القضاء العراقي يحرر نفسه

هل تودون ان أدلّكم على ما هو ـأشد خطرا على الدولة من داعش؟ لا أخطر من تسييس القضاء الذي يعني إذلاله وجعله مصدرا لنشر الظلم بدل العدل. والأخطر من التسييس هو ان يهيمن على القضاء حاكم قرقوشي ناقص عقل وضمير. أي دولة، حتى لو كانت في السماء، يكون فيها القضاء تابعا للسلطان وحاشيته اقرأوا على وجودها السلام عاجلا او آجلا. احتلال داعش للعراق، وما فعلته به من جرائم غير مسوقة بحق أبنائه وثرواته وسلاحه، نتيجة حتمية للسياسات الرعناء والجاهلة. أما تسييس القضاء فهو ان لم يكن السبب الرئيس لفتح الطريق أمامها وأمام غيرها من الكوارث، فانه يقف في مقدمة تلك الأسباب.
نحن كتاب ولسنا قضاة. كتبنا هنا في "المدى" غير مرة عن الظلم الذي وقع بحق سنان الشبيبي ومحمد علاوي ورحيم العكيلي وغيرهم. طالبنا القضاء ان لا يخلصهما من التهم الكاذبة بل ليخلص نفسه من التبعية لمزاج الحاكم ليحافظ على احترامه لنفسه. الدولة التي لا تحترم القضاء لا تحترم الناس قطعا. وقضاء يرضى أن يمتطيه السراق والأغبياء لا يلوم الا نفسه ان وجدنا لا نحترم احكامه. أي قضاء هذا لا يحاكم قاضيا نائبا يرشي الناس ويهددهم ان لم ينتخبوا "سيده" ويطارد الأبرياء؟
مع كل ما ترك القضاء العراقي في نفوسنا من جروح خلال الثماني سنوات الماضية، نبارك له تحرره من قيود رئيس السلطة التنفيذية السابقة وافكاره المدمرة. اعلان براءة الشبيبي وعلاوي نقطة تحول كبرى نتمنى ان لا تكون هي الأولى والأخيرة.
نعم لقد أطفأ القضاء العراق أخيرا شيئا من جمرات الأسى الاّ جمرة واحدة تلسع دواخلي بسؤال: هل يا ترى لو ظل المالكي على الكرسي سيعلن القضاء العراقي قرار براءة المظلومين؟ اني لأخاف ان عاد حاكم متغطرس آخر، لا سمح الله، ان تعود حليمة لعادتها القديمة. فهل من ضامن او ضمان يا حضرات القضاة؟