التنوع بين الإنفعال والتفاعل..

 

التنوع الديني المذهبي الإثني لا يخلو منه مجتمع دولة، فليس هناك مجتمعاً صافي الديانة أو القومية او المذهب أو الإثنية،.. التنوع أساسه الإختلاف، والإختلاف هو الأصل لا التشابه،.. وقد يقود الإختلاف المنتج للتنوع الى التناغم والتكامل بين مجتمعيات الدولة، وقد يقود الى الإحتراب والتشظي،.. وكلا الأمرين (التكامل أو الإحتراب) رهن بمشروع الدولة، فإدارة التنوع وتوظيف الإختلاف أهم التحديات التي تواجه أمة الدولة ودولة الأمة.
في الدولة المحتكرة عرقياً أو المتمذهبة أو المبتلعة إثنياً يسود الإحتراب الداخلي الصامت أو المعلن بين مجتمعياتها، والدولة المتشيئة على عدد طوائفها وقومياتها واثنياتها يسود التنازع بين مجتمعياتها على موارد السلطة والثروة والسيادة،.. السبب أنَّ هناك انفعالاً عالي التوتر بين مجتمعيات الدولة المحتكرة أو المتشظية المتشيئة، ومتى ما عاشت مجتمعيات الدولة الإنفعال قضي على روح أمة الدولة.
التفاعل لا الإنفعال هو ما يخلق الروح المشتركة بين مجتمعيات الدولة لخلق أمة الدولة الواحدة المتحدة، التفاعل القائم على الإعتراف بالتنوع وتقديس الخصوصيات واحترام الإختلاف على أرضية المواطنة المدنية الديمقراطية.
مجتمعيات الدولة العراقية حالياً تعيش الإنفعال لا التفاعل والسبب هو مشروع الدولة القائم على اساس من فكرة المكونات لا مبدأ المواطنة المدنية،.. إذا ما أردنا للأمة الوطنية التماسك وللدولة الوطنية البقاء فلابد من إعادة النظر بمعايير وسياسات العملية السياسية بما يفضي الى تفاعليات أفقية بين مجتمعيات الدولة وعمودية بين سلطات الدولة... تفاعليات تعتمد المواطنة والديمقراطية والمدنية والتعايش والتنمية كركائز لإنتاج روح الأمة وهويتها ووجودها.