.

 وقال المندوب الميداني للمكتب الإقليمي للصليب الأحمر إياد الحاج "سكن النازحين من مسؤولية هيئات أممية أخرى. لكننا سنعمل ما بوسعنا أن وجدنا نقصا في هذا الجانب". وكانت الحكومة المحلية قد خصصت صندوقاً لجمع التبرعات لمساعدة النازحين ودعت المواطنين إلى مساعدتهم واعتبرت التأخر في إقرار الموازنة سببا لعدم توسيع جهودها الرامية إلى خدمة النازحين.

 وبالإشارة إلى كل ما تقدم، يقول السيد ملادينوف ممثل الأمم المتحدة في العراق بمناسبة اليوم العالمي للعمل الإنساني" يُعوِّل العراقيون في هذه السنة أكثر من أي وقت مضى على العاملين في المجال الإنساني للبقاء على قيد الحياة" مشيراً إلى أن "المهجرين داخلياً هم من أشد الفئات ضعفاً" وأكد أنهم "مصدومون وخائفون ومشردون ويشعرون بالحنين إلى ديارهم ويكافحون من أجل بقائهم وكرامتهم ويتعرضون إلى خطر العنف على أساس النوع الاجتماعي.، وعليه نؤكد:

- أن أعداد النازحين إلى المحافظات الوسطى والجنوبية في تزايد مستمر؛

- وأنهم ليسوا بأفضل حال من أقرانهم النازحين في إقليم كوردستان؛

- وأن الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية على ما قدموه من مساعدات غير قادرين على توفير المزيد من الخدمات والمساعدات ما لم يكن هناك جهد دولي يواكب ويعزز تلك الخدمات.

- وأن على وكالات الأمم المتحدة في العراق مضاعفة جهودها لضمان الحماية والدعم للعراقيين النازحين لاسيما في المناطق الوسطى والجنوبية، وأن تعمل مع كل من الحكومة المركزية والإقليمية لتلبية احتياجات مئات الآلاف من النازحين بالفعل، واتخاذ الاستعدادات لاستقبال غيرهم الكثير من الذين سيصلون خلال الأيام القليلة المقبلة ".

- ولن يكون الدعم الأممي مفيدا ومجديا وفعالا ما لم يكون هناك فريق عمل أممي في بغداد وبابل والبصرة مضافا إلى فريق العمل المتواجد في اربيل..