لمــاذا الإشاعة الأمريكية..!؟

لم تكن أمريكا مضطرة للكذب على العالم وإدعاء أن داعش تقاتل على أسوار مطار بغداد الدولي لولا أنها تفاجأت بعدة حقائق: أولها- إصرار العراق بحكومته ومرجعيته على رفض تدخلها البري، وثانياً- تكبد داعش هزائم ساحقة تجاوزت حساباتها كثيراً، مما استدعى الموقف إعادة إنعاش معنوياتهم بنصر وهمي على مدخل العاصمة بغداد، بجانب زعزعة ثقة العراقيين بأنفسهم وإرباك صفوفهم، فضلاً عن تضليل الساحة الأمريكية بتهويل حجم الخطر وتمرير مشاريعها المتعلقة بتكثيف وجودها ونشاطها العسكري بالمنطقة.

فالإدارة الأمريكية تعيش مأزقاً حقيقياً، فمن الناحية العسكرية فشلت في رهانها على أن سلاح الجو كفيل بقصم ظهر داعش وبدت غبية في خوضها حروب عصابات بالطائرات..! كما أنها فشلت في اعادة فصائل الارهاب المختلفة في سوريا الى حضيرتها حيث أن لكل من حلفائها "تركيا، السعودية، قطر، الأردن" مصلحة سياسية في ديمومة نشاط أتباعه لحسابات أقليمية، وأخرى تتعلق بمصير أنظمتها في الحكم، وأمن بلدانها. مثلما لواشنطن مصلحة في إعادة هيكلة الارهاب بتنظيم موحد تحت قناع "المعارضة المعتدلة"!

ويبدو أن حتى كردستان العراق بدأت تستشعر أسرار اللعبة الخطيرة لأمريكا وحلفائها، وتتوجس خيفة مما آل إليه مصير "كوباني" فآثرت رأب الصدع مع بغداد، خاصة بعد ظهور بوادر حقيقية تركية لشق الصف الكردي وتعميق خلافات أربيل والسليمانية. فعودة وزراء كردستان إلى بغداد وتفعيل الحوار سيعزز موقف حكومة العبادي.

أعتقد أن أمريكا تفاجأت أيضاً أن الساحة الشعبية العراقية أصبحت أكثر صلابة بوجه حرب الاشاعات، حيث لم يتفاعل الشارع إلا بقدر ضيق جداً مع إشاعة وصول داعش إلى أسوار مطار بغداد رغم أن مصدرها القيادة العسكرية الأمريكية نفسها. وهي الفضيحة التي حاولت سترها بدفع خلاياها الداعشية باستهداف العاصمة بسلسلة تفجيرات إرهابية للايحاء بأن حديثها عن ضخامة قوة داعش حقيقي وليس مجرد إدعاء.. لذلك لا أستبعد إطلاقاً أن يمهد الخبراء الأمريكيين بالعراق لعملية إرهابية نوعية تتخذ صدى واسعاً لتأكيد أهمية وجودها.

من يراجع السجل الأمريكي في العراق سيتأكد انها دولة تفكر بغرور، ولا تضع للواقع هامشاً في حساباتها وخططها، لذلك فانها تفشل دائماً. وهنا يكمن مصدر قلقنا من الاعتماد العراقي على المشورات الأمريكية!!!!