تحسين العلاقات مع الدول الأخرى مكسب للإنسان العراقي


تسعى دول العالم بشتى أنظمتها السياسية، إلا تلك النظم التي تسعى الى خلق الأزمات؛ الى تحسين علاقاتها مع اكبر عدد ممكن من دول العالم، حتى تلك التي تختلف معها سياسيا ـ ولنقل ايديولوجياً وفق بعض التصنيفات السياسية ـ ومرد ذلك المسعى لتحسين العلاقات، هو الحرص على منفعة البلد، أي بلد، وخدمة سكانه؛ وتلك المسؤولية الاولى الملقاة على عاتق المسؤولين الذين يكرسون حياتهم للعمل السياسي؛ كما ان النجاح في ترتيب الأوضاع مع دول العالم وإقامة افضل العلاقات معها، لاسيما بقدر تعلق الامر بالدول المتجاورة، يشكل مقياسا اساسيا لنجاح الدبلوماسية في أي حكومة واي دولة.
وهكذا نرى ان دولا كثيرة تجاوزات عقد الماضي في علاقاتها ولجأت الى طي صفحاتها، وتوجهت بدلا من التنافس في المجال السياسي والعسكري الى إقامة اقوى الروابط الاقتصادية والعلمية، وفي مجالات السياحة والنقل و الرفاه.
وهكذا فان روسيا وأميركا مثلا، بعد عهود ما يسمى بالحرب الباردة طفقت تلقي صفحا عن الماضي المتأزم، واخذت تنمي التعاون المشترك في المجالات الأساسية التي تهم الناس، بما في ذلك رحلات الفضاء المشتركة؛ وبرغم ان بعض المشكلات السياسية تبرز بين آونة وأخرى بما يوحي بتعكر العلاقة بين البلدين الا ان العلاقة لن تتكدر، وسرعان ما يفلح المسؤولون في الدولتين العظميين في وأد الخلاف والتطلع الى آفاق جديدة، وقل ذلك أيضا عن علاقة الصين بروسيا التي شهدت في عهود سابقة عقودا من العداء كادت تؤدي الى الحروب.
ويمكن ضرب اكثر من مثال على تجاوز الدول خلافاتها والنجاح في رسم سياسات جديدة فاعلة، توفر الخدمة المتبادلة لسكانها وابعاد التشنجات والنأي عن المشكلات.
الا ان ما يهمنا الآن هو الدبلوماسية العراقية الجديدة، التي بدأت تنشط منذ تسلم رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي منصبه الرسمي رئيسا للوزراء؛ اذ لاحظنا تحسنا ملحوظا في العلاقات بين الجارين العراق والسعودية، بعد سنوات من القطيعة عاشتها تلك العلاقات في ظل الحكومة السابقة؛ بل منذ عهد النظام السابق قبل التغيير في عام 2003 كما تجاوز الجاران العراق وتركيا، التوتر الذي نجم عن التشنج في العلاقات بين البلدين، في ظل الحكومة العراقية السابقة، وشهد البلدان زيارات متبادلة للمسؤولين في كلا البلدين، وكذلك الامر في تحسن العلاقات العراقية الأردنية، وحتى مع دولة قطر التي أعلنت على لسان مسؤوليها استعدادها لفتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين.
ان تحسين العلاقات بين العراق والدول الأخرى، لاسيما المجاورة والإقليمية يمثل نجاحا للدبلوماسية العراقية، ويخدم اول ما يخدم الانسان العراقي الذي تأذى كثيرا من سوء العلاقات السابقة مع الدول الأخرى، التي اثرت حتى على حقه في السفر الى تلك الدول، بعد ان عمل بعض السياسيين العراقيين ـ وكذلك في دول أخرى ـ على تأزيمها بالضد من إرادة الانسان العراقي، الذي يتطلع الى الخلاص من ازماته والاستغلال الأمثل لإمكانات العراق بما ينفعه ويمكنه من العيش حرا كريما في بلده وفي البلدان الأخرى التي يتعامل معها.
ان تفعيل الدبلوماسية العراقية و سياستها الخارجية، بما يؤدي الى تحسين العلاقة مع دول العالم، وبخاصة دول الجوار و دول الإقليم؛ ستنتج عنه مكاسب كبيرة تصب في صالح الانسان العراقي أولا وأخيرا