الدعم الدولي مشكلة أم حل ؟

لم يخرج الساسة العراقيون برؤية واحدة تجاه حرب الولايات المتحدة وحلفائها ضد داعش فوق الارض العراقية ، بعضهم يؤيد التدخل بلا قيد او شرط ويقول اننا لا يمكن ان نصل الى وضع أسوأ مما نحن فيه حاليا ، ومنهم من يرفض التدخل ويعده احتلالا جديدا ويقول : اتركونا بحالنا فنحن ننتصر على الارهاب بالجيش والحشد الشعبي ولا نحتاج الى مساعدة ، فريق ثالث يرحب بالمبادرة الدولية ويعدها فرصة لكنه يشترط ان تتم بالتنسيق مع الحكومة العراقية عبر غرفة عمليات مشتركة . لكن على الأرض هناك حقائق مهمة منها : ان دولا كانت حتى يوم امس تدعم داعش وتكره العراق الشقيق وهي الآن ترسل طائراتها لتضرب داعش في العراق والمعروف ان اماكن داعش متداخلة مع المواقع العسكرية العراقية والاهداف الاقتصادية والبنى التحتية والسدود والمصافي النفطية والعتبات المقدسة ، التمييز بين الاهداف صعب لذا تعطى نسبة من الاخطاء المشروعة لضربات الطيران وهذا يعني ان رشقة مدمرة قد تقع في هدف حيوي فشلت داعش في تدميره فجاء الطيران الصديق لينجز المهمة بالخطأ . ورشقة قد تدمر فوجا من الحشد الشعبي بالخطأ ، ويتكرر الخطأ البريء فتبدو الحرب وكأنها عملية تدمير للطرفين ! خاصة وان الطيار تائب من حب داعش قبل ايام قليلة لكنه لم يتب من بغضه للعراق لاسباب طائفية فهو في احسن الاحوال عدو للطرفين ، ثم ان بلدا ليس لديه وزير دفاع ولا وزير داخلية حتى هذه اللحظة كيف يشكل غرفة عمليات ؟ في العراق لحد الآن هناك ساسة اصحاب قرار يرفضون داعش لكنهم يرفضون الحشد الشعبي ايضا ، ساسة آخرون يقولون ان هناك قوات ايرانية في العراق فلماذا لا تأتي قوات سعودية ايضا ؟ ساسة آخرون يقولون : اذا رشحتم فلانا لوزارة الدفاع نرشح فلانا لوزارة الداخلية ! ووضع اسم مقابل اسم يدل على ان المخاوف باقية ، اما اعلاميا فهناك وسائل اعلام وطنية تدعم فتوى المرجعية والحشد الشعبي وتدعو الى توحيد الجبهة السياسية ، لكن وسائل اعلام وطنية اخرى تتجاهل داعش وتتحدث عن (جرائم الحشد الشعبي) و(الفتوى الطائفية) ، كان هذا خطاب البعض قبل تشكيل الحكومة وحجتهم الشعور بالتهميش والاقصاء وعدم التوازن ، لم يتغير خطابهم وقد حققوا كل ما يريدون بتنازلات كبيرة ، وهذا يعني ان التنازلات لا تعيد الثقة ، عندما تجد ان شريكك السياسي يخافك اكثر من داعش ، وانت تخافه اكثر من داعش فهذا يعني ان داعش ليس هو السبب بل هو نتيجة لسبب اكثر تعقيدا ، العراق بهذا الوضع لا يمكن ان يوفر بيئة سياسية وعسكرية وادارية لاستثمار الدعم الدولي ايجابيا ، بل يوفر بيئة لتحويل الدعم الدولي الى خطر جديد يضاف الى قائمة الاخطار المحدقة .