ما تعجز عنه - الداخلية و الدفاع - .!



لابدّ من التسجيلِ ابتداءً أنّ الموضوع هنا لا علاقةَ له بداعش والدواعش لا من قريبٍ ولا من بعيد , ولا من اية مسافةٍ بينهما .
لغاية الآن , وما بعد الآن , تبدو وزارتي الداخلية والدفاع وكأنّهما في حالةِ شللٍ يخيّم على مفاصلها وأذرعها وربما على جهازها العصبي والتنفّسي وغيره من الأجهزة الأدارية والأمنيّة الأخريات , بل وكأنّ حالةً من التجمّدِ او الأنجماد تسودُ عروق هاتين الوزارتين .! إذ برغمِ تشديدِ رئيس الوزراء على ضرورة التصدي بحزم لظاهرة خطف المواطنين المستفحلة حتى في وضح النهار, فأنّ مثل هذا التشديد سوف لن يرفع من قُدُرات ومؤهلات وقابليّة قادة وضبّاط " الداخلية والدفاع " التي تبدو للعيان انها شديدة التواضعِ ! والمحدودية , ولم يظهر لنا أنّ الأجهزة الأمنيّة في هاتين الوزارتين تعكس الأدراك لمفردة INTELLIGENCE بأنها تعني معنيينِ في آنٍ واحد , حيث وبعكسِ ذلك لَما انتشرَتْ واستشرتْ ظاهرة الأختطاف هذه دونما مطبّاتٍ أمنيّة او حواجزٍ مخابراتية تحدُّ من سرعتها على الأقل .!! فَلَمْ نسمع لغاية الآن أنَّ " نقطةَ سيطرة " وبما تمتلكه من عجلاتٍ واسلحةٍ حديثة قد تصدّتْ لعمليةِ خطفٍ وتابعت والقت القبض على الخاطفين , وثمّ قامت بتعريةِ هويتهم الجنائية او السياسية وعرضها على شاشات الفضائيات .!
إنّ الأنطباع والتصوّر والمعلومات التي في ذهنيّة الشارع العراقي او لدى عموم المواطنين " وبغضّ النظرِ عن مدى دقّتها , ولكنها هكذا .! " تفيد او تتمحور بأنّ نِقاط التفتيش " السيطرات " او دوريات عجلات الشرطة او الجيش لا تتصدّى عموما لأيِّ مركباتٍ فيها شخصٌ مخطوف , بأعتبار انّ الخاطفين يدّعون انه شخصٌ ارهابي وانهم يمثّلون جهةً أمنيّةً ما , كما انّ سيّاراتهم الحديثة واسلحتهم وربما الأوراق الثبوتية المزيّفة او غير المزيّفة تحول دون تعرّض هذه السيطرات او الدوريات لهم , كما انّ مثل ذلك قد ادّى الى اختلاط الأوراق في عمليات خطف المواطنين بين عمليات العصابات الجنائية وبين ايّة ميليشيا مفترضه وسط انعدام آليّة محددة بحزم للتصدي لمثل ذلك , والى ذلك : فمن غير المعروف بل من المبهم لماذا لمْ تحاول او لم تفكّر الأجهزة الأمنيّة في كلتا وزارتي الداخلية اولاّ وثمّ الدفاع ثانياً الأستعانة بخبرات اجهزة أمنيّه عالمية مثل الأنتربول او الأسكتلنديارد البريطانية او جهاز الأمن الألماني او غيرهم لأجل متابعة وملاحقة الجهات التي تقوم بعمليات الخطف وذلك عبر اجهزتهم التقنية المتطورة والمرتبطة بالأقمار الصناعية وذات التكنولوجيا المتخصصة بهذا الشأن , وبهذا الصدد فأنه من الصعبِ للغاية الظّن والأعتقاد بأنّ القادة الأمنيين في الداخليةِ والدفاع لمْ يخالجهم شعور او لمْ يخطر ببالهم الإستعانة بالخبرات الدولية ! ولعلّ السادة لا يريدون ذلك اصلاً , ولعلّ " خبراتنا الوطنية الأمنيّة " ارفع مستوىً من الأجهزة العالمية .!
والى ذلك , فمن اغرب الغرائب ومن اعجب العجائب بل واكثر من ذلك , أنّ الولايات المتحدة المهتمّة بالشأن الأمني و " الداعشي " في العراق الى اخمصِ قدميها , وهي ما برحت وما انفكّت ترسل " بالتوالي والتوازي " جموع المستشارين والخبراء العسكريين الى العراق وبالدَفَعات المتعاقبة , فأنها لمْ تعرِض على الحكومة العراقية " السابقة والحالية " خدماتها الأمنيّة عبر جهاز ال FBI - الأمن الداخلي الأمريكي بغية الكشف و التصدّي ومتابعة عمليات الخطف والخاطفين عبر التكنولوجيا الحديثة , علماً أنّ القيادة الأمريكية تدرك وعلى درايةٍ كاملة أنّ ترّدي الوضع الأمني في العراق وبهذه الطريقة الدرامية المثيره , يؤثّر كثيرا على القُدُرات العسكرية العراقية في التصدّي لداعش والدواعش , كما لاندّعي ولا نزعم بأن لو كانت الحالة الأمنيّة سليمةً في داخل البلد , لكانَ بأستطاعة القوات العراقية دحر داعش والقضاء عليها قضاءً مبرماً , لكنّه من دون شكٍّ فأنَّ ما يشهدهُ المجتمع من اخطارٍ" مبرمجة " بنحوٍ يوميّ والمتمثلة بالتفجيرات والأغتيالات واعمال الخطف , هي أمورٌ مدروسة ومعنيّة لعدم بلوغ الأستقرار السياسي والأمني والعسكري والأجتماعي على حدٍّ سواء , بل وعدم الأستقرار في ميادينٍ اخرى كالوضع الأقتصادي وإثارة الفتنة والفرقه بين ابناء البلد , وانعكاسات ذلك حتى على المستوى الثقافي , وهل يظنُّ مَنْ يظن أنّ امتلاء العراق بوسائل الإعلام بكثافةٍ غير مسبوقةٍ في العددِ والنوع هي ليست سوى لتشتيت الرأي العام العراقي وبعثرته في كلّ الأتجاهات لنغدو شعباً بدونِ رأيٍ عام الى حدٍّ ما .!
إنّ البصيصَ الذي يكاد ان يكون وحيدا للخلاص من الحالة التراجيدية التي نعيشها هو البدء في تغيير بعض القادة وكبار الضباط في وزارتي الدفاع والداخلية ف أنْ تأمن الناس على حياتها للبقاءِ على قيد الحياة , وذلك في المقام الأول , ولا انصحُ هنا بالإفراطِ والأسرافِ في التفاؤلِ بهذا البصيصِ الذي لا يكادُ يُرى .! لكنه ايضا وما هو اشدُّ من البصيصِ , وما يبعثُ املاً مُتّقِداً في الأنفس هو حالة التصدّي الشعبي والجماهيري والعشائري لتنظيم داعش في عدةِ مدنٍ ومناطقٍ تشهدُ عملياتٍ حربية بين القوات العراقية وذلك التنظيم , وقد شهدنا مؤخرا كيف تمَّ ارغام الدواعش على الأندحار والتقهقر في " الرمادي " وهو ما يمتد الى مناطق اخريات , وبصراحةٍ , فما تحتاجه قوات وزارتي الدفاع والداخلية في تحقيق النصر العسكري على داعش هو الدعم الجماهيري لها سياسيا وعسكريا , وينبغي مراعاةُ ومداراة هذه الفرصة التي كانت مفقودةً في زمن المالكي , فالأمرُ يتطلّب استغلال واستثمار هذا القاسم المشترك وصولا الى قواسمٍ مشتركةٍ اخريات ...