قسمكم ياسادة.. "بعده أخضر"

 مازال العراقيون يتأملون خيرا في القادم من الأيام، وهم بهذا يرفضون الرضوخ الى اليأس الذي تجرهم اليه ظروفهم جرا، من الصعب مقاومته والوقوف أمام تياره العارم، والدليل على هذا مامروا به خلال السنين الطويلة التي أقحمهم فيها حكامهم بأنفاق مظلمة لا يلوح لهم من بشائر الفرج في نهايتها أي بصيص أمل. وكأن السلاطين الذين تولوا على كراسي الحكم راهنوا على التحكم بمصائرهم والتسلط بمقدراتهم، ولطالما ردد العراقيون بحسرة وألم ممزوج بالأمل، بيتي شعر للإمام علي (ع):

      إذا النَّائبات بلَغْنَ المـدى      وكـادت تذوبُ لهـنَّ المُهجْ

      وحلَّ البلاء وبان العزاء     فعند التناهي يكونُ الفرَجْ

ذلك ان الخلافات والإختلافات التي يختلقها ويتبادلها ساستنا بتفنن متقن، أضحت منذ اعتلوا سدة الحكم، ككرة التنس اوالركبي اوالمنضدة، يلهون بها ويتمتعون بمزاولتها وقضاء أوقاتهم معها في ملاعب شتى، فتارة في الملعب المسقف المدفأ شتاءً والمبرد صيفًا، وبأحدث وسائل الترفيه الذي يسمى مجازا (قبة البرلمان). وتارة أخرى يحلو لهم التمتع بإجازة بضعة أيام، فلايبالون لو أرجأوا اجتماعا الى إشعار آخر، وقد يحلو لهم فيجعلونه الى إشعار غير مسمى، ولنا في هذا شواهد كثيرة في مجلس النواب بدورتيه السابقتين. 

   منذ أسبوعين والعراقيون يتطلعون الى كل جديد من الأخبار، لعلها تنقل لهم خبرا يزيل عنهم شيئا من الهموم المترتبة بفعل تدني كثير من جوانب حياتهم، بعد ان خابت آمالهم بالجديد فضلا عن -العتيگ- وما يزيد من خيبة أملهم أنهم يعومون على بحر من خيرات وثروات، تتبدد على أيدي -الجاي والرايح- ممن يتسنمون مناصب المسؤولية على أرفع مستواها، فيما يعج البلد بمشاكل وكوارث كان حريا بهم أن يتسابقوا في حلها، لاأن يكونوا السبب في تفاقم بعضها، مستغلين بهذا طيبة قلب العراقيين المعهودة. لقد آن الأوان لهم أن يتحذروا من رد فعل المواطن المسلوب حقه، وليحذروا من استجابة دعاء المظلومين، وهم عالمون باي منقلب ينقلب الظالمون.

   إن قَسَم الوزراء الذي رددوه أمام الله والشعب لم يمض عليه زمن طويل كي يُنسى، وكما نقول بلهجتنا العامية "بعده أخضر" وقبله كان قَسَم رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان ورئيس الحكومة، فهل هم حقا يحملون النيات السليمة لوطنهم؟ وهل يعدّون منصابهم ووظائفهم ومسؤولياتهم تكليفات وطنية وأخلاقية؟ أم يعدّونها فوزا وصفقات تضاف الى مآربهم النفعية. 

  مناصبكم ياقادة هو محك لكم في ظرف العراق الحرج الذي يمر فيه سياسيا وأمنيا واقتصاديا، وأنتم مطالبون بتقويم الأخطاء السابقة، والقضاء على كل مظاهر التلكؤ والإهمال والتقاعس التي توارثتها مؤسسات الدولة من عقود خلت، وكذلك وقبل كل هذا؛ استئصال الفساد بنوعيه من جذوره، فهل أنت فاعلون؟