أوّلُ المطرِ كندا

قديماً قالتِ العربُ أوّلَ الغيث قطر..ولكن هذا المثل الشهير يستخدم لفعل الخير؛ لانّ نزول الماء من السماء في أوله يكون على شكل قطرات , وهي بشارة الخير  , والغيث في اللغة العربية يختلفُ عن المطر ؛ لإنّ المطرَ من حيث الدلالة  اللفظية مرتبط بفكرة الغضب والعذاب وقد ورد في القرآن الكريم بهذا المعنى سبع مرات وورد لفظ الغيث بمعنى الرحمة ثلاث مرات في القرآن الكريم  , لذا من الصواب أنْ يكون أولُ المطر ما حصل في كندا , حيث شهدت العاصمة الكندية أول أمس مجموعة من الحوادث الامنية , كأنها تمثل القطرات الاولى لدلالة المطر ,أي الفعل الغاضب الناذر بالشر... و على الرغم من غموض المشهد حتى اللحظة ,فهذه الاعتداءات الارهابية  تُعدُ مؤشرا كبيرا وخطيرا, يكاد أنْ يطيح بالمؤسسة الامنية الكندية وبكثير من مسؤولي الامن وغيرهم في الحكومة الكندية ...                                                                             

لاشك بأنّ الارهابَ فعلٌ غير مبرر , يتلقى الادانة من القاصي والداني , ولكن هذا الارهاب يترعرع ويزدهر في أنظمة ترفع شعار الديمقراطية بحسبها أفضل بوابة لحماية الانسان وحقوق الانسان ..تلك الانظمة الديمقراطية الغربية ,تنظر بعين الازدراء إلى حكومات الدول العربية وأنظمتها , وهي إلى حد ما مصيبة في رأيها هذا , ولكن المتتبع لطريقة تعامل الانظمة الغربية مع الاحداث في المنطقة العربية ,ولمواقف تلك الدول الغربية  في التاريخ السياسي الحديث , يصل إلى نتيجة طبيعية مفادها , بأن تلك الانظمة الغربية لاتمتلك سوى خيار المصالح التي تخدمها كشخوص وكأنظمة في آنٍ واحدٍ وعلى مدى التاريخ الحديث , فضلا عن دعمها اللامحدود لكيان معين على حساب قضية الشعب العربي الفلسطيني ,وإنْ سالت الدماء كالانهر  من البحر إلى البحر, أضفْ إلى ذلك الوصف الموجز لإخلاقيات مزدوجة المعايير في الديمقراطية الغربية , ما يتمتع به مسؤوليها من غطرسة دبلوماسية  وغطرسة فكرية , فمن غير المجدي أنْ تُسدي بنصيحة لأي مسؤول منهم  , لانه من المؤكد   سيرميها جانبا ؛  بكون عقله الباطن سوف يسيره باتجاه تجاهل المقابل بحسبه قادما من دول لاتجيد الديمقراطية ومازالت تتبع الغرب في كل صغيرة وكبيرة ,ولاسيما ما يتعلق بالحاجة الملحة للعلوم والتكنلوجيا الحديثة..                                             .                                                

 الانظمة الغربية وبعض تابيعها من مثل استراليا وكندا ... أوهمت نفسها في مستنقع الربيع العربي حين تحالفت مع الشيطان نفسه في سبيل خلق بيئة جيدة وجديدة تكون مصدر قلق دائم تشتغل معها مبيعات الاسلحة الغربية لعقود قادمة من الزمن ..فأخذت تكيل بمكيالين في جميع الامور ضاربة عرض الحائط كل الاخلاقيات ..فقد تحالفت علانية وسرا من الانظمة الملكية العربية ضد بعض الانظمة الورقية الجمهورية ,مع علم القاصي والداني بأن كلا النظامين مستبد وفاشل وقائم على أسس الباطل ,ولكنها مالت حيث آبار النفط وخزين الثروات ومشتريات الاسلحة , وتدخلت بشكل سياسي و عسكري سافر لاسابق له وتجاوزت كل المواثيق الدولية  ؟؟ ومن الباب الثاني ومن حيث لم تكن تحتسب ,فقد حصلت على أجندة سياسية  مدهشة تقوم من خلالها برسم صورة واضحة المعالم للاسلام الدموي الاجرامي ,كما كانت تحلم على مدى الدهر بتسويق هذا الفكرة في اعلامها وكتب التاريخ ,وهاهي اليوم تحصل على أفضل فرصة تارخية ,تجيد من خلالها التلاعب بهذا الوصف واشتقاق الموضوعات  المبرمجة لاهداف ايدلوجية مسبقة منها ..!!                                        

        

 هكذا احتضنت الانظمة الغربية الديمقراطية  ومنذ زمن بعيد كثيراً من الحركات الاسلامية المتشددة والمتطرفة وسمحت لها بممارسة انشطتها  بكل حرية وحماية قانونية على أرضها وانشأت لها الجمعيات الخيرية الارهابية والتي تمثل في كثير من الاحيان رؤوس الاموال المتنقلة لتلك الحركات وكانت على دراية بالدول والممالك العربية الداعمة لها  فكرا وتمويلا ..وبقيت الانظمة الغربية تحسب هذه الحركات ورقة ضاغطة على الانظمة العربية ,تصلح للمساومة في كل زمان ومكان تحت طائلة حقوق الانسان والحريات الشخصية ,وهي تمسك بالنار دون أن تحتسب ولو لحظة واحدة , وما أن حل الربيع العربي ؟؟ ضيفا عجيبا غريبا عنوانه الدماء والارواح الطاهرة ,حتى دخلت الحركات التكفيرية أو أدخلت على الخط علانية وبدعم واضح من دول الاقليم والجوار والغرب الديمقراطي ,الذي لم يكن ومازال لايستمع لأي نصيحة في هذا المجال ,ولاسيما من المتتبع العربي  ومن الاقلام الشريفة ,التي انذرت وحذرت كثيرا من مغبة السكوت عن الحركات التكفيرية ودعمها وصناعتها ولكن بدون جدوى , واليوم بعد أنْ أكلت النار في الهشيم وطار شرارها , ذاقت كندا أول حبات المطر النازل عليها لامحال ولاشك في ذلك .ومن غير مناقشة مدى جدية الاجهزة الامنية لتلك الدول ومدى قدراتها الحقيقية  , فهذا هو الحصاد الحقيقي الناتج عن العدالة الالهية ودورة التاريخ  ,حيث الوتر الطائفي والعقائدي , الذي عزفت عليه تلك الانظمة لبناء مصالحها الخاصة ,,عائد عليهم بالوبال وسيدفعون ثمن اللعبة المكشوفة غاليا عاجلا أم اجلا ..