حكومة الكبار..

تميزت حكومة السيد حيدر العبادي عن سابقاتها بشيئين ،الاول زيادة في عدد نواب رئيس الجمهورية  ورئيس الوزراء ..وهذا ليس بالشيئ الغريب او الخطير بصورة كبيرة ، على الرغم من الزيادة التي ستطرئ على النفقات الحكومية لتغطية امتيازات هذه المناصب الجديدة من رواتب ومخصصات ونثريات وحمايات والقائمة تطول ..لكن اهم مايمييز هذه الحكومة الجديدة ، أن كان ما حصل هو ميزة وليس شيئ اخر ، انها تحولت بين ليلة وضحاها من حكومة تكنوقراط الى حكومة زعماء سياسيين كبار ورؤساء احزاب وكتل برلمانية كبيرة ، ولم يُطرح اي تبرير او توضيح لهذا التحول الذي ستخبرنا الايام القادمة عن مدى جدواه او المنفعة المرجوة منه ..ولدت الحكومة الجديدة من رحم الازمات والانتكاسات السياسية والامنية والاقتصادية على مدى الاحد عشر سنة الماضي  ،ونتجت عن مخاض طويل من المناكفات والسجالات بين الاطراف المشكلة لها حضرت فيها الطائفة والقومية والحزب والقبيلة وغاب عنها العراق وشعبه المسكين ،وقد كان السيد العبادي متفائلا عند تكليفه في بادئ الامر بانه سينتج حكومة اقل مايقال عنها انها ستلبي ولو جزء بسيط من طموح واحلام المواطن العراقي ..لكنه بدا ممتعضا وهو يقدم حكومته الى البرلمان للتصويت عليها بسبب ما اّلت اليه الامور، فقدمها ناقصة مجزوئة الا من الكبار بعد ان أشرفت المدة القانونية الممنوحة له على نهايتها، ولولا الضغوط التي مورست من قبل المرجعية الدينية والمجتمع الدولي لما رأت هذه الحكومة النور ، بسبب  العراقيل التي وضعت امام تشكيلها، والمطالب التعجيزية للاطراف المشاركة في العملية السياسية والتي تجاوزت فيها كل العادات والاعراف السياسية ووصلت الى حد وضع العصي في عجلات تشكيلها ، لكن مالذي دعى الزعماء الكبار الى النزول الى الساحة ودخول معترك السلطة التنفيذية بكل ماتحمل من مسؤلية مباشرة عن كل ما يحدث من فشل او نجاح ،هل هي المسؤلية التاريخية الملقاة على عاتقهم كونهم قادة البلد ، ومحاولة منهم لانقاذ العراق من هذا المنزلق المصيري الخطير الذي يمر به الان ، بعد ان هدد الارهاب والصراعات السياسية وجوده ككيان موحد ، وهي محاولة منهم للعمل على اصلاح ما افسده وزرائهم السابقين ، وأدارة الدولة من رأس الهرم القيادي ..أم أن ماحصل هو مجرد تقاسم للكعكة ..؟..لازال الكثير من العراقيين يأملون خيرا بهذه الحكومة على الرغم من الاحباط الذي تولد لدى الكثيرين عند متابعتهم مجريات تشكيلها والطريقة التي شكلت بها والوجوه التي تصدت للمسؤلية فيها .. لكن اذا ما صدقت النويا ووضعت المنافع الحزبية والشخصية جانبا ، وتظافرت الجهود الدولية والاقليمية لانجاح هذه التجربة الجديدة  ، فاعتقد ان السيد العبادي سوف يكون قادرا على انجاز هذه المهمة الصعبة والعبور بالعراق الى بر الامان على الرغم من الكم الهائل من التحديات التي تحيط بالعراق واهله.