وعليكم السلام سيادة الرئيس

عندما تساءلت في عمود الخميس الفائت عما إذا كان رئيس الوزراء يقرأ ما نكتب أو لا، وضعت في بالي انه قد لا يرى العمود أصلا بفعل انشغاله بالمصائب والكوارث التي ورثها من سلفه. كنت سألتمس له عذرا إن لم يجبني لأن الذي فيه مكفيه، كما يقول العراقيون.
في أحسن توقعاتي كنت أحسب ان أسمع جوابا منه بعد ان يخف وقع المصائب وتبدأ الدولة بالتعافي من الشلل الذي أوقعها به غياب العقل والضمير في العقد المنصرم. الرجل ابتلى بتركة مريرة والمبتلى معذور على كل حال.
لكني، في أشد حالاتي تفاؤلا، لم اكن أتوقع ان يأتيني الرد على سؤالي خلال ساعات وليس أياماً. ففي يوم الخميس ذاته الذي نشر به العمود، اتصل بي المدير الإعلامي لمكتب رئيس الوزراء الزميل قاسم محمد جبار لينقل لي سلام الدكتور حيدر العبادي مع رسالة خاصة منه تقول انه يتابع ويقرأ ما أكتب. أفرحتني الرسالة، لا لأنها تخصني، بل لما تحمله من معان أعمق وأبعد. نحن لسنا في زمن الانتخابات لنقول بأن الرجل يحوش نار الدعاية لقرص فوزه فيها كما يفعل الكثير من السياسيين. تذكروا كم هو عدد حمائمهم التي كانت تتودد للصحفيين في أيام الدعايات الانتخابية ثم تدير لهم ظهورها حالما تفوز. ثم أني اجد فيها مؤشرا على تغيير مهم في موقف الحكومة من الصحافة والصحفيين. لم نعهد تقاليد سابقة من هذا النوع من الاستجابة عند حكامنا السابقين. فنحن معاشر الكتاب والإعلاميين، عوملنا خلال السنوات الثماني الفائتة كما الأعداء لأننا دأبنا على وضع اليد على ""دنبلة الخضراء" المقيتة. لم يكتف "السابق" بإعطائنا أذناً طرشاء فقط، بل صار يطارد بعضنا بأوامر إلقاء قبض سبقتها "قواته الأمنية" بجلد شبابنا أمام أعين الناس في بادرة لم يسبقه إليها حتى صدام حسين.
من يجيب الصحفي يعني انه يستمع لهموم الناس ويهتم بها. ولا يفعل ذلك إلا من كان متحضراً وصاحب ضمير.
شكراً سيادة الرئيس لأنك تحترم الناس وتهتم بأسئلتهم رغم الظرف الذي يمر به البلد. جميل أن نسمع منك أنك تقرأ ما نكتب. والأجمل أن تجيب عن أسئلتنا بهذه السرعة. إننا سعداء حقاً بأن نسمع منك شخصياً أنك تقرأ "المدى" وما نكتبه فيها سواء كان لك أو عليك.