تغيير قواعد الصراع الروسي الامريكي جذريا


المعلوم لدينا ان كل من روسيا وامريكا لو سمحت امكانياتهما ومصالحهما انهما تُقدِما على افعال و انهما تتكالبان على البعض باية طريقة كانت، و لكن الظروف الذاتية لكل منهما تجبرهما على اتباع لعبة مغايرة لم تمارساها من قبل، بل تتخذا من المراوغة و التكتيك المرحلي اساسا للعباتهما في هذه المرحلة على الاقل . وهما تجبران في اكثر الاحيان على فعل تتخذاه ن دون الاخذ بنظر الاعتبار لمصالح من يكون في دائرة كل منهما من جهة، و بالمقابل دون ان تحذرا من ما يهم او لمصلحة من يكون فعلهما، ضمن اطار العلاقات الخاصة مع الاخر المصارع او فيما يمكن ان نعرفه بالمحور الاخر من جهة اخرى . منذ انهيار الاتحاد السوفيتي و بعد انتعاش روسيا قليلا من المآزق و الازمات التي عاشتها طوال عقد و نيف و لازالت تحت وطئة تركتها من حيث الازمة الاقتصادية و الصعوبات المعيشية و الضغوطات السياسية و تهريب الاموال و التحديات الاجتماعية و التي ادت الى الفوضى الشاملة، مما تسببت في انتشار الجريمة و التخبط الكامل نتيجة التخلخل في السلطة و عدم تثبيت اركانها . تغيرت روسيا منذ مجيء بوتين و المتمسك بالقوة بروسيا، و تمكن من تقوية السلطة و المكانة الروسية بشكل ملحوظ ،مما ادى هذا الى تماسك الدولة وتقوية امكانياتها في مقاومة التحديات الكبيرة التي واجهتها . بعدما تاكدت امريكا من امكانية خروج روسيا من حالتها الخاصة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي عملت و من الجانب الاقتصادي خاصة على تحذيرها و تنبيهها بطرق شتى من حيل و لعب خبيثة كما تفعل اليوم بمعاونة من هو ذيلها من الدول البترودولارية لحد الان من التاثير على سعر النفط و خفضه قدر الامكان، حتى ان كان على حساب شعوبهم . 
فرضت العقوبات على موسكو بسبب قضية اوكرانيا و ما خلقته و ما فعٌلته امريكا فيما بعد و جعلته قضية، و في منطقة حساسة لروسيا .وانا على اعتقاد اضافة الى ما يجري في اوكرانيا فان امريكا سوف تجد حجة ما لتخلق قصة و قضية ما مستقبلا في مولدافيا و فنزويلا و بعض الدول الاخرى القريبة من روسيا ايضا .
اضافة الى التحديات المصلحية الخارجية لروسيا، فان التحديات الداخلية بعد انخفاض اسعار النفط و نزول قمية الروبل و ترنحه و الضغوطات السياسية الداخلية ايضا، اثرت بشكل مباشر على الوضع العام و حياة الناس بشكل مباشر .
القواعد التي تتبعها امريكا منذ عقدين هو كسب من كان في المحور السوفيتي اقتصاديا قبل السياسة و تداعياتها، و اخر ما اقدمت عليه هو تنازلها لكثير من الامور لكسب ود كوبا فقط محاولا اخراجه من الدائرة الضيقة التي بقت عليها و على مواقفها رغم كل ما جرى . و هي في محاولات حثيثة في التقارب الاقتصادي مع العدو القديم الجديد فيتنام و انهما تتقاربان ايضا يوما بعد اخر، اما كوريا الشمالية لربما ستجد امريكا منفذا و هي تتنازل عن ما لا يعتقده اي متابع، و نفذت مآربها مع ايران ايضا و هي في نهايات الطريق .
فان امريكا تلوح لاصدقائها و اعدائها، على انها في خضم حرب باردة جديدة مع روسيا او هكذا تروج، و لكن تدعي انها وفق قواعد مختلفة عما كانت ايام الاتحاد السوفيتي . فان الازمة الاقتصادية التي تعاني منها روسيا الان جعلته هي في المقابل تغير قواعد لعبتها، فانه بدلا من بناء قواعد عسكرية في الدول التي تعتبرها قريبة منها فانها تتفق معها اقتصاديا و مع ذلك تنشا محطات صغيرة لتزود سفنها و طائراتها بالوقود كما هو حال طرطوس و ما وفرت من المنفعة لها في صراعها القائم الان في المنطقة و دعمها للاسد، و هكذا حاولت مع كوبا و الدول امريكا اللاتينية كذلك و تستمر.
المشكلة الاساسية في روسيا و كما يعلمه المتابعون، هو عدم تنظيم البلد على استراتيجية معينة لحد اليوم، و لم تحدد اهدافها العامة و رؤياها للفلسفة و الفكر التي يمكن ان تتبعها و ما يمكن ان تعقد وفقها العلاقات العامة خارجيا او تسير نظام حكمها داخليا، و هي تترنج يمينا يسارا لحد اليوم . 
المعلوم ان لروسيا الامكانيات و القدرات الكبيرة من المعرفة و التقدم التكنولوجي و المعلوماتي و ما تلمكه من المواد المعدنية و النفط وا لغاز و الاهمية الديموغرافية، اضافة الى خبرة كبيرة و الموارد البشرية و الارث الحضاري، ناهيك عن القدرات العسكرية، و هي جميعها متواجدة في وسط فوضوي مما حدا بها الى التآكل و الانقراض تديريجا، ربما تنقرض مستقبلا ان سارت هكذا و استمرت على الحال، ان لم تلم نفسها و تكامل ما تملك مع البعض لبناء القدرة و هي قادرة عليها، و الاهتمام بمعالجة تهريب الاموال و تحدي الازمات الاقتصادية بسيطة لديها لو قورنت مع الفوضى الفلسفي و السياسي التي تمر بها روسيا، و هي فاقدة لاستراتيجية واضحة، و هذا ما تعاني منه اكثر مما تعانيه من تحدي امريكا لها . فانه قد حاولت تغيير قواعد لعبتها في الصراع مع امريكا و سارت اشواطا فيها ايضا و لكنها واجهت التحدي الاكبر بعد ما حصل انخفاض لاسعار النفط، و انها تحتاج الان لتخطيط و عمل جبار و استراتيجية بعيدة المدى خارجيا و داخليا لمواجهة الموقف