المدارس في العراق.. غيوم بلا مطر

تلتقي شحنات موجبة بشحنات سالبة فينتج عن لقائها غيوم تنزل ماءا تحيي به الارض بعد موتها فتزهر وتخرج فلذات كبدها من أشجار يانعة وثمار لذيذة,, المدرسة والاطفال هي بمثابة شحنات سالبة واخرى موجبة فأطفالنا شحنات سالبة نرسلها الى المدرسة ((الشحنة الموجبة))  لتتلقى العلم والمعرفة الا ان مدارسنا في العراق البلد الذي انتفخ وتورم من كثرة الالقاب فهو العراق العظيم ومابين النهرين وبلاد الرافدين وارض السواد وارفع راسك انت عراقي كل هذه الأوسمة والألقاب وهو على حاله ((لا يهش ولا ينش )) فمدارسنا لازالت شحنات سالبة تلتقي بشحنات سالبة اخرى ! فتنتج لنا جيل جديد من الاطفال لا يجيدون غير دور الببغاء بحكم الترديد الذي تعلموه في المدارس فهي تعطي دروسا في التقليد ولا تعطي منهجا في الابتكار والمدرسة في العراق مؤسسة للقلق والضياع بحكم بنايتها المتهالكة وعدم استيعابها لإعداد الطلبة والطالبات إضافة الى المناهج الكلاسيكية الرتيبة والمعلمين والمدرسين التقليديين الذين لم يقرأوا اخر الكتب والمناهج التربوية التي تخص الواقع التعليمي في الدول المتطورة وحتى المجاورة ونحن لا يمكننا ان نضع اللوم فقط على المعلم او المدرس ونطالبهم بالقيام بدور مثالي بينما المدرسة لا زالت متهالكة وأعداد التلاميذ في تزايد فكيف لمعلم ان يُفهم صف فيه 60 تلميذ !,,الجميع يعرف ان الأطفال هم جيل المستقبل وما لم يتم بناء هذا الجيل بناءا معرفيا متناسبا مع قابليات ومهارات هؤلاء الأطفال فهذا معناه اننا نفرط في اهم مصدر واهم طاقة لرفد وتحريك هذا المجتمع الذي بدا يصدا ويتآكل بفعل الرتابة التي يعيشها فهو بحاجة الى دماء معرفية جديدة تكون مهمتها إنعاشه والأخذ بيده نحو سلم العلم والمعرفة في مصاف الدول المتقدمة اما اذا بقيت الامور كما هي عليه فهذا يعني اننا نقوم بــهدر وتدمير وتضييع هذه الطاقة المتمثلة بالأطفال والتفريط بها وبناءها بناءا سلبيا يساهم في المستقبل القريب في تدمير البنى المعرفية التحتية الحقيقية التي تستند عليها كل بلدان العالم فنحن نشاهد مثلا كيف توضع البرامج المتقدمة لتنمية قابليات الاطفال في الدول الأخرى وكيف تساهم التكنلوجيا هناك في استغلال مهاراتهم وتعليمهم مختلف انواع العلوم والفنون وتحريك أذهانهم من خلال فتح أوسع الآفاق امامها في مختلف تجارب الحياة الفنية والعلمية والاجتماعية اما الاطفال في العراق فهم ضحايا لتعليم بدائي لا يهتم بالفن ولا الموسيقى ولا الرياضة ولا يحرك هوايات هؤلاء الاطفال ولا يبحث عنها بل يحاول المعلم ان يمرر قالب معرفي واحد على كافة الطلبة وبطريقة واحدة وعلى الجميع القبول بها سواءا تناسبت مع القياس الذهني للطفل ومهارته وسلوكه او لم تتناسب! اننا بحاجة الى ثورة معرفية كبيرة تهتم بهذه البراعم اهتمام حقيقي ومدروس وليس اهتمام صوري بقيام مهرجانات لدعم الأطفال في الإعلام وسلب حقوقهم في الواقع ! يجب علينا ان نهتم بالطفل داخل الأسرة وفي المدرسة ونعطيه حيز كبير من الحرية ليكتشف ذاته ونساعده في تنمية مهاراته وعدم استخدام أدوات القمع وتوظيف المزاج الشخصي السلبي ضد هذه البراعم لنقم جميعا بدور تعهد هذه البذور بالسقي المعرفي لنتركها تنمو وتثُمر بدلا من إجبارها على نمو اعوج وتلقيحها بسماد فكري فاسد يجعل ثمارها مرة لا تطاق .