الحرف ثمَّ ... وماذا بعد داعش؟

إتضحت الرؤيا عندمن يتابع مسلسل الرعب الذي تمر به منطقة الشرق الأوسط عامة وبلاد العراق والشام خاصةً. وبانت له الحقيقة, وتمكن من إستقراء ما سيحصل.فلقد إنجلت الأمور. فبعد أن قادت أميركا الحرب الجديدة العمياء المعدومة الرؤيا, على القاعدة ,لبِّ الأرهاب .الذي أوجدته وتبنته,وما حصل من إرتباك في المنطقة وفي العالم وتطور نوعي للأرهاب . وبعد أن أنهت دولة طالبان. ولكن أميركا فشلت بالقضاء على حركة طالبان . فالحركة بقيت ثابتة. وتأصلت وتمددت وتجذرت وبات لها مناصرون وممولون ودعاة في أرجاء العالم .لأنها الذراع الرئيسي المتمكن المتين لمنظمة القاعدة.
فكانت النتائج مزيداً من الأضطراب والفوضى الأمنية في المنطقة ,ونقلة نوعية في مستوى التطرف الأرهابي, مختلفاً عمّا كان يجري في الحروب الأمريكية السابقة. وهذا يدل على إن أميركا لم تستوعب أياً من دروس الحروب التي شنتها سابقاً, خاصة وما أسمته عام 2001 بالحرب على الأرهاب, التي إستهدفت تنظيم القاعدة ودولة طالبان .
إن سبب فشل هذه الحرب وهوالخطأ الستراتيجي الكبير والقاتل الذي تصر عليه أميركا والغرب, ألا وهو سوء المعالجة وعدم تجفيف المنابع الأيدلوجية الفكرية والمالية للأرهاب. وبمساندتها إسرائيل المتغطرسة ,دون وجه حق. وإلحاقها الحيف والظلم بالمسلمين والعرب في قضية فلسطين, والمماطلة بإقامة دولتين للعرب واليهود. إنَّ الوقوف مع إسرائيل والأعتراض على اية إدانة لها وهي تقتل وتحتل وتهجر وتدمر وتشن الحروب, هو الذريعة الكبرى لفكر الأرهاب, وأيدلوجيته. كما إن التستر على حكام جعلوا من دولهم مفارخ للأرهاب وجامعاتٍ يُدَرَّسُ فيها الفكر الأرهابي, وجمعيات سرية وعلنية ممولة للأرهاب, لم يكن إلا نفاقاً ودجلاً سياسياً ومشاركة بالأرهاب ودعماً له . هل سأل قادة الغرب أنفسهم لماذا إستثنت القاعدة دول الخليج من عملياتها الأرهابية؟والسبب واضح ,وهو دفع حكام الخليج الأتاوات للقاعدة.وبعض من أرض الخليج فيها معسكرات لتدريب الأرهابيين وشركات وجمعياتٍ عنوانها خيري, وباطنها جرمي. تعمل لتمويل المنظمات الأرهابية.وتدعم الفكر الأرهابي وتروج له.
فبعد إن فشلت أميركا في حربها على طالبان والقاعدة وعدم تمكنها منهما , ولِدتْ داعش من الرحم القاعدي المتطرف.منظمة يقبل مقاتلوها على الموت كمن يقبل على عرس .فلقد غُسِلَت أدمغتهم وغُيِّبَت عقولهم فتوحشوا.
ركز هذا التنظيم الشرس هدفه على زعزعة الأمن بالحرب على العدو القريب. وهي دول المنطقة لأنها الأضعف. وبغباءٍ وسوء تصرفٍ من أميركا والغرب قويتْ داعش والنصرة وفصائل إرهابيةٌ أخرى. وساعدت أميركا ومعها دول الغرب وبعضٍ من دول الجوار كتركيا وإيران ودول الخليج في هذا عن سوء قصد أو تعمد. ووجدوا ضالتهم في ساسة عرب وعراقيين لا يرون أبعد من أرنبة أنوفهم ,أو مرتبطين بهذا الطرف أوذاك ,أو من اللاهثين وراء المال والسلطة.
لقد ساهمت أميركا في التمدد الداعشي ولم تعالجه كما يقتضي .وتصريحات المسؤولين الأمريكيين تدعم رأيناً هذا. فكم من مرة سمعنا من قادة الحلفاءعن أخطاءٍ في تقدير حجم قوة داعش, وتقدير إمكانيات الجيش العراقي وقدراته. وكان هذا كذباً فاضحاً و تبريراً لتباطئهم عن دعم العراق عسكرياً. فسقطت الموصل وسنجار وتكريت ومجمل أرض الأنبار وديالى ,ونصف أرض العراق تقريباً بيد داعش. وجرى التقتيل والتنكيل والسبي والتهجير والأبادة الجماعية. فجاء حلهم المشلول بالضربات الجوية الفاشلة لأضعاف داعش ثم القضاء عليها. ولا بدَّ من التعريف إن ((ثمَّ ))حرف عطف يفيد التعقيب مع التراخي .وهذا تفسيره لا يختلف عن تفسير قرار مجلس الأمن 242 بشأن نتائج حرب حزيران 1967 ذي النصين الفرنسي والأنكليزي ,حيث قال الفرنسي بإنسحاب إسرائيل من الأراضي التي إحتلتها في 5 حزران .وقال الأنكليزي بإنسحاب إسرائيل من أراضٍ إحتلتها في 5 حزيران فلاحظوا الفرق بحرفي الألف واللام. وهكذا الحرف (((( ثمَّ ))))) بقضيتنا. وماذا يعني؟؟؟ هكذا يتعامل معنا الغرب بالخدعة والحيل والتلاعب بالألفاظ. لأن حرف العطف ثمَّ فيه تراخي وزمن التعقيب فيه غير معلوم.
وكل الدلائل تشير الى إنَّ الضربات الجوية غير مجدية. ولن تحسم الموقف. والحرب البرية هي الفيصل .لأنها تعني مسك الأرض وطرد العدو. وإجهاض مخططاته.
ومع هذا من حقنا أنْ نتساءل .ماذا سيحصل في المناطق التي سيحررها الحلفاء من داعش ؟ومن سيستلم السلطة في المناطق المحررة ؟وما سيجري في العراق أيضاً ؟وهل ستنتهي المشاكل وسيستقر الأمن وتبدأ مرحلة البناء والتعمير؟ أم إن قوة إرهابية جديدة نائمة الآن, لكنها مُعدَّة منذ زمن ستظهر في الوقت المناسب. فتخلف داعش ,كما ورثت داعش القاعدة؟ وما هي الأحداث التي سيبتدعها الغرب ؟ وما إسم المنظمة الإرهابية الجديدة؟ وهل تم تدريبها في اللاذقية أم حفر الباطن أم تركيا أوقطر؟ وما نصيب إيران من كعكة المستقبل؟ ومن زعيمنا الأوحد الجديد ؟ وماذا تخفي أمريكا لنا؟؟. وأهل الخبرة يتساءلون .وإن كانوا عارفين بأن الأمور ماضية الى الأسوء . ولكن لا حول لهم ولا قوة . فنقول معهم الله المستعان عمّا يصفون.