السياسة الأمريكية بين الواقع والتزييف

إن نكار قوة الإمبراطورية الأمريكية لايمت للواقع بأي صلة، الواقع شئ ملموس ولهذا أنكاره يعد من السفاهة في العقل، فهي أثبتت قوتها في شتى المجالات، لا يمنع الإعتراف بهذه الحقيقة من عدم أنكار كونها أكبر مؤسسة للخداع والمراوغة ايضاً

لقد بُنيت هذه الإمبراطورية على أطلال دماء سكانها الأصليين، علماً بأن التاريخ المدون بين ايدينا لا يتطرق الى كثير من التفاصيل، أما المتاح منه لم يكن قاصراً على إثبات جبروتهم وقساوة قلوب المهاجرين الى تلك البقع وفي تلك الحِقب السوداء، لقد شدوا الرحال خالعين كل معاني الإنسانية من قلوبهم لأستعباد الناس، أما الإستكشاف فكان ظاهر الرحلة، في حين إن قارة العجوز قد أصابت هدفين بضربة واحدة، وهما السيطرة على تلك البقاع وإبعاد العناصر الغير مرغوبة فيهم من المجرمين وقطاع الطرق ...والخ من ديارهم، كما حصلت مع قارة استراليا ايضاً

ليس من السهل على طلاب نفس الفكر تغيير المناهج، ولهذا لم يتغير الوضع كثيرا بالنسبة لأهدافهم، خاصة عندما تتعلق بالثروة والسيطرة، طلاب لا حدود لهم في الجشع فهو من أولوياتهم، أما ما يشاع عن قيم يريدون تصديرها فهي ليست سوى غطاء شفاف ومكشوف لأهداف دنيئة

أفغانستان، الماضي القريب في الذاكرة، لقد جَيشَت أمريكا جيوشها وطعمَها بأموال وجيوش الأعراب، الذين قاموا بتشكيل جيشاً من المغرر بهم لمساندة جيوش أسيادهم، ناهيك عن الأموال الطائلة التي خرجت من خزائن هذه المماليك المتخلفة لإدامة مدة الغزوة، في حين كان من الأجدر بهم إعطاءها الى مستحقيها من شعوبهم

إنتهت المسرحية وأنزل الستار و اختلطت الأوراق، دارت نفس الجهات وجهها و وجهتها غرباً وبنفس الثيات الملطخة بدماء الأبرياء للأنتقام من العراق وشعبه، بحجة الإطاحة بمن نصبوه سيفاً على رقابنا، كان الهدف الرئيسي من تلك العدوان إركاع الشعب العراقي بعد عملية التخدير لمدة عقود مظلمة، كانت لعبتهم مكشوفة لكن الحاجة لهم كانت السبب وراء تقبلهم، لكون ماضيهم مكشوف كمؤخرة عنزة، ولهذا لم يكونوا مرحبين للبقاء أكثر من الفترة المطلوبة لتصحيح أخطاءهم

لم يرق لهم الخروج من الأرض التي دنسوها لعدم انتهاء هدفهم الغير معلن، ولهذه تركوها في الفوضى والقتل والدمار عن طريق أذنابهم في العراق وخارجه وهم كُثر، لقد عادوا الكرّة مرة أخرى، بتأليف مسرحية جديدة، أبطالها نفس الوجوه القبيحة التي كانت ولا زالت لا تريد الخروج من تحت عباءة العبودية، لنشر الفوضى والدمار ليخلقوا عذراً لتلك القوات للتدخل 

لنفرض جدلاً، إن هذه المجموعة جاءت لإصلاح ما فسدناه نحن في الدين، ألا تعلم هذه الشلة القذرة بأن دين الإسلام المحمدي الأصيل يعترف بكل الأديان السماوية ويبجلون كل الرسل والأنبياء، وهم يحترمون ذكراهم ولا يجرؤون على محوها، يقيناً أقول، لو استطاعت هذه الحشرات الضارة الوصول الى مدينة بابل وأور و مدن أخرى، لفعلت ما فعلت ببقية الآثار التي كانت تحت سيطرتها، و ذلك لأكمال مسلسل الحقد الدفين في قلوبهم العليلة، أمرهم مكشوف كسيقان الراقصات على مسارح أغنياء العرب 

إن فكرة زج (داعش ومخلفاته)في المشهد لم يكن سوى الخطة البديلة لإفشال تطلعاتنا وللسيطرة على تبقى من الأراضي التي بقت خارج سيطرتهم، وهم بحال النعم الموجودة في هذه البقعة كأي هر يترقب ما يمكن الحصول عليه من المطابخ، ومن جهة ثانية ليست إلا لتكريس ماتم بلورتها في دوائرهم لتفتيت المنطقة، لعبة باهتة ولكن أدواتهم في المنطقة قوية وتملك الكثير من الثروات لحجب الحقيقة، فكرة ممزوجة بطمع الطامعين وتحقيق الأحلام، فحلم الدولة من النيل إلى الفرات بصماتها ليست بريئة، ولكن هل يدرك المرء كل ما يريد؟

عبيد أمريكا، هدموا كل الآثار والماضي في المناطق التي كانت تحت سيطرتهم، وذلك لإشباع رغبة أسيادهم التي لا يمكن أن تتحقق لوجود من في الأمة يجري في عروقه دين النبي الأصيل دون رتوش أو تزييف، فالذي يحمل فكر الأصيل لخاتم الانبياء هو أقوى من كل القوى وأذنابها من الأعراب الذين يتكاثرون بشكل لا يتقبله المنطق، ولكن الأرض لا يرثها إلا من يكون أهلاً لها.