سيأتي أَمْرُ اللَّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ

قال طارق بن زياد لجنوده: العدو من أمامكم والبحر من خلفكم. ونحن جاءنا الأعداء من خلفنا ومن أمامنا، ومن فوقنا ومن تحتنا، وعن يميننا وعن شمالنا، لا نعرف عدونا من صديقنا. تطاردنا العربات المفخخة. تبعثرنا العبوات الناسفة. ترعبنا المسدسات الكاتمة. ترك الخوف بصماته في قلوبنا وفي أرواحنا. لا توجد جيش في الكون إلا وأصبحت له قواعده ومتاريسه في وطننا الذي تحول إلى ثكنة عسكرية تعج بالقوات المحلية والعربية والغربية. اجتمعت فوق أرضنا ميليشيات دول الجوار وميليشياتنا الطائفية والعشائرية ومرتزقة بلاك ووتر. الكل هنا يحمل السلاح من صغيرنا إلى كبيرنا حتى جاء اليوم الذي صرنا فيه نحن أعداء أنفسنا، يُكَفّرُ بعضنا بعضا. يضطهد بعضنا بعضا. يقتل بعضنا بعضا.
الكورد الفيليون فقدوا حقوقهم ومزقتهم مخالب ذوي القربى، والأيزيديون تقطعت أوصالهم في المجازر التكفيرية، والمسيحيون يهيمون على وجوههم في المتاهات، وعرب الفلوجة صار مصيرهم بين الموت بخناجر الصحوة أو الموت بسيوف الدواعش أو الموت بالغارات الليلية أو الفرار نحو المجهول على غير هدى، وعرب الأهوار يعيشون اليوم في مكبات النفايات بعدما باعوا أبقارهم واشتروا بأثمانها أحدث الأسلحة التي استعملوها في الغارات التي باغتوا فيها أبناء عمومتهم والقبائل القريبة منهم، والغالبية العظمى من التجمعات السكانية القروية امتهنت التهريب والتسليب.
نحن نطلق النار في الحروب، ونطلق النار عند التحاور مع بعضنا البعض، ونطلق النار في المآتم والأعراس وفي حفلات الختان، ونطلق النار ابتهاجا بفوز منتخبنا الوطني، ونطلق النار حزنا على خسارة منتخبنا الوطني. نطلق النار على كل ثابت أو متحرك. 
القوات المسلحة تجوب الأزقة وتتجول في الطرقات ولها ملايين النقاط التفتيشية خارج المدن وفي مداخلها، لكنها لم توفر لنا الأمن والأمان، ولم تضع حداً لتنامي التشكيلات غير النظامية، ولم تنجح في كبح جماح القوى الغادرة والمستهترة والمتبطرة والمتكبرة. لا يمكن لأي منا أن ينكر خطورة الأوضاع الأمنية المزرية التي نعيشها، والتي تبدو حرجة ومخيفة بكل المقاييس، لأنها ارتبطت بوطن فقد فيه الساسة وطنيتهم، كل منهم يسعى الآن لإثبات تفوقه على الآخر بأي ثمن. 
تبقى الحقيقة بالغة المرارة، وهى أن أرض الرافدين لم تعد صالحة إلا لشركات الحفر والتنقيب والاستثمار النفطي. أما نحن فقد أصبحت الأسلحة النارية والقنابل اليدوية من مفردات حياتنا اليومية وبعضاً مما يردده أطفالنا على سبيل اللهو والمزاح في مدارسهم وملاعبهم وأعيادهم.
لم نكن مجتمعاً مستقراً أو آمناً قبل الانتخابات الماضية ولا قبل قبلها. ولم تكن حوادث القتل والاختطاف والاغتيال وغيرها من الجرائم المروعة بعيدة عنا، خصوصا بعدما أصبحت من الظواهر الطبيعية، فالبلدان المجاور لنا والتي تُعد من البلدان المتدينة جداً والمتمسكة بثوابت الورع والتقوى هي التي حرمتنا من نعمة الأمن والأمان، وهي التي أرسلت إلينا كلابها وذئابها وضباعها، ثم جاء سفلتنا ليجهزوا علينا وينفذوا مخططات تشتيتنا وتمزيقنا.
لا وجود للإرهاب في الدوحة ولا في أنقرة ولا في الرياض ولا في الكويت ولا في طهران ولا في عمان. فالإرهاب ولد هناك ثم تسلل إلينا ببغاله الظلامية لينشر ثقافة الموت والدمار في ربوع الرافدين. 
وسيأتي أَمْرُ اللَّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ