العزل الجامعي وثقافة "داعش"..! |
قرار عزل البنات عن الشباب في الجامعات العراقية لايمكن وصفه إلا بالقرار الشاذ فكريا ونفسياّ ، بل يمثل إختراقاّ صارخاّ لثوابت العملية التربوية التي انتجتها قواعد المعرفة والحضارة البشرية عبر رحلتها الطويلة . الطالبات تنادت في أعماقهن مشاعر الحرية ومقاومة قرارالعزل المشبوه،فخرجن بتظاهرات إحتجاج ورفض ومناشدة الوزير الجديد الدكتور حسين الشهرستاني بالغاء هذا القرار سيء الصيت..! الغريب في الأمر ان اساتذة الكليات والمعاهد ، تلك النخب العلمية والثقافية المتنورة قد غابت عن ساحة الإحتجاج والتظاهر.!؟ ولانعلم شيئاّ عن نشاط الإتحاد العام للطلبة وغيره من التجمعات النقابية والمهنية ، أو صمت نقابة المعلمين وسواها من منظمات المجتمع المدني ...؟ قرار العزل يأتي متطابقاّ مع تعاليم "داعش" لأهالي الموصل، ويتعارض مع تقاليد الطبيعة والمعرفة التي استقرت بتعاليم التنشئة النفسية المتحررة من العقد والتوحش الجنسي . لايمكن تفسير القرار بكونه إستعارة إسلامية ووضعه في خانة خطاب الفكر الشيعي،لأن في هذا إساءة بالغة الأثر للشيعة وتاريخهم الفكري الذي ينعطف على طروحات الثورة والحرية والعدالة وسلطة الحق ونظرة المساواة في حقوق الإنسان بحسب تفويض شريعة الإسلام . لم نعرف اسباب هذا القرار المتخلف؟ وهل يدرك المصدرون له تأثيراته الأخلاقية والتربوية والنفسية على المجتمع ...؟ بصراحة أعلى نقول ان القرار ينطوي على عقد نفسية وتربوية مرضية ضاربة عند من أصدره..! والقراءة النفسية تؤكد بلوغه درجة الكراهية والنظرة الدونية للمرأة باعتبارها عورة وهوما يسود في الجانب المتخلف من الثرثرة الريزخونية . القرار يدعو لهيمنة افكار المجتمع الذكوري وتحريماته بإيحاء من سلفية وعي متخلف يحاول تحدى منجزات الحضارة ومناهج علم النفس والإجتماع والتربية الصحية ، وهذا لاينسجم مع طبيعة المجتمع العراقي،برغم ظواهرالإرتداد والنكوص الثقافي الحضاري التي يمر بها خلال السنوات الأخيرة، كما تعطي القراءة السياسية رفضا لهذا القرار ( الخرافة ) في ضوء قواعد الدستور الدائم للعراق . نرجو ان لايمرر هذا القرار المتخلف والسيئ الصيت ، وان لايرتبط بزمن الشيعة وفكرهم ، لأنه يمثل وصمة عار ثقافي ، وإجراء يطعن في قدرة المجتمع على رفض العواصف الهمجية .
|