المدارس الدينية والتفاعل الواقعي

اقام التجمع الثقافي العراقي الامريكي ندوة ثقافية بعنوان ( المدارس الدينية والتفاعل الواقعي )
وذلك في يوم 12 اكتوبر 2014 , في ولاية اوهايو ‪-‬ توليدو , وبدعوة كريمة من سماحة اية الله السيد د طالب الرفاعي ,
كان المحاضر فيها سماحته ,
بدأت الندوة بشكر السيد الرفاعي على حسن استقباله وتجشمه عناء التواجد والتحاضر وهو في وضع صحي خاص , عافاه الله واطال في عمره على خير وعافية
استهل الاستاذ عايد شاهين الحديث كمدير للندوة عن بدايات د الرفاعي الفكرية والعلمية ,
فكان الجواب من السيد الرفاعي ,, لقد بدأت يساريا لاني اجدها حلا لكثير من المشاكل , ثم ملت الى الوسط متأثر بشخصية جمال الدين الافغاني , ثم محمد عبده وعباس العقاد ثم بعد ذلك قرأت لامين الخوري وعائشة عبد الرحمن ثم طه حسين ,
ثم قال د الرفاعي انه قد كتب صباح هذا اليوم استحضارا لهذه الندوة موضوعا عنوانه ( الاسلام فيه تبيان لكل شي ) ويتسائل , اين مرجعيات القرن العشرين بشقيها الشيعي والسني من هذا المعنى ؟؟؟؟
مستعرضا اهم ملامح ومرتكزات ونشاطات المرجعيات انذاك ,مبينا بعض الفوارق بين مدرسة النجف ومدرسة الازهر على النحو التالي قائلا ,
ان للازهر السبق في الاستفادة من العلوم الحديثة والادارة والترجمات , والسبب ان حكام مصر قد بكروا بارسال الحملات الطلابية الى فرنسا واوربا للاستفادة من التطور العلمي والاداري ابان حكم محمد علي باشا واولاده من بعده , وقد صاحب تلكم الحملات بعض رجال العلم والفكر من مدرسة الازهر امثال ( رفاعة الطهطاوي ) فكان من نتائجها عند الرجوع الى مصر نشطات فكرية وعلمية انعكست على الشارع المصري , وقد الف الطهطاوي على ضوء ذلك كتابه الشهير ( تخليص الابريز في وصف باريز ) الذي احدث هزة في مصر وقتذاك , وقد ادركت والتقيت بعض بقايا تلكم الحملات الازهرية في مصر اثناء اقامتي فيها , امثال ( عبد الله دراز و بيصار )

واضاف دالرفاعي ان الازهر يتعلم ويشجع على تعلم اللغات كالفرنسية والانكليزية والالمانية , والنجف عاصمة العلم في العراق لا تعنى بتعلم اللغات كعناية الازهر !!!! فقد كانت حوزات النجف تنتقد حركة السيد ( محسن الامين ) التدريسية لفتحه مدرسة للبنين والبنات , والذي كان من نتاجها العلم والمعرفة , وتزويج اربع مائة شاب وفتاة من بعضهم ,,,, وقد اسس ( السيد عبد الحسين شرف ) الدين في مدينة صور اللبنانية المدرسة الجعفرية , التي كان لها الاثر في نشر الوعي والمعرفة هناك , وقد اخبرني والحديث للرفاعي طبعا ( محمد حسين المحتصر ) ان الاعم الاغلب من الطلبة كانو يخرجون من درس اللغة الانكليزية , لان تاثير الحوزة كان قويا على الطلبة في هذا المعنى ,
ولو لا وجود بعض الاشعاعات الفكرية كالشيخ ( محمد جواد البلاغي ) صاحب كتاب ( الرحلة المدرسية ) الذي تعلم اللغة العبرية والف كتابه ( الهدى ) على ضوء ذلك , لكان الوضع اسوء بكثير ,,
ومن اشعة النور والمعرفة في مدرسة النجف ( المظفر والصدر ) ايضا , ولا يخفى على العامة والخاصة امرهما وحركتهما التنورية ,,,,
ويقول د الرفاعي , ان ( جمال الدين الافغاني ) لم يجد نفسه حين كان في العراق , ففضل الذهاب الى مصر ليجد نفسه هناك , وقد اصاب الرجل ضالته في مصر , فقد كان ذكيا مفكرا ثرا معرفيا , وهو ايضا يتحدث عدة لغات , فقد عمل الافغاني على بث الوعي التنويري والسياسي لاهل مصر بشكل انسيابي على نحو الانتقاء والاصطفاء , فكان من تلاميذه الشيخ الازهري ( محمد عبده ) الذي كان لصيقا به مسايرا له في حركته هناك , وهو لم يتخرج من الازهر بعد , وكان الشيخ المتشدد وكيل الازهر ( عليش ) كثيرا ما يهاجمه وينعته بالكافر ,,
و ( عبد الرحمن الكواكبي ) ايضا كان من تلاميذ السيد جمال الدين الافغاني المتأثرين به , وهو صاحب كتاب ( طبائع الاستبداد في مصارع الاستعباد , وكتاب ام القرى ) والاول من اجمل ما قرأت من الكتب ,,
وقد نشروا ايضا ( تلامذة الافغاني ) مجلة ( المقتطف ومجلة المقطم ) في مصر لعدم استطاعتهم النشر في لبنان لوجود الرقيب ( السلطان العثماني )
وقد استبدلا ( الشيخ محمد عبده و الكواكبي ) الخطاب الوعظي الصرف , بالخطاب العلمي التحليلي تماشيا مع القران الكريم ( قل هاتوا برهانكم ,,,,,,,,,, ) فسرب الكواكبي الوعي السياسي والوعي العلمي لاهل مصر , فالاول لمقاومة الاستبداد والثاني لنشر التنوير العلمي والثقافي , وقد خلَف هذا الفكر الجديد ( الوعي السياسي ) جيلا ينادي بالحقوق العامة والثورة على الاستبداد , كالمحامي والزعيم الوطني (سعد زغلول ) الذي اسس فيما بعد حزب (الوفد ) والذي ضم فيه المسيحين والمسلمين وغيرهم على حد سواء , لان الاصل في عمل الاحزاب الوطنية المواطنة وليس الاديان والمذهاب , وانا اقول بهذا الرأي الان بعد هذ الخبرة الطويلة مع الحوزات والاحزاب ,, و كما يقول الامام علي ع في وصيته المشهورة ( اما اخ لك في الدين او شبيه لك في الخلق , فلا تكن عليهم سبعا ضاريا ) ,, واما الثاني وهو ( الوعي التنويري ) فقد نهضا به الشيخ محمد عبده و رفيقه الكواكبي على احسن وجه ونشرا ما كان يجب ان ينشر في ذلك الوقت ,,,,
ولو ان مدرسة النجف سارت على نهج رصين يتماشى و واقع التقدم العلمي والثقافي المفترض في حينه كما فعلت مدرسة الازهر واتستقطبت الطاقات الفكرية والنشاطات الثقافية لكان الحال افضل بكثير مما هو عليه الان , أ هـ

ثم بدأت الاسئلة بالشيخ ماجد السعدي , حيث شكر السيد الرفاعي وقال ان د الرفاعي هو اخر العملاقة الباقين من ذلك الجيل المميز ,, فكان سؤاله , هل تعتقد يا سيدنا الرفاعي ان يكون في الامة من مثل ذلك الجيل ؟؟؟؟
فاجاب د الرفاعي ,الخير في الامة موجود , فبعد ان تنقشع السحب ستخرج ثلة من المفكرين , فهم موجودون , ومن خلال زياريتي الاخيرة للعراق وجدت هناك طليعة جيدة , وها انا اجد الان امامي ثلة منهم . فظن في امتك خيرا وستجد ما تفتقده ,

ثم تسائل الاستاذ سالم الشمري , كيف تكون المقارنة بين الازهر والنجف ؟؟ لان مدرسة النجف انكفأت على الفكر التأسيسي ولم تحقق اي منجز على صعيد الفكر انذاك , وان السيد ( محمد باقر الصدر ) لم يكن من نتاج منتدى النشر وغيرها من حركة الوعي والتنوير فيها , بل هو حالة خاصة ,, اما في مصر فالازهر قد حقق منجزات فكرية يعتد بها, والسبب اعزوه لحركة الوعي و انتكاس الاسلام السياسي هناك ,
فكان جواب د الرفاعي , ان مصر قبل جمال الدين الافغاني كانت متخلفة بسبب سيطرة الخديوين على الازهر , ووجود مشايخ التشدد والانطواء فيه , امثال الشيخ عليش وغيره الذين كانو يسيطرون على الازهر بشكل لا يسمح ان يدخل اليه الفكر والوعي والتجديد , وقد قال الشيخ محمد عبده في هذا المعنى ( ولكن دينا اردت خلاصه *** مخافة ان تقضي عليه العمائم )
وقد اخبرني المرحوم (الشيخ محمد ابو زهرة ) ان الشيخ عليش من فرط تشدده منع الازهرين من الصلاة على جنازة الشيخ محمد عبده وتشيعه عندما مات رحمه الله قائلا , هذه الجنازة ليست منا أو هذا الشيخ ليش ليس من موتانا ,,,,

ثم تسائل الاستاذ عبد الاله الجابري , هل النكسة التي تمر بها الامة بسبب تقاعس النخبة ؟؟؟
فاجاب د الرفاعي , ساجيبك على سوالك بشكل تفصيلي في وقت لاحق , لكن اقول , المستنيرون والنخبة كثر في العراق وفي مدرسة النجف , والبلاغي ومؤلفاته الكثيرة ومنها ( نقد الاقتراحات المصرية ) شاهد واضح على وجود المتنورين ,

ثم تسائل الاستاذ حيدر التميمي , كيف تقرأ اصل النص وتعدد افهام النص له , وحاجات الناس الانية بينهما ؟؟ واين تضع الشيخ ( محمد حسين النائيني ) ومؤلفه الشهير ( تزية الملة و تنبيه الامة ) في موضوعة التنوير ؟؟
فجاء جواب د الرفاعي , القران قطعي الصدور ظني الدلالة , واختلاف افهام النص في اختلاف دلالات النص ,, والاجتهاد يدور مدار ظنية النص , وحاجة الناس بينهما ,, وقد قرأت كتاب الشيخ النائيني المشار ليه ولم ارى فيع انارة , لكنه وضع ما يجب ان يكون ,او ما لا يجب ان يكون في ذلك الوقت ,,,,

ثم تسائل الاستاذ مصطفى العمري , شكرا للرفاعي لتعزيزه الوعي فيَنا , وانا مؤمن ان الموؤسسة الدينية لم تنهض باعباء الامة , لان الاساسات التي بنيت عليها غير متينة , وهناك ضعف في الادارة التي تدار فيها , ونحن نريد موؤسسة تتفاعل مع النص بواقعية ,
فاجب د الرفاعي , اصابة الحقيقة والوقوف عليها ليس سهلا , فان بذل الانسان جهده و وصل به اجتهادة بدون هوى النفس , يجوز له العمل به , فان لم يكن له ذلك فعليه متابعة الاعلم ومعرفة اتباعه , والنص قرانا وسنة هو الدين , والعلماء يفسرونه اذا اختلف فيه , اما مع عدم وجود الاختلاف فلا حاجة ,
ثم اضاف العمري , هل تستطيع اعادة قراءة النص ؟؟
فاجاب د الرفاعي , السنة واضحة الدلالة ظنية الصدور , لانها نسبت الى رسول الله فهي ظنية , والعلماء وضعوا ( علم الرجال ) للتحقيق في صحة الصدور , ونستشهد على ذلك بقول العالم الفيلسوف ابن سينا ( كل ما قرع سمعك احمله على الامكان , حتى يذودك عنه قاطع البرهان )

واخيرا تسائل الاستاذ عايد شاهين , هل ترون حلا ممكنا او مزاوجة بين النظم المدنية والنظم الاسلامية ؟؟
فاجاب د الرفاعي ,نعم و رأيي تغير نحو المدنية الان , بعد ان كنت ضدها , وانا من موؤسسي حزب اسلامي معروف ( حزب الدعوة ) لان المدنية ليست ضد الاسلام من وجة نظري الان , انما هي تتساير معه ,,,, ثم انهيت الندوة بشكر الدكتور الرفاعي على سعة صدره وجميل اجوبته ,